أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ الوضع الحكومي في لبنان تحلحل بعد وساطة قام بها الفرنسيون والإيرانيون، وبالتالي لا أسباب تبرّر اليوم أيّ تأخير إضافي في استحقاقات الحكومة، مشيراً إلى أنّ هذه الحكومة هي حكومة رئاسة جمهورية وحكومة رئاسة مجلس وزراء وحكومة رئاسة مجلس نواب بعد أربع سنوات.
وفي حديث إلى تلفزيون "OTV" ضمن برنامج "بالمباشر" أداره الإعلامي رواد ضاهر، لفت أبو فاضل إلى أنّ بقاء الحكومة لأربع سنوات ليس مضموناً، وأنّ بوادر الخلاف قد بدأت على أكثر من صعيد، معتبراً أنّ الحكومة عاديّة فيها ناشطون لديهم نيّة للعمل فعلاً، في مقابل آخرين غير مكترثين كثيراً.
وأكد أبو فاضل أنّ وزراء تكتل "لبنان القوي" و"حزب الله" وغيرهم يريدون العمل فعلياً من خلال الحكومة، مشيراً إلى وجود وزراء آخرين في المقابل، يسعون إلى إثبات وجودهم من خلال الحكومة للاستمرار.
"القوات" بيضة قبان في الحكومة؟
وانتقد أبو فاضل أداء حزب "الكتائب" الذي كان أكبر الأحزاب اللبنانية وأكبر من "حزب الله"، مشيراً إلى أنّه لا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه إذا لم يستلم الرئيس أمين الجميل من جديد قيادته، لافتاً إلى أنّ الحزب كان له وجود بعد العام 2000 حين استلمه الرئيس الجميل بعد عودته من باريس.
أما على صعيد "القوات"، فلفت أبو فاضل إلى أنّ الدكتور سمير جعجع محتار ماذا يفعل، مشيراً إلى أنّ "القوات" تتلقى دعماً مالياً إلى حدّ كبير، ولذلك لا تزال محافظة على مكانتها، وعرفت كيف تتصرف في الانتخابات النيابية لتحقق ما حقّقته، كما أنّ ماكينتها الانتخابية كانت من أهمّ الماكينات.
وقال أبو فاضل إنّ كلّ هم "القوات" في الحكومة أن تكون بيضة القبان، وهذا ما يسعون له، وقد يحققونه في فترة من الفترات، لافتاً إلى رهانات على تجدّد الخلافات بين التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل من جهة، ورئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة ثانية، معرباً عن اعتقاده بأنّ الحكومة تضمّ الكثير من "الديوك"، محذراً في هذا السياق من أنّ "المشكل قريب".
تناغم بين "حزب الله" و"القوات اللبنانية"؟
ورأى أبو فاضل أنّه سوف يكون هناك خلاف قوي بعد فترة على العديد من المواضيع، متحدّثاً في الوقت نفسه عن نوع من التناغم في بعض الملفات بين "القوات اللبنانية" و"حزب الله"، مشيراً إلى أنّ حركة "أمل" و"المردة" و"القوات" و"الاشتراكي" حريصون على بعضهم البعض في الحكومة الجديدة في وجه الوزير جبران باسيل وإلى حد ما "حزب الله".
ورداً على سؤال حول كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، جدّد أبو فاضل انتقاد اتفاق الطائف، معتبراً أنّه ليس "أمراً مهماً كما يظنّ البعض"، مشدّداً على أنّ ما يهمّه هو "المناصفة". وأشار إلى أنّ جنبلاط قلق على توريث نجله النائب تيمور جنبلاط، وقلق على الجبل، وقلق من المرحلة المقبلة، خصوصاً لجهة مزاحمة ابنه، وتحالف الوزيرين السابقين طلال أرسلان ووئام وهاب.
"أنتينات" جنبلاط لم تعد تجدي نفعاً
واعتبر أبو فاضل أنّ "أنتينات" جنبلاط لم تعد تجدي نفعاً، وأنه بات هناك اليوم صحون لاقطة ولم تعد "الأنتينات" تنفع، منبّهاً إلى أنّ جنبلاط يمتدح "التكفيرييين" أحياناً نكاية بالنظام السوري، وهذا أمر خاطئ، مضيفاً أنّ "السيليكون الكنعاني (نسبة إلى غازي كنعان) انتهت مدّته"، مشدّداً على أنّ ما يقوم به جنبلاط لا يريح الجبل، وأنّ الجبل لا يهدأ إلا إذا هدأ جنبلاط.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ محور المقاومة والممانعة الذي كان ينتمي إليه جنبلاط في مراحل معيّنة، اتخذ قراراً بمقاسمة جنبلاط، ولذلك جنبلاط يدرك أنه لم يعد له دور ضمن هذا الموقف لا مع سوريا ولا مع الموجودين في لبنان، مشدّداً على أنّه لولا السعودية والرئيس بري لكان جنبلاط اليوم لا يزال يخطئ بحق الرئيس الحريري، لافتاً إلى أنّ السعودية هي التي ترتّب وضع جنبلاط، إضافة إلى الرئيس بري.
معركة رئاسة الجمهورية فُتِحت
ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الحكومة ستشهد سجالات داخلها، متوقعاً استمرارها لسنة أو سنتين وليس أكثر من ذلك، مشدّداً على أنّ معركة رئاسة الجمهورية فُتِحت، وأنّ "حزب الله" لم يأخذ قراره بعد لجهة دعم رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية أو الوزير جبران باسيل في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وقلّل أبو فاضل من شأن البيان الوزاري، لافتاً إلى أنّ أيّ بيان وزاري لم ينفَّذ في لبنان سابقاً، مشدّداً على أنّ الأهمّ منه يبقى المعادلة الذهبية القائمة على الجيش والشعب والمقاومة، إضافة إلى ضرورة الحفاظ على المال العام. كما جدّد انتقاده لشكل حكومة الوحدة الوطنية التي تمنع المحاسبة، مشيراً إلى أنّ حكومات الوحدة تأتي في ظروف معيّنة بعد الحرب، وليس في ظروف عادية كالتي نعيشها.
العلاقات مع سوريا يجب أن تكون طبيعية
وأكّد أبو فاضل أنّ وضع الليرة بألف خير، منتقداً التصويب على العهد من خلالها لتصوير الوضع المالي وكأنّه ينهار في لبنان، منوّهاً في هذا السياق بأداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أسّس لسياسة نقدية مهمّة. وتحدّث عن "مؤامرة" على البلد وعلى رئيس الجمهورية ميشال عون من خلال الأكاذيب والإشاعات والافتراءات التي تلاحقه، ملمحاً إلى دور لإسرائيل خلفها، بالإضافة إلى بعض الشخصيات في الداخل.
وشدّد أبو فاضل رداً على سؤال، على أنّ العلاقات مع سوريا يجب أن تكون طبيعية، معتبراً أنّ من لا يريد التعامل مع سوريا هو غير الطبيعي، متحدّثاً عن منطق وأصول يجب اتباعها في هذا الموضوع، مذكّراً بكلام رئيس الجمهورية عن أننا مع سوريا في سوريا. وأكد أنّ الوزير جبران باسيل سيزور سوريا بعد نيل الحكومة الثقة، مشيراً إلى أنّ الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل أصبحوا على قناعة بأنّ العلاقة مع سوريا هي علاقة طبيعية جداً، وسوف تحصل.
سوريا لن تطلب العودة إلى الجامعة العربية
وأكد أبو فاضل احترامه للوزيرة مي شدياق، مشيراً إلى أنّه يعزّها، مجدّداً ثناءه على الوزيرات النساء في الحكومة الجديدة، وبالتحديد الوزيرة شدياق، ولو كان يعارضها في الموقف السياسي. وإذ لفت إلى أنّ من حقّ شدياق أن تنتقد الوزير باسيل أو غيره، وهي حرّة برأيها، أكد أنّ الأمور سائرة بهذه الطريق بالنسبة للعلاقات مع سوريا.
وشدّد في سياق متّصل، على أنّ سوريا لن تطلب هي عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، خصوصاً أنها تعتبر الأخيرة مهترئة، لافتاً إلى أنّ سوريا هي التي تغني الجامعة العربية خصوصاً في هذا الظرف. ونفى رداً على سؤال، وجود فرملة للاندفاعة العربية باتجاه سوريا، لكنّه أشار إلى أنّ السعودية تريد أن تطلب سوريا عودتها إلى الجامعة، وهو ما ترفضه سوريا، باعتبار أنّ من قرّر طردها من الجامعة عليه أن يعيدها من تلقاء نفسه.
فشل الحكومة ليس فشلاً للعهد
واستغرب أبو فاضل الانتقادات التي توجّه للوزير جبران باسيل من كلّ حدبٍ وصوب، مشدّداً على أنّه لبناني ووطني مئة بالمئة، مستهجناً الضجّة التي أحدثها كلامه حول إسرائيل، علماً أنّه سبق أن قيل الكلام نفسه في قمّة بيروت، وصفّق له نفس من ينتقدون باسيل اليوم، علماً أنّ موقف الأخير واضح من العداء مع إسرائيل، داعياً من يهاجمون باسيل اليوم، إلى أن "يخيطوا بغير هالمسلة".
وشدّد أبو فاضل على أنّ فشل الحكومة ليس فشلاً للعهد، بل هو فشل للجميع، لكونها حكومة تجمع مختلف الفرقاء من تيار المستقبل إلى القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل وتيار المردة، مشيراً إلى أنّ رئيس الجمهورية رجل يحمل كل الثقة والاحترام، محلياً ودولياً، لمواقفه ومحبته لبلده ومحبته لجيشه وأجهزته، واحترامه للقضاء.
لبنان سيرفض التعامل مع إيران من باب السلاح
ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الدولة اللبنانية سترفض أن تتعامل مع إيران من باب السلاح، وذلك بسبب العقوبات الدولية المفروضة على إيران والتعامل معها، خصوصاً أنّ قطع السلاح وآليات الجيش اللبناني تأتي من الولايات المتحدة، مشيراً في المقابل إلى أنّ سلاح حزب الله مرتبط بإيران كما أنّ تيار المستقبل مرتبط عضوياً بالمملكة العربية السعودية، مشدّداً على أنّ حزب الله لم يعد حزباً عادياً بل أصبح حزباً يقاتل على حدود إقليمية، ولافتاً إلى أنّ الحكومة ما كانت لتُشكَّل لو لم يوافق الحزب عليها.
في المقابل، اعتبر أبو فاضل أنّ زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى لبنان ستفتح الباب أمام زيارات عدد من المسؤولين العرب منعاً لخسارة لبنان، متحدّثاً عن محورين يتصارعان في المنطقة اليوم، الأول يضمّ مصر ودول الخليج وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية والأردن، والثاني يضمّ تركيا وقطر وربما إيران في مراحل معيّنة، وكلّهم يتسابقون اليوم على لبنان، فيما الأخير لا يريد أن يكون محسوباً على محور ضدّ آخر.
وشدّد أبو فاضل رداً على سؤال، على أنّ حزب الله لن يأخذ البلد إلى أيّ مكان، وهو في النهاية لبنانيّ، مشيراً إلى أنّ وضع سوريا الرئيس الحريري وغيره على لائحة "الإرهاب" جاء بسبب التحريض الذي كان واضحاً على سوريا في مرحلة من المراحل، علماً أنّ الرئيس الحريري نفسه قال في إحدى المرّات إنه دفع "ثروته" على ما سمّاها "الثورة" في سوريا.