بعد تشكيل الحكومة الجديدة، راهن الكثيرون على إنفراط عقد "اللقاء التشاوري" الذي يضم النواب السنة المستقلين. في الأصل عقدة تمثيل هؤلاء كانت، بحسب ما كان يتذرع رافضو تمثيلهم، بعدم إنتمائهم إلى كتلة نيابية واحدة، فأغلب أعضائه ينتمون إلى كتل نيابية أخرى: النائب قاسم هاشم في كتلة "التنمية والتحرير"، النائب الوليد سكرية في كتلة "الوفاء للمقاومة"، النائبان فيصل كرامي وجهاد الصمد في "التكتل الوطني"، في حين يبقى كل من رئيس حزب "الإتحاد" النائب عبد الرحيم مراد والنائب عن "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية" النائب عدنان طرابلسي.
هذا الرهان، يعود إلى أنّ خلافات في وجهات النظر بين أعضاء اللقاء، لم تغب حتى خلال خوضهم معركة تمثيلهم في الحكومة، لا سيما مع بروز اسم جواد عدرا كمرشح عنهم، الإسم الذي لم يكن أغلب الأعضاء على معرفة شخصية به، قبل أن يتم تجاوز الأمر، وصولاً إلى تسمية وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية حسن مراد في نهاية المطاف.
من وجهة نظر مصادر مقربة من "اللقاء التشاوري"، النتيجة الأبرز التي تم التوصل إليها هي الحفاظ على وحدة اللقاء نفسه، نظراً إلى الأهمية التي يشكلها بالنسبة إلى إعضائه في ظل المنافسة التي يخوضونها مع تيار "المستقبل"، حيث أن جميعهم، في الإنتخابات النيابية، كانت معاركهم مع منافسين ينتمون إلى التيار، وتؤكد بأن هذا الأمر لا يمكن تجاهله على الإطلاق، لأن تعاونهم سيشكل ركيزة أساسية للعمل في المرحلة المقبلة.
وتشير المصادر نفسها، عبر "النشرة"، إلى أنه في هذا الإطار يأتي الإجتماع التنسيقي الذي عقد بين أعضاء اللقاء قبل جلسات الثقة النيابيّة، حيث تعتبر أن "الصورة الجامعة، بحضور ممثل النواب الستة في مجلس الوزراء، تؤكد أن اللقاء يحافظ على وحدته رغم كل ما قيل في الفترة السابقة"، وتشدد على أن مثل هذه الإجتماعات ستتكرر في المرحلة المقبلة عند كل إستحقاق، بغية تنسيق المواقف من كل القضايا المطروحة، وهو ما سيشكل قيمة مضافة لهم، حيث سيستفيد كل نائب من دعم مجموعة أخرى من النواب له، وبالتالي عدم الإستفراد به في ظل الماكينة الخدماتيّة التي يملكها "المستقبل".
من ناحية أخرى، تراهن هذه المصادر على رفع عدد أعضاء اللقاء، بعد بتّ المجلس الدستوري في الطعون النيابيّة المقدمة أمامه، لناحية إعلان فوز المرشح عن "جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية" طه ناجي عن دائرة طرابلس-المنية-الضنية، على حساب عضو كتلة "المستقبل" ديما جمالي، حيث توضح أن المسألة حسابيّة فقط، وبالتالي لا يمكن إلا إعلان فوزه بعد إعادة العملية الحسابية، ما يعني أن عدد أعضاء اللقاء سيصبح 7 نواب بالإضافة إلى وزير، مقابل تراجع عدد أعضاء كتلة "المستقبل".
على الرغم من ذلك، تؤكد المصادر المقربة من اللقاء أنه لا يبغي خوض معركة المعارضة من خارج أو داخل مجلس الوزراء، بل على العكس من ذلك هو يعتبر نفسه في مرحلة جديدة تتطلب تعاون جميع الأفرقاء لمواجهة التحديات الإقتصادية والإجتماعية المعروفة، وبالتالي المشاركة في ورشة الإصلاح ومعركة مكافحة الفساد، الأمر الذي يقع على عاتق الحكومة مجتمعة، إلا أن هذا لا يمنعها من التشديد بأنه سيكون للقاء مواقفه الواضحة من مختلف القضايا التي ستطرح.
في المحصلة، يدرك أعضاء اللقاء أن "المستقبل" لم يهضم بعد المعركة التي خاضوها، بالتعاون مع حلفائهم لا سيما "حزب الله"، لفرض تمثيلهم في الحكومة الجديدة، الأمر الذي سيكون موضع متابعة في المرحلة المقبلة في ظل التنافس القائم على الساحة السنّية، إلا أنهم يعتبرون أن إستمرار التعاون فيما بينهم سيؤمّن لهم ظروفاً أفضل في المواجهة.