فعلها الدكتور محمد كركي رئيس مجلس إدارة الضمان، تجرَّأ فأقدَم ليُعطي مثالًا لا يُستهان به عن أن محاربة الفساد تحتاج إلى أيادٍ نظيفة لا ترتجف حين توقِّع قرارًا يطيح رؤوسًا فاسدة أو مؤسسات فاسدة.
فعلها الدكتور محمد كركي، لم ينتظر غطاءً من أحد، ولم يأبه ما إذا كان أحدٌ يتمتَّع بغطاء، حكَّم ضميره فوقَّع قرارًا مرَّ وقتٌ طويل لم يسمع اللبنانيون بمثله.
***
الخبر المدوي يقول: قرَّر الضمان فسخ التعاقد مع مستشفى الجامعة الاميركية.
الخبر وقع كالصاعقة على الرؤوس التي لم تعتَد على هذا النوع من القرارات، في بلد انتهج سياسة المسايرة وتمييع الأمور وتدوير الزوايا.
ماذا في القضية؟
منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا، وجَّه الضمان إنذاراً إلى مستشفى الجامعة بسبب مخالفته العقد مع الضمان. منذ ذلك التاريخ، وعلى رغم كل التحذيرات، فإن المستشفى استمر في إجبار المضمونين على ان يدفعوا فروقات مالية، وكذلك وثَّق الضمان تلاعبًا بالفواتير.
***
ومن المخالفات التي وثَّقها الضمان ان المستشفى كان يفرض على المضمونين دفع فروقات مالية طائلة عن عمليات يقول إن الضمان لا يغطيها، وهذه الفروقات المالية تتراوح بين عشرة آلاف دولار وأربعين ألف دولار.
***
وفي موازاة هذا القرار الجريء الذي يشبه مبضع الجرَّاح، لم يخلُ القرار من نفحة إنسانية، فقد تضمَّن استثناء لمركز سرطان الأطفال "سانت جود"، كما ان المرضى الذين يتلقون علاجًا للأمراض المستعصية ولديهم موافقات من الضمان للعلاج في
مستشفى الجامعة، بإمكانهم أن يستكملوا العلاج وأن الضمان هو الذي يدفع فواتيرهم.
***
في غمرة الأخبار المُحبِطة، يأتي قرار الدكتور كركي ليُحيي الأمل بأن الإصلاح ممكن في هذا البلد. فقطاع الضمان هو من أهم القطاعات في لبنان وما لم يتم ضبطه فإن مصير اللبنانيين المضمونين يكون على المحك.
***
إن الذين ينجحون في متابعة الملفات وفي الوصول فيها إلى "شاطئ اتخاذ القرارات"، يستحقون الدعم الكامل سواء على المستوى السياسي أو على المستوى الإعلامي، كما ان مثابرتهم وجهودهم يجب ان تصل بهم الى حيث يجب ان تصل من تقدم.
كم لبنان بحاجة الى اشخاص ناجحين مثل الدكتور كركي في كل القطاعات، لا يهابون إلا ضميرهم ومصالح الناس.