أما وقد نالت حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة، وانطلقت الى العمل تحت أنظار المجتمع الدولي الذي سيراقب أداءها وانتاجيتها اكثر من اعضاء مجلس نيابي سارعوا الى اعطائها ثقة بعد تحدٍّ كلاميٍّ وخطاباتٍ رنانة، وبعد المباركات ولزوم ما لا يلزم منها، لا يمكننا أن نغضّ الطرف كما فعل اعضاء مجلسنا الكريم عن خرقها الواضح والصريح للدستور والقوانين المرعيّة الإجراء من عدة نواحي، خصوصاً لناحية ضمها اكثر من وزير دولة. وليتها اكتفت بذلك إذ إنّ مرسوم تشكيلها أعطى لهؤلاء الوزراء وزارات غير قائمة قانونياً.
السؤال الاساسي المطروح مَن هو وزير الدولة؟ بعد اتفاق الطائف الذي أناطت تعديلاتُه والمطبّقة في التعديل الدستوري رقم 18 تاريخ 21/6/1999 السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً عبر صلاحيات واسعة وشاملة ومنها «السهر على تنفيذ القوانين والانظمة والاشراف على اعمال كل اجهزة الدولة من ادارات ومؤسسات مدنية وعسكرية وأمنية بلا استثناء». ما يؤكد أنّ روحيّة الاتفاق تنصّ على نقل الصلاحيات التي كانت في يد رئيس الجمهورية الى السلطة التنفيذية مجتمعة، وهذا الامر يطرح إشكالية مشارَكة وزراء الدولة في تامين النصاب القانوني أو في التصويت على القرارات العادية والاساسية منها التي تنص عليها المادة 65 من الدستور اللبناني.
اضافة الى ذلك فقد نصت المادة 66 من الدستور في الفقرة الثانية منها على أن: «… يتولى الوزراء ادارة مصالح الدولة ويناط بهم تطبيق الانظمة والقوانين، كلٌّ بما يتعلق بالامور العائدة الى ادارته وما خص به …». فما هي هذه المصالح والادارات التي تعود الى وزراء الدولة؟ تنص الفقرة الثانية من المادة الاولى من المرسوم 111 الصادر في العام 1959 (تنظيم الادارات العامة) على أنّ الوزارات «تحدث وتُلغى بقانون خاص»، فلا يجوز إنشاء وزارة إلّا بموجب قانون خاص بها، ولو فرضنا بأنّ المجلس سيد نفسه باستحداث وزارة معيّنة عند اعطائه الثقة للحكومة فإنّ هيكلية هذه الوزارت، المديريات العامة فيها، لا تحدث إلّا بموجب قانون وهذا ما لم يحصل يوماً. وفي هذا الاطار، فقد حدّد القانون 247 الصادر في العام 2000 الذي دمج إنشاء وزارات ومجالس، جهاز الدولة المركزي بالمديريات العامة لرئاسة الجمهورية ولرئاسة الوزارة وعدد الوزارات حصراً.
وبالتالي لا وجود قانوناً لأيٍّ من هذه الوزارات سواء كانت لشؤوون رئاسة الجمهورية او لشؤون مجلس النواب او لشؤون التنمية الإدارية او لشؤون التكنولوجيا والاستثمار او لشؤون التجارة الخارجية، او لشؤون النازحين، او لشؤون التمكين الإقتصادي للنساء والشباب. وفي هذا الاطار يمكننا أن نسجّل ثلاث ملاحظات اساسية الاولى هي التداخل في الصلاحيات بين الوزارات القائمة قانوناً ومعظم وزارات الشؤون وكلنا يعلم أنه من أساس الادارة الحديثة منع التداخل والتضارب فيما بين الادارات والوزارات... ثانياً، بلغ حجم الاستهتار والتسرّع في إنشاء وزارات جديدة أنّ المرسوم الاساسي لتشكيل الحكومة نصّ على تسمية وزارة لشؤون التاهيل الإقتصادي للنساء والشباب وبعد اعتراضات خارجية وداخلية على كلمة تاهيل استُبدلت بكلمة تمكين... اما الملاحظة الاخيرة هي أنّ وزارة شؤون التنمية الادارية غير القائمة قانوناً تتولّى دراسة معظم القروض والهبات المرسلة الى لبنان، ولديها تحت مسمى «مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية» تنظيم مرادف للقانون بحيث تمّ استبدال كلمة مديرية بوحدة، ولديها مكتب فكيف تصرف لها الاموال؟؟؟ ووفقاً لأيّ قانون تقوم بالتوظيف؟؟؟
بالمختصر يشبه التوصيف القانوني لوزير الدولة في النظام اللبناني الى حدٍّ كبير وضعَ المتعاقدين والمياومين في الادارة اللبنانية كلاهما لزوم التنفيعات والمحاصصة...