أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ لبنان بلد لا يستطيع أن يكون ضدّ الولايات المتحدة ولا إلى جانب الولايات المتحدة ضدّ قضاياه المصيرية، مشيراً إلى أنّ هناك مقاومة منتصرة في لبنان، ولبنان جزء من المنطقة ولا يمكن أن يخرج منها.
وفي حديث إلى تلفزيون "المنار" ضمن برنامج "بانوراما اليوم" أدارته الإعلامية منار صباغ، لفت أبو فاضل إلى أنّ الوضع الأميركي في لبنان لم يتغيّر، مشدّداً على أنّ حزب الله هو هاجس الإدارة الأميركية، ومشيراً إلى أنّنا خصم كبير إلى درجة العداوة، في إشارة إلى إدارة الرئيس دونالد ترامب، نظراً إلى الدعم الذي تتلقاه أميركا منهم.
كل من يضع يده بيد إيران مستهدَف
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ العلاقة التي تربط آل الحريري بأميركا وبالسعودية والعلاقة التي تربط تيار المستقبل عضوياً بالمملكة العربية السعودية قديمة وليست جديدة، ولذلك هناك راحة أكبر للمسؤولين الأميركيين، وفي مقدّمهم السفيرة الأميركية، لإطلاق التصريحات المعادية للمقاومة، ولذلك فإنّ السفيرة الأميركية لا ترتاح في المقرات الرئاسية الثلاث إلا في السراي الحكومي أو بيت الوسط للإدلاء بهذه المواقف.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ كلّ من ينتمي وكل من يتعاون مع إيران أو يضع يده بيد إيران هو اليوم مستهدَف أينما كان، مشدّداً على أنّ السفيرة الأميركية لن تستطيع أن تفسد التوافق اللبناني الذي تجلى في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية إذا عرف رئيس الحكومة سعد الحريري والمحيطون بها كيف يتعاملون معها.
اللبنانيون واعون لمسؤولياتهم
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال آخر، أنّ السفيرة الأميركية سجّلت موقفاً عشيّة الجلسة الأولى للحكومة اللبنانية بعد مسرحية الثقة في مجلس النواب، معتبراً أنّ ما فعلته وكأنّه إشارة إلى أننا هنا، مشدّداً على أنّ ردّ الدولة اللبنانية كلّها الإيجابي كان بوجود حزب الله في وزارات مؤثرة. وأوضح أنّه عندما يصبح حزب الله في قلب الدولة، يُحرَج حلفاء أميركا بهذا الشكل، لافتاً إلى أنّ استلام حزب الله وزارات مهمّة هو ما أزعج السفيرة الأميركية، وخصوصاً وزارة الصحة التي يمتدّ نفوذها على مساحة كل لبنان.
واعتبر أبو فاضل أنّه لن يكون هناك دور سلبي للسفيرة الأميركية إلا إذا لم يكن اللبنانيون واعين، مشيراً إلى أنّ اللبنانيين واعون تماماً للمسؤوليات الملقاة على عاتقهم، من الرئيس سعد الحريري إلى الشخصيات الأخرى. وقال إنّ فريق 8 آذار هو أم الصبي، ويجب أن نتحمّل، مشدّداً على أنّ تصريحات السفيرة الأميركية لن تقدّم ولن تؤخّر، ولو كانت وقحة، وهذا ما اعتاد عليه اللبنانيون.
أميركا لن تترك المنطقة تستقر
وفي سياق متصل، رأى أبو فاضل أنّ أميركا لن تترك هذه المنطقة تستقر، لأننا سنقيم دولة قوية على حدود إسرائيل، لافتاً إلى أنه عندما كانت جلسات الثقة منعقدة كان كل قادة العرب يجلسون إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وبات 90 في المئة من العرب يطبعون مع إسرائيل، ولم يبقَ إلا لبنان وسوريا والعراق مدعومين من إيران في هذا الاتجاه.
وأشار أبو فاضل إلى أنّه إذا كان المخطط تفجير الحكومة اللبنانية من الداخل لا سمح الله، فإنّ السفيرة الأميركية ستواصل ما تقوم به، لكنّه رفض اعتبار زيارة الأخيرة إلى السراي الحكومي دليلاً على أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد التصعيد فعلاً في لبنان، مشيراً إلى أنّها في النهاية مجرد مراقبة، ولكنّها مراقبة مزعجة.
جيشنا محترم ولا ننتظر جميلة أحد
وانتقد أبو فاضل قيام السفير الإماراتي حمد الشامسي بدفع كفالات للمسجونين، واصفاً ذلك بالتصرف المهين مع احترامه لدولة الإمارات وهي دولة صديقة للبنان، متسائلاً عن دور وزارتي المال والعدل على هذا الصعيد، وماذا كانت ردود فعل الفريق الآخر لتكون لو أنّ السفير الإيراني مثلاً هو من أقدم على مثل هذه الخطوة.
واعتبر أبو فاضل أنّ تصريحات السفيرة الأميركية من السراي الحكومي تنطوي على تدخل عنيف جداً في الشؤون اللبنانية، ولا يجوز أن تقول إنّها تريد تأسيس جيش محترم، مشدّداً على أنّ "جيشنا محترم، ولا ننتظر جميلة أحد على هذا الصعيد". وأشار إلى أنّ الرد الصريح والواضح على بيان السفارة الأميركية جاء من رئيس الجمهورية ميشال عون، برفضه فرضية انتظار الحلّ السياسي في سوريا لإعادة النازحين، مستشهداً بنماذج تاريخية واضحة في هذا السياق.
الإصلاح بات واجباً
وأكد أبو فاضل أنّ أحداً لن يستطيع أن يؤثر قيد أنملة على رئيس الجمهورية ميشال عون لجهة تغيير قناعاته، ولا على رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولا على أكثرية الوزراء في الحكومة، لافتاً إلى أنّ الرئيس سعد الحريري كذلك ليس معارضاً ويعرف تماماً أن كل دول العالم لن تفيده، وهو يدرك أنّ الأمور لا يمكن أن تستمرّ كما هي.
وجدّد أبو فاضل معارضته لكلّ مراسيم التجنيس التي صدرت في لبنان، بما فيها المرسوم الأخير، وحذر من أننا أمام مرحلة صعبة جداً، وعلينا توقع الكثير من العرقلة في هذه مرحلة، منبّهاً في الوقت نفسه إلى أنّ الانهيار سيصيب الجميع من دون استثناء، ولن يصيب فريقاً واحداً دون آخر، ومشدّداً على أنّ الإصلاح بات واجباً، ولم يعد من الجائز السكوت عنه، إزاء الفساد المستشري في البلد، والسرقة الحاصلة على عينك يا تاجر.
لعدم الرهان على الولايات المتحدة
وأكد أبو فاضل أنّه متفائل جداً بوجود شخصية محترمة في رئاسة الدولة وبالمسؤولين في البلد، مشيراً إلى أنه إذا بقي الرئيس الحريري على مواقفه الحالية ولم يتأثر بالتصريحات الأميركية، فإنّ الحكومة ستنطلق وسيبقى البيان الأميركي حبراً على ورق، مشيراً إلى أنّ المشاريع المنتظرة من الحكومة تحتاج إلى العمل ليلاً نهاراً.
ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ لبنان يقاتل إسرائيل ولا يمكنه التعامل مع إيران والقبول بعروضها، مشيراً إلى أنّ المنطقة كانت لتكون بألف خير ولا يكترث الأميركي لو لم تكن إسرائيل على حدودنا، ولكنّه شدّد على أنّه واثق بأنّ الدولة تستطيع النجاح إذا عرف المسؤولون كيف يتلقّفون المسؤوليات، وتمسّكت بالثلاثية الذهبية القائمة على الجيش والشعب والمقاومة، والتي تشكّل بيت القصيد.
وشدّد أبو فاضل على وجوب عدم الرهان على الولايات المتحدة، داعياً حلفاءه إلى أخذ العبر من تجارب الآخرين، وكيف يتخلى الأميركيون عن حلفائهم في منتصف الطريق.