طمأن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى أنّ "لبنان تجاوز صعوبات العام ٢٠١٨، وأنّ الهدوء عاد ليخيّم على أسواقنا بعد تشكيل الحكومة، فشاهدنا ارتفاعًا في أسعار الـ Eurobonds وعاد مردود هذه السنوات إلى نحو 9,50 بالمئة بعدما كان قد بلغ بين 11 و 12 بالمئة، كما تراجعت كلفة التأمين لفترة خمس سنوات إلى 7 بالمئة بعدما كانت قد ارتفعت إلى 9% وأكثر"، مشيراً إلى أن "هيئة الأسواق المالية مستعدّة لترجمة المبادرات إلى نتائج ملموسة، وإلى دعم القطاع المالي وقطاع المعرفة".
كلام سلامة جاء خلال افتتاحه المؤتمر الدولي السنوي الرابع عشر للبورصات العالمية"World Exchange Congress 2019" الذي استضافته بيروت في فندق فينيسيا، تحت عنوان "رؤية جديدة لأسواق التداول (Trading venues Re-imagined) "، حيث شدد على أن "هذه التظاهرة الاقتصادية الّتي تَشهَدُها بيروت إنّما تَعكِسُ مدى الثقة العالمية بالأسواقِ اللبنانية والدورِ الّذي تَلعَبُهُ في المِنطقة".
ورأى أنه "انطلاقا من المبادئ الراسخة التي وضعتها هيئة الأسواقِ المالية نصب أَعينها منذ إقرارِ القانون 161 الذي أنشئت بموجبه، كان العملُ الدّؤوب على إيجادِ الأُطُرِ التشريعية، والّذي أَفضى، بالتعاون مع البنكِ الدولي، إلى إصدارِ الأنظمة التطبيقية للهيئة، الّتي تَمَحوَرَت حَولَ سُلوكيّاتِ السوق وسُلوكيّاتِ العملِ كما الترخيص والتسجيل والإدراج وهيئاتِ الاستثمارِ الجَماعي، مع مراعاة أفضل المعايير والتوجّهات العالمية في هذا المجال، بحيث تُحفَظ مَكانةُ لبنان على خارطة العولمة المالية".
ولفت إلى أنه "في إطارِ التعاونِ الدَّولي أيضاً، استكملَت الهيئة جهودَها الرامية إلى توطيدِ العلاقات مع الأجهزة الرقابية الإقليمية والدولية، فانضمَّ لبنان إلى المنظمة العالمية لهيئاتِ الأوراق المالية IOSCO كعضو مشارك، كما وقّعت الهيئة مع جهاتٍ محلية، إقليمية ودولية (فرنسية وروسية وألمانية وقبرصية وإماراتية وعمانية وتونسية ومصرية وقطرية) مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون عدّة. وتهدف هذه المبادرات إلى تحديِد أطرِ التنسيق والمساعدة الفنية عند الحاجة، وتبادلِ المعلومات بما يعزّزُ الثقةَ بالأسواق اللبنانية حتى تصبحَ أكثرَ جاذبيةً للمستثمرين اللبنانيين والأجانب وتثبّتَ مكانَةَ لبنان كمركزٍ ماليٍّ هامٍ في المنطقة".
وأشار إلى أنه "على الصعيدِ المحلي، واستناداً إلى ما ينصّ عليه القانون، فنحن بانتظار أن تُقِرَّ الحكومة اللبنانية تخصيصَ بورصة بيروت، إذ أنّ أبرزَ العناصر لتطويرِ أسواق رأسِ المال تَكمُنُ في وجودِ بورصةٍ فاعلة وناشطة، وتعزيزِ عَمَلِها حتى تستقطبَ شركاتٍ جديدة، على أن تتركَّزَ فيها عملياتُ العرضِ والطلب على الأدواتِ المالية بشكلٍ شفافٍ ومتواصل، قِوامُهُ أنظمةٌ وقواعد واضحةُ المعالم بِهَدَفِ الحدّ من مخاطر التلاعب في الأسعار".
ورأى أن "الهيئة عمليةَ استدراجِ العروض لِخَلقِ مِنَصّةِ تَداوُلٍ الكترونية تُتيحُ للشركات الناشئة بصورةٍ خاصّة إمكانيةَ إيجادِ مصادر تمويل متوسطة وطويلةِ الأجل لتطويرِ نشاطاتِها، ممّا يَنعَكِسُ حتماً زيادةً في الرسملة، ويساعدُ على إدراجِ الشركات ونَقلِها من ملكيّة خاصة إلى ملكيّة عامة".
واعتبر سلامة أن "هذه المِنَصّة تُشَكّلُ وسيلةَ تَداولِ قانونيةً وشفافة للمؤسسات سواء كانت محليةً أو أجنبية، وتشاركُ فيها المؤسساتُ المالية ومؤسساتُ الوساطة والمصارف والمكاتب العائلية المختصة بإدارةِ الثَرَواتِ الخاصة وغيرُها. كما يمكن لهذه المنصة، باعتبارِها إلكترونية، أن تشكّلَ عاملَ استقطاب لاستثمارات اللبنانيين في الخارج، فتَزيدَ من جهةٍ السيولة في السوقِ المحلّي والرأسمالِ المخصّص للاستثمار وتطويرِ المؤسسات، فيما تخفّفُ من جهةٍ أخرى من مديونيةِ المؤسسات".
وشدد على أنه "في ظلِّ ما شَهِدَتهُ المِنطَقة المحيطة بنا بشكلٍ عام، ولبنان بشكلٍ خاص، من تحدياتٍ انبثقت عنها مواجهةٌ اقتصادية ونقدية كبيرة فَرَضَت علينا تضافرَ الجهود، لا يَسَعُني إلاّ أن أؤكدَ على استعدادِ هيئةِ الأسواق المالية لترجمةِ المبادرات كافة إلى نتائجَ ملموسة وحشدِ الإمكانيات دعماً للقطاعِ المالي وقطاعِ المعرفة اللّذين يشكلان أهمَ الأسس التي يرتكزُ عليها الاقتصادُ اللبناني، مما سيفعّلُ النموّ ويخلقُ فرصَ عملٍ جديدة للشباب اللبناني".