كان من المُقَرّر أن يزور رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو روسيا للقاء الرئيس فلاديمير بوتين يوم الخميس الماضي ولكن تم إرجاء الزيارة بشكل مفاجئ دون توضيح رسمي من الجانبين. ذُكِر أنّ انهماك نتانياهو بالتحضير للانتخابات التشريعيّة التي ستجرى في التاسع من نيسان المقبل وانشغالاته التنظيميّة مع اليمين أخَّرت اللقاء الذي أرجئ الى أمس الأربعاء.
ماذا يحصل فعلاً فيما بين روسيا وإسرائيل؟
أوّلاً-واضحٌ أنّ الولايات المتحدة الأميركية وحليفتها اسرائيل ينتهجان الإعلان مسبقا عن عنوان أي لقاء دولي تعقدانه لا سيما اذا تناول "ايران" أو "سوريا"، بهدف عقد اتفاقيات علنيّة واضحة تلزم الطرف الآخر وتسدّ عليه باب التفاهمات المزدوجة الجانب. روسيا بقيادة بوتين طرف أساسي في ضبابية المواقف لا سيما تجاه اسرائيل. ولهذا أعلن نتانياهو أن اللقاء مع بوتين مهم جدا لتأمين "حرية التحرك" في سوريا. لم يُحرَج بوتين، وجيشه يكمل التدريبات السورية-الروسية على الصواريخ المضادة للطائرات s300 التي زودت بها موسكو منظومة الدفاع الجوي السوري.
ثانياً-أعلن كل من بوتين ونتانياهو أنهما سيناقشان الأوضاع في سوريا فيما صرح الثاني انه سيتابع العمل ضد ايران في سوريا.
قال نتانياهو حرفيا التالي: "الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحرك ضد ايران اقتصاديا ونحن في اسرائيل نتحرك ضدّها عسكريا".
هذا التحرك اضافة لنتائجه على سوريا وروسيا وايران وحزب الله، تسبب باسقاط طائرة روسيّة ومقتل خمسة عشر عسكريا روسيا ما وتّر علاقة الجانبين.
بنتيجته، يسعى نتانياهو الى تعزيز التعاون العسكري مع روسيا بما يحفظ مصلحتهما الأمنية، فيما يذهب بوتين باتجاه تعزيز القدرات العسكريّة السوريّة، كما وتمتين العلاقة الروسية-الإيرانية عبر تفاهمات دوليّة حول القواعد العسكريّة في المنطقة ومنها القاعدة العسكريّة الإيرانيّة في سوريا.
ثالثاً: صعّدت إيران تهديداتها بوجه اسرائيل معلنة صراحة أنها مستعدة للحرب في حال تمّ التعرض العسكري لها. وكذلك أعلن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
تزامن ما سبق مع اعلان ترامب انسحاب جنوده من سوريا ما أربك الوضع الاسرائيلي. عاد الرئيس الأميركي وأعلن عدم الانسحاب الكلّي، فعاد نتاتياهو لزيارة بوتين معلنا هدف التنسيق الأمني ويبدو أنه يتسلّح بالمصالح الاميركيّة العسكريّة ايضا.
من جهته يركز الرئيس الروسي على ان اللقاء هو حول الأوضاع في سوريا. أعاد الرجل إحياء اتفاق أضنة كما أنه طمأن تركيا باستحالة انشاء دويلة كرديّة على حدودها وأكّد على حق سوريا ببسط سلطتها على كامل أراضيها. بقيت اسرائيل خارج المعادلة.
بالمحصّلة، أغلقت روسيا الطريق أمام التحرك العسكري الاسرائيلي في سوريا، سواء برّاً أم جواً أم بحراً.
عقد اتفاقيات عسكرية روسيّة-إسرائيليّة ضد ايران ولئن كانت "ضمان التحرك الحر الآمن" على الاراضي السورية او اللبنانية، غير وارد في ظل ما آلت اليه الأوضاع الإقليمية والدولية .
لا شكّ أن نتانياهو يعلم ذلك، أما فيما اذا كان لا يعلم، فهو حتما في أزمة وجوديّة على مستواه الشخصي وعلى مستوى حكومته.
على هامش اللقاء، سيسعى نتانياهو الى كسب ضمان عدم التدخل الروسي السيبرالي في الانتخابات الإسرائيلية علّه يضمن الفوز. بوتين كالعادة سيبتسم ويلاعب كلبه.