يعتزم رئيس المجلس النيابي نبيه بري دعوة المجلس إلى عقد جلسة، الأسبوع المقبل، تخصص لانتخاب 7 نواب أعضاء في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، على أن يعيّن مجلس القضاء الأعلى الأعضاء الباقين، البالغ عددهم ثمانية، بالتزامن مع المواقف التي يطلقها لناحية إستعادة المجلس دوره الرقابي على الحكومة.
على الرغم من أهميّة هذه الخطوة، إلا أنّ الكثير من الأسئلة تُطرح حولها، لا سيما على مستوى طريقة التعيين وعلى مستوى الإجراءات المطلوبة لمحاسبة أي من الرؤساء أو الوزراء، خصوصاً أن هذا المجلس لم يكن تاريخياً فعالاً؟.
في هذا السياق، تشير مصادر قانونيّة، عبر "النشرة"، إلى أنّ هذا المجلس هو المرجع الوحيد الذي يمكن أن يحاكم الرؤساء والوزراء، على عكس النواب الذين يُحاكمون في المحاكم العاديّة، وتلفت إلى أن صلاحيّات المجلس تشمل محاكمة رئيس الجمهوريّة لعلّتي خرق الدستور والخيانة العظمى وإرتكاب الجرائم العاديّة، وكذلك محاكمة رئيس الوزراء والوزراء لإرتكابهم الخيانة العظمى أو إخلالهم بالموجبات المترتّبة عليهم.
ومن الأمور اللافتة على هذا الصعيد، بحسب ما تؤكد المصادر نفسها، أن هذا المجلس لم يشهد منذ إنشائه أيّ محاكمة تذكر لرئيس أو وزير، وبالتالي من المنطقي السؤال عمّا إذا كان من الممكن التعويل عليه لمحاسبة من تثبت إدانته، في ظل إصرار مختلف الأفرقاء السياسيين على فتح ملفّات الفساد على مصراعيها في المرحلة الراهنة.
وعلى الرغم من الأهميّة التي يتمتّع بها هذا المجلس من الناحية القانونيّة، في إطار المساءلة والمحاسبة على أعلى المستويات، إلا أن هذه المصادر تلفت إلى ضرورة التنبّه إلى مجموعة من النقاط، التي تجعل من المجلس دون أيّ فعاليّة، حيث توضح أنّ الأعضاء السبعة من النواب من المفترض أن يتمّ التوافق عليهم بين الكتل النيابيّة الأساسيّة، كما أنّ التدخّلات السياسيّة من المؤكّد أنها ستنعكس على الأسماء التي سيتمّ تعيينها من قبل المجلس الأعلى للقضاء.
وتشدّد المصادر القانونيّة نفسها على وجود معضلة بارزة على مستوى الإجراءات، حيث ينصّ الدستور على أنه لا يجوز أن يصدر قرار الاتّهام إلا بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس النيابي، وتعتبر أنّ هذه النقطة هي التي حالت دون توجيه أيّ اتّهام في تاريخ المجلس، نظراً إلى أن من الصعوبة في مكان تأمين هذه الأكثريّة، بسبب الإعتبارات التي تحكم الحياة السياسيّة اللبنانيّة.
من وجهة نظر هذه المصادر، لا يمكن أن يصبح لهذا المجلس أيّ فعاليّة من دون تعديل قانونه لجهة آليّة الاتّهام والإحالة، خصوصاً بالنسبة إلى الأغلبيّة المطلوبة، الأمر الذي ترى أنه من المستحيل في الوقت الراهن، طالما أن الإنقسام السياسي بين الأفرقاء على حاله، وتضيف: "في ظلّ المعارك المفتوحة على محاربة الفساد، من المستبعد أنْ يوافق أيّ فريق سياسي على مثل هكذا تعديل خوفاً من أن يستخدم المجلس ضدّه، رغم الإجماع على أنّه في ظل الواقع الراهن لن يستطيع القيام بأيّ مهمة".
في المحصّلة، توضح المصادر القانونيّة أنه في بعض الدول تمّ إلغاء هذا النوع من المحاكم والإستعاضة عنها بنوع آخر يكون مفتوحاً أمام المواطنين، لكن لا يتم المباشرة بأيّ شكوى إلا بعد التحقّق من مضمونها، خصوصاً على مستوى تضمّنها الأدلّة اللازمة، وتسأل: "هل من الممكن أنْ يصل لبنان إلى هكذا مرحلة طالما أن الجميع يرفع اليوم لواء محاربة الفساد"؟، لتجيب: "لا يمكن أن تكون كل هذه الشعارات جدّية بحال لم تكن البداية من هكذا خطوة".