أكد مصدر مطلع لـ "النشرة" أن "ملف الإرتكابات في الحسابات المالية للدولة اللبنانية منذ عام 1993 حتى يومنا هذا سيطر على الساحة السياسية والإعلامية، مع إشهار "حزب الله" سيف محاربة الفساد عبر نائبه وعضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، الذي قدم المستندات التي بحوزته إلى المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم. ولكن الأمر لا يقتصر فقط على الحسابات المالية التي ارتكبت خلال 20 عاماً حيث يصل بعضها إلى الجرائم الماليّة، بل يتصل بموضوع الـ11 مليار دولار التي صرفت في حكومات فؤاد السنيورة المتتالية منذ عام 2005 حتى عام 2009 من دون مسوغ قانوني ومن خارج القاعدة الإثني عشرية، أضف إلى ذلك الهبات التي تلقاها لبنان بعد حرب تموز 2006 والتي وضعت في حسابات وتصرف الهيئة العليا للإغاثة ليتم صرفها من خارج الخزينة دون رقيب او حسيب".
وأوضح المصدر أن "المخالفات لم تقتصر على الـ11 مليار دولار أو الحسابات الماليّة للدولة اللبنانية في مرحلة ما بعد الحرب اللبنانية، بل إن الأمر يتجلى بوضوح بمقاربة السنيورة وفريقه لانتظام الدولة وعمل مؤسساتها والدستور والقوانين من خلال ضربه بعرض الحائط قانون الموازنة وواجبه هو ووزير ماليته في حكوماته السابقة في تقديم موازنة سنوية للبرلمان على أن يصوّت عليها ويتم الصرف على هذا الأساس".
يشدد المصدر على أن "حكومة السنيورة الأولى لم تقدّم سوى مشروع موازنة 2005 إلى مجلس النواب الذي أتى متأخراً في شباط من عام 2006 ثم اعتكف ووزراء مالية حكوماته عن تقديم الموازنات، دون أن يكون لديهم أي حجة فعلية، والقول إن التشريع كان مجمداً مع إقفال المجلس النيابي أبوابه، فالبرلمان أقفل آنذاك بالحد الأكثر سنة واحدة بينما السنيورة بقي في منصب رئاسة مجلس الوزراء أكثر من 4 سنوات، وهذا ما يؤكد أن لا حجة فعلية لعدم قيام الحكومات التي ترأسها بواجبها وتقديم مشاريع موازناتها إلى المجلس النيابي، إلا إذا كان الهدف غير ذلك والتغطية عبر تجنب إعداد موازنة، ليتم الضغط فيما بعد لإجراء تسوية ماليّة مقابل الإفراج عن قطع الحساب".
ويرى المصدر أنه "من الواضح أن هناك من تعمّد عدم إعداد وإصدار الموازنات للقيام بارتكابات ماليّة وصرف أموال اللبنانيين خلافا للقوانين والدستور. وليس السعي لتسوية مالية مقابل تصويت كتلة "المستقبل" على قطع الحساب، سوى دليل على عدم قدرة أي كان على إخفاء ما حصل آنذاك في الهبات المالية والـ11 مليار دولار والسعي للتخلص من هذا الملف".
ويعتبر المصدر أنه "ليس خافياً على أحد أن هناك من استعمل كتلة "المستقبل" لتعطيل البلد عبر محاولته فرض معادلة "لا موازنة دون تسوية مالية" ما أدى إلى إلغاء دور مجلس النواب الرقابي على صوت الحكومة بما أنه لا يوجد موازنة، وحرمان الشعب من مراقبة ومعرفة كيث تصرف أمواله، ودون أن ننسى أنه خلال وجود السنيورة في السراي الحكومي منذ عام 2005 إلى عام 2009 ظل الصرف قائماً على القاعدة الإثني عشرية والتي تعتمد فقط في الشهر الأول من السنة، أي كانون الثاني، لحين إرسال الحكومة الموازنة إلى المجلس النيابي، ما يشكل خرقاً فاضحاً للدستور والقوانين وضرباً واضحاً للحياة الديمقراطية في لبنان، حيث يعود للمجلس النيابي التحكّم وصرف ما هو ضروري لمصلحة الشعب اللبناني وليس الحكومة".