وفي الجلسة الثانية لمجلس الوزراء بجدول أعمال، تأكّد ما كان قد تحدث عنه في إطلالات سابقة الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله وعدد من الأفرقاء السياسيين، ما من تحالفات ثابتة على الطاولة الوزارية، ما من تفاهمات سياسية مسبقة، وكل الأوراق يمكن خلطها عند التصويت على كل بند على حدة.
إنطلاقاً من هذه المعادلات المتحركة، تفسّر مصادر وزارية السجال الذي حصل بين الأفرقاء عندما وصل البحث الى بند إعطاء الأساتذة الثانويين الدرجات الستّ. فبينما كان وزراء التيار الوطني الحر بلسان رئيسهم وزير الخارجيّة جبران باسيل من أكثر الرافضين لهذا البند على إعتبار أن سياسة الحكومة تفرض إتخاذ إجراءات من شأنها تخفيض النفقات، ولأن الدرجات الست تكلف الحكومة أكثر من 5 مليار ليرة. وبينما كان باسيل يشرح موقفه الرافض لإقرار الدرجات، لم يجد من يسانده على الطاولة إلا وزراء التيار والوزير سليم جريصاتي من حصة رئيس الجمهورية، ووزراء القوات اللبنانية الذين لطالما إعتاد باسيل أن يتساجل مع زملائهم في الحكومة السابقة تارةً على خلفية ملف بواخر الكهرباء وتارةً أخرى على خلفية تعيينات او غيرها من الملفات. وفي النتيجة أقرت الدرجات الست للأساتذة الثانويين بأكثرية أصوات حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي ووزيرين من حصة رئيس الجمهورية ومن دون موافقة باسيل والقوات وجريصاتي.
ورداً على سؤال، لماذا صوت وزراء تيار المستقبل ووزراء حزب الله في إتجاه واحد ووزراء القوات والتيار في الإتجاه المعاكس، جاء الجواب على لسان وزير مستقبلي، " كل فريق قارب الموضوع إنطلاقاً من قناعاته بأحقية الدرجات الست للأساتذة، لا أكثر ولا أقل، ولم تدخل السياسة على الخط ".
" ما حصل حول البند المذكور"، تقول مصادر وزارية، "يسقط كل كلام أثير عند تشكيل الحكومة، عن تفاهم بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أو بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر، أو بين الاخير وحزب الله". ما حصل يمكن أن يؤكد مبدأ التعامل على القطعة بين الأفرقاء، ويعطي صورة مسبقة عما يمكن أن يشهده بحث ملف الكهرباء مثلاً أو أي ملف آخر.
في الأمور الوطنية والإستراتيجية، كالعلاقة مع سوريا وعودة النازحين السوريين الى بلادهم، قد يشهد اللبنانيون تحالفات سياسية في مجلس الوزراء سبق لهم أن إعتادوا عليها بين فريقي النزاع سابقاً، أي بين ما كان يعرف بفريق الثامن من آذار والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية، وفريق الرابع عشر من آذار وقوامه تيار المستقبل والقوات والإشتراكي. هذه القاعدة ستكسر فقط، يقول المطلعون، في بند زيارات الوزراء الى سوريا الذي لن يدرج على جدول الأعمال بالتنسيق مع الحريري. الّذي لن يعترض أيضاً على هذه الزيارات، إذ لا يمكنه تعطيلها، وكونه مقتنع بنظرية الرئيس عون القائلة بضرورة العمل على إعادة النازحين السوريين لأن لبنان لم يعد قادراً إقتصادياً وإجتماعياً على تحملّهم.