وجه بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي رسالة الصوم الكبير، قال فيها: "الى إخوتي رعاة الكنيسة الأنطاكية المقدسة وأبنائي وبناتي حيثما حلوا في أرجاء هذا الكرسي الرسولي. أيها الإخوة والأبناء الروحيون الأعزاء، توافينا مسيرة الصوم الأربعيني المقدس في كل عام لتلفت أنظارنا إلى الحقيقة الأسمى: إن من يسلك درب النور والقيامة هو إياه الذي يلج قلب الله بأعمال الرحمة والإحسان والخير. الصوم هو أيضا بامتياز فعل محبة تجاه الآخر الذي شاءه الله في دنيانا لنعرف ذاتنا أولا وأخيرا".
أضاف: "يوافينا الصوم ليعلمنا أن القيامة يسبقها ألم وصليب. يوافينا ليعلمنا أن زيت الرحمة هو أجل ما نضمخ به نفوسنا لملاقاة المسيح الظافر. يوافينا الصوم ليعلمنا أن النفس القائمة والمنبعثة هي إياها تلك المتخشعة والتائبة. نحن مدعوون في هذه الفترة لأن ننفض عن كاهلنا غبار الزمن الحاضر ونمسح عن وجهنا مصاعب الدنيا ونتأمل في المسيح مصلوبا لنرى فيه كل قوة وكل بأس".
وتابع: "هذه الفترة فترة رجوع إلى الذات وفترة تأمل في تلك المحبة الإلهية التي اتخذت كل شيء من أجل خلاصنا. تعلمنا الكنيسة المقدسة تحضيرا للفصح المجيد سلسلة من المعاني. تعلمنا في الآحاد المهيِّئَة للصوم أن الرب يقبل صلاة المتواضعين دون سواهم. تعلمنا كيف نقف على شواطئ التوبة والرجوع إلى الذات وإلى الحضن السماوي. تعلمنا أن أصالة مسيرتنا تجاه الفصح مقرونة بأصالة وصدق مراحمنا تجاه الغير. الرحمة منا تجاه الأخ الآخر هي المدرار الأكبر للمراحم الإلهية تجاهنا. تعلمنا أن المغفرة مفتاح نور القيامة وأن الإنسان مدعو أن يكون على مثال الغفار الرحيم ليسلك وإياه درب قيامته المجيدة".
وقال: "في هذه الأيام المباركة، نجتمع في كل كنائسنا ساجدين لرب القوات الملائكية السماوية ونسأله بشفاعات العذراء مريم التي نقيم لها صلاة المديح أن تغرس رجاءها في قلب كل أم وتزرع في كل بيت أسس المحبة والسلام. صلاتنا من أجل سلام هذا الشرق ومن أجل سلام العالم أجمع. وكمسيحيين من هذا الشرق، نصلي من أجل خير أوطاننا وخير الآخر الذي نتلمس عبره وفيه مرضاة القدوس العلي. صلاتنا في موسم الرحمة الإلهي من أجل المخطوفين، كل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفين منذ نيسان 2013، واللذان بقدر ما يتناساهما العالم بقدر ما ينغرس ذكرهما في قلوبنا وبقدر ما نلتهب صلاة وعملا من أجل إطلاقهما وكل مخطوف".