بعد زيارته الى لبنان في 21 شباط الماضي، يتواجد المساعد الأول لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، في لبنان مجددا، للبحث في الملفات نفسها، وعلى رأسها العقوبات على "حزب الله" ونتائجها، والعلاقات مع القيادة السوريّة وملف النازحين السوريين الى جانب لقاءات رسميّة يجريها مع المسؤولين، ولقاءات شبه حزبيّة مع وزراء القوات اللبنانيّة الجدد، على أن تكون الزيّارة تمهيدا ربما لأخرى قريبة لوزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو الى لبنان.
"شكّلت زيارة ساترفيلد مفاجأة قبل أن تظهر المعطيات أنها تحضيرا لزيارة بومبيو" يقول المحلل السياسي والكاتب جوني منيّر، مشيرا الى أنّ الأهم من زيارة المساعد الأول لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ستكون زيارة وزير الخارجيّة، وبالتالي لا يمكننا الغوص بأهداف ونتائج الزيارة قبل وضوح الصورة.
ويشير منيّر في حديث لـ"النشرة" الى أن بومبيو سيأتي الى لبنان حاملا جملة مواضيع أساسية للإدارة الاميركيّة على رأسها "طلب تخفيف التطبيع مع النظام السوري ومحاولة عدم تسريع عودة النازحين السوريين الى بلادهم، خصوصا بعد أن أصبح الموقف الأوروبي أقرب الى لبنان بهذا الخصوص من أيّ وقت مضى، بالإضافة الى متابعة ملفّ العقوبات على حزب الله".
سيشدّد بومبيو على دعم الولايات المتحدة الاميركيّة للاقتصاد اللبناني، ومؤتمر "سيدر"، كما تأكيد استمرار الدّعم للجيش اللبناني والإشادة بدوره وعمله، الا أنّ الأبرز هو قراءة موقف لبنان بظل التحوّلات الأوروبيّة بملف النازحين، كما الموقف الروسي الذي بدأ يضغط باتجاه هذه العودة الفوريّة.
وبحسب منيّر لن تحمل زيارة بومبيو أمورا فوق العادة، مشيرا الى أن لقاء ساترفيلد بوزراء القوّات ربما يكون بهدف تقديم الدعم المعنوي لتثبيتهم على موقفهم المتشدّد في شأن إعادة العلاقات مع سوريا، ومنع تراجع القوّات اللبنانيّة كثيرا بملفّ النازحين، خصوصا بعد موقفهم الاخير في هذا الإطار.
في هذا السيّاق، تشير مصادر سياسيّة مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الزيارات الأميركيّة المتتابعة تؤكّد بأنّ الساحة اللبنانية لا تزال أولويّة بالنسبة إلى واشنطن، التي تريد أن تبقى الأوضاع فيها مضبوطة لناحية عدم الذهاب إلى خيارات بعيدة عن التوجّهات الأميركية، خصوصاً بالنسبة إلى العلاقة مع الحكومة السوريّة، لا سيما مع عودة موجة الزيارات التي يقوم بها وزراء في الحكومة الحاليّة إلى العاصمة السوريّة دمشق.
بالإضافة إلى ذلك، توضح هذه المصادر أنه لا يمكن تجاهل وجود "حزب الله" على هذه الساحة، بما يمثله من تهديد لأمن إسرائيل الذي تعتبره واشنطن أولويّة بالنسبة لها، وبالتالي هي تريد التأكيد على أنها لا تسمح بالتساهل معه بأيّ شكل من الأشكال، في ظلّ المعلومات عن إمكانيّة فرض المزيد من العقوبات الإقتصاديّة على الحزب.
على صعيد متصل، تلفت المصادر نفسها إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز موقف حلفائها لبنانيًّا، الأمر الذي يُفسر اللقاء مع وزراء "القوات اللبنانيّة"، حيث تريد أن يشعروا بأنها تقف إلى جانبهم في المعركة التي يخوضونها على طاولة مجلس الوزراء، في وجه المساعي إلى إعادة فتح قنوات التواصل الرسميّة مع دمشق لمعالجة ملف النازحين السوريين، وتشدّد على أنّ واشنطن لا تزال تضع الإستقرار المحلّي ضمن سلّم أولوياتها، من منطلق أنّ أيّ إهتزاز أمني لن يصبّ لصالح حلفائها على الإطلاق.
اذا، في ظل محاولة إطلاق العمل الحكومي الداخلي تبرز المعطيات الاقليميّة والدوليّة لتشكل ضغطا إضافيًّا على العلاقات السياسيّة في لبنان، فهل ينجح المسؤولون بتخطّي الطلبات الأميركيّة من دون مشاكل؟.