في صيف العام 2018 أرسلت وزارة الأشغال العامة والنقل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء المخطط التوجيهي الذي وضعته شركة خطيب وعلمي عن مرفأ بيروت. يومها تبيّن للرأي العام أنّ الخيار الأفضل لتوسعة المرفأ بحسب المخطط هو بردم الحوض الرابع، ويومها أيضاً، قامت الدنيا ولم تقعد رفضاً للمشروع من قبل البطريركية المارونية والأحزاب المسيحيّة، كما أقفلت نقابة أصحاب الشاحنات المرفأ في رسالة تحذيريّة واضحة تهدف الى دفع المعنيين إلى إعادة النظر بالمشروع. الحجّة التي إنطلق منها مؤيّدو مشروع الردم هي توسيع أرصفة حاويات الإستيراد علماً أنّ المساحات غير المستفاد منها داخل المرفأ البيروتي، تفوق 50.000م.م.
أمام هذا المشهد الإعتراضي قال وزير الأشغال يوسف فنيانوس خلال مؤتمر صحافي"قمنا بإعداد المخطّط التوجيهي لمرفأ بيروت وفور الانتهاء من هذه الدراسة، اعلنا انه اذا كان هناك أيّ ملاحظة من وزراء ونواب ومواطنين، فليعلنوا عنها لبحثها قبل البت بالمخطط".
اليوم عاد الحديث في كواليس المرفأ عن توسعة المرفأ على حساب ردم الحوض الرابع علماً أن نقابة أصحاب الشاحنات وبعد دراسة أجراها فريق قانوني مكلّف من قبلها، أرسلت كل ما لديها من حجج قانونيّة وتقنيّة تدعم موقفها الرافض للردم الى كل من وزارة الأشغال والأمانة العامة لمجلس الوزراء واللجنة الموقتة المكلّفة إدارة المرفأ، كل ذلك من دون أن تحصل على أجوبة على ملاحظاتها. وفيما يراهن المعترضون على قرار سياسي بسحب المخطط التوجيهي من الأمانة العامة لمجلس الوزراء كونه أصبح من المؤكد أنه خلافي بإمتياز، يتحدّث المعترضون عن نيّة سياسية لدى الفريق المحسوب على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر بفتح ملف اللجنة الموقتة التي تدير المرفأ منذ أكثر من 20 عاماً، والإضاءة على مخالفاتها بهدف تعيين هيئة جديدة لإدارة هذا المرفق العام.
من المخالفات التي سيثيرها المعترضون، كيف أن الهيئة لا تدخل في أيّ إطار مؤسساتي قانوني وفقاً للقوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء، وكيف أنها متفلتة من أيّ رقابة لوزارة الماليّة أو لديوان المحاسبة. ومن المخالفات أيضاً، كيف تجبي الهيئة الضرائب وتعدّلها وتحدّثها وهي في نهاية المطاف ضرائب غير مفروضة بموجب القانون عملاً بالمادتين 81 و82 من الدستور.
هيئة إدارة وإستثمار مرفأ بيروت تخالف بعملها أيضاً بحسب المصادر النيابيّة المتابعة للملفّ المادة 88 من الدستور، إذ تعقد تعهدات يترتب بنتيجتها إنفاق أموال من الخزينة اللبنانيّة وتمارس إمتيازاً لمصلحة ذات منفعة عامةخارج أي إجازة تشريعيّةومن دون الحصول عليها والى زمن غير محدد، ما يخالف نص المادة 89 من الدستور اللبناني. المعترضون سيصوّبون أيضاً على عمل الهيئة على إعتبار أنها تتحكم إستنسابياً بموارد الخزينة العامة وحقوقها.
إذاً، في زمن يتسابق فيه السياسيون على المنابر للحديث عن مكافحة الفساد، وفي الوقت الذي تتجه فيه الحكومة الجديدة إلى إقرار سلّة من التعيينات، هل يجوز أن تبقى لجنة المرفأ بصفة "الموقّتة" منذ عشرات السنين وأن تبقى معها مخالفاتها وتجاوزاتها؟!.