تؤكد اوساط سياسية في 8 آذار ان التجاذب الروسي - الاميركي في المنطقة ليس وليد الازمة السورية بل يعود الى بدء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الاميركية منذ حرب الكوريتين في خمسينات القرن الماضي وحتى اليوم. ورغم تفكك الاتحاد السوفياتي لا تزال هذه الحرب باردة وساخنة في السياسة والامن والاقتصاد والتجارة والعسكر ومباشرة عبر مجلس الامن او بالوكالة في اكثر من منطقة وساحة. وتشير الاوساط الى ان ما يميز لبنان وسياسته الخارجية اليوم ورغم كل الاختلافات الداخلية والانقسام السياسي بين محور "غربي" و"شرقي" ممانع و"تطبيعي"، هو الواقعية السياسية وسياسة التوازن وعدم الانضواء في تحالفات ومحاور دولية واقليمية كبرى. وتنطلق الاوساط من هذه الوقائع لتقول ان لبنان اليوم امام فرصة جيدة لتحقيق نقلات نوعية في ملفات عدة وابرزها البدء بتنفيذ آلية متكاملة لملف النزوح وعودة السوريين الى بلادهم وافشال مخطط التوطين في بلاد الجوار وتأمين الحوافز الاقتصادية والمالية لهم كما بتحقيق نوع من التوازن التسليحي والعسكري مع العدو وتزويده بنظام دفاع ارض- جو من روسيا او من ايران. وتؤكد الاوساط ان مجرد الاعلان عن زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى موسكو ولقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وكبار المسؤولين الروس هو بحد ذاته موضوع هام ويستحق التوقف عنده من دون الاغراق في التفاؤل او التشاؤم او التحليلات عن النتائج لان الامور مرهونة بالنتائج. وتؤكد الاوساط ان زيارة عون تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة العربية والخليجية ولبنان زيارات لمسؤولين روس واميركيين ولكل منهما اجندات مختلفة وهمهما تأكيد الحضور في المنطقة. وتشير الاوساط الى ان من الواضح ان الروسي يتقدم على الاميركي في النقاط مع نجاحه في المساعدة على صمود النظام السوري ونسجه علاقات جيدة مع التركي والايراني بما يحقق الخروج من النفق المظلم بالاضافة الى انتزاع مواقف سعودية من الملف السوري عبر زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى الرياض اخيراً. في المقابل كثرت جولات وزير الخارجية الاميركي مارك بومبيو الى المنطقة من مصر وفي منتصف الشهر الجاري الى الكويت والاردن وفلسطين المحتلة ولبنان. وحيث تتكبد الدبلوماسية الاميركية الخسارة تلو الاخرى مع بروز التمايز الكويتي في الموقف من التطبيع وتحجيم النزعة السعودية والبحرانية في اتجاه التطبيع مع الكيان الصهيوني حيث تبدأ صفقة القرن من مبدأ التطبيع مع العدو والاعتراف فيه ككيان شرعي وموجود في فلسطين. فتراجع الاعتراف بالعدو وتعطيل التطبيع سيعطل كل الجهود الاميركية وتعهدات الرئيس الاميركي دونالد ترامب بانتزاع صفقة القرن من العرب وبأقل الاثمان على الاسرائيليين. وبالاضافة الى الفشل في صفقة القرن يعاني الاميركي من فشل الحرب في اليمن والفشل في خنق ايران وتمدد حركتها في المنطقة رغم كل العقوبات بالاضافة الى فشل اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، الى الفشل باحتواء حزب الله لبنانياً وعزله سياسياً واقتصادياً وتشكيل لوبي داخلي لوضعه في "علبة" العزل والتحجيم حكومياً ومؤسساتياً ومصرفياً وافقاره كما يزعم الصقور في البيت الابيض. وتشير الاوساط الى ان زيارة بومبيو بعد ايفاد كل من دايفيد هيل قبل تشكيل الحكومة ودايفيد ساترفيلد بعده، هي لتأكيد الحضور الاميركي ورفض ان تكون الغلبة السياسية والحكومية لحلفاء طهران ودمشق والسطوة لحزب الله وحلفائه في لبنان مع تراجع محور 14 آذار ودخوله الغيبوبة السياسية والتراجع الشعبي والسياسي له منذ الانتخابات حتى تشكيل الحكومة.
وفي حيت تتوقع اوساط مقربة من الرئيس عون ان تكون الزيارة ناجحة بكل المستويات وان التحضيرات المواكبة لها توحي بالاطمئنان، تؤكد ان الملفات المطروحة تنطلق من ملف النازحين والدور الروسي الهام والمساعد مع الدور السوري في انجاز هذا الملف وخصوصاً ان عون يعتبر ان الملف اولوية لعهده وهمّ شخصي وسيادي ومصيري ووطني ولا يمكن الا الانتهاء منه بأي ثمن. كما يسعى عون الى ضمان تامين تسليح نوعي للجيش وتفعيل الاتفاقات والهبات الروسية وغير المشروطة بالاضافة الى تأمين الحضور الروسي الفاعل في مجال النفط والطاقة والكهرباء وباقي الملفات الاقتصادية السيادية والملحة.
في المقابل تؤكد اوساط 8 آذار ان ملف التسليح النوعي للجيش من روسيا او ايران او من اي دولة صديقة او حليفة للبنان وطالما هو غير مشروط ولا يمس السيادة اللبنانية امر مفتوح ومقبول وسنطالب به على طاولة مجلس الوزراء لان من يقرر رفض اي هبة او عرض تسليحي هو رئيس الجمهورية والحكومة اي السلطات اللبنانية وليس الاميركيون او غيرهم او ابواقهم في لبنان وتذكر الاوساط على سبيل المثال الاصرار التركي على منظومة "الاس 300" الصاروخية من روسيا رغم كل العلاقة التي تربط تركيا بالناتو واميركا. فهل علاقة لبنان وارتباطه باميركا اكثر من علاقة تركيا باميركا؟
وتؤكد الاوساط انه آن الآوان لكي "يضرب" لبنان ومسؤولوه "ارجلهم بالارض" وياخذوا قرارات سيادية وبمعزل عن الضغوط الاميركية في تسليح الجيش وقبول الهبات من روسيا وايران وسيكون لنا موقف حاسم في هذا الامر على طاولة مجلس الوزراء ورهاننا ايضاً على مواقف الرئيس عون والرئيس نبيه بري السيادية والوطنية الحاسمة والمشرفة.