في لبنان لا يوجد قانونا موحّدا لسن الزواج، بل 15 قانون أحوال شخصيّة للطوائف المتعددة، ولكل قانون شروطه، ما يجعل اللبنانيين غير متساوين فيما يخصّ هذا الموضوع، ولذلك كان العمل على تقديم مشاريع قوانين تحدّد السن الأدنى للزواج.
أمام لجنة الإدارة والعدل في المجلس النيابي مشروع قانون يصبّ في هذه الغاية، هو عبارة عن صيغة موحّدة لثلاثة مشاريع، تهدف الى تحديد سنّ الـ18 كسنّ أدنى للزواج في لبنان، وهذا المشروع وُضع على طاولة اللجنة لدراسته.
لا شكّ ان الطوائف تُعارض هذا التوجّه، كونها لا تحدد سنّ الزواج بعمر معيّن، الأمر الذي يجعل إقرار هذا القانون صعبا للغاية، تماما كما هو الحال في ملف الزواج المدني، مع العلم انه تكاد تكون قوة السلطة الدينيّة، هي القوّة الأولى التي لا يستطيع السياسي تخطّيها، الأمر الذي ظهر في مناسبات سابقة.
لا يعتبر القانون اللبناني من لم تبلغ الـ18 من العمر أهلاً لإجراء عقد بسيط أو حتى الاستحصال على إجازة لقيادة سيّارة، وعلى الرغم من ذلك يعتبرها القانون أهلاً لإجراء عقد زواج يلزمها مدى الحياة، الأمر الذي يعارض كل المواثيق الدوليّة التي وقّع عليها لبنان بشأن الطفولة، لا سيما الاتفاقيّة الدوليّة لحقوق الطفل، التي دخلت حيّز التنفيذ في الثاني من أيلول عام 1990 من أجل بقاء الطفل وحمايته ونموّه.
من هذا المنطلق تشير المسؤولة في التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني، سارة العوطة الى أن إقرار قانون تحديد السنّ الأدنى للزواج يعني التزام لبنان بما وقّع عليه من مواثيق دوليّة، اذ لا يمكن أن نوقّع ولا نلتزم، لافتة الى أنّ الإيجابيات التي تنتج عن هذا القانون كثيرة أبرزها حماية الاطفال، وفرض المساواة بينهم، بحيث لا يبقى طفل هذه الطائفة تحت وصاية قانون طائفته، وطفل تلك الطائفة تحت وصاية قانون آخر.
تؤكد العوطة في حديث لـ"النشرة" نيّة استمرار العمل والضغط للوصول الى الهدف المنشود، ورسم رادع لكلّ من يكتب عقد زواج مخالف للقانون المنوي اقراره، وفرض عقوبات على المخالفين، حدّدها مشروع القانون الذي اقترحه التجمّع وقدّمه النائب إيلي كيروز عام 2017 بنحو عشرة أضعاف الأجر الأدنى، بالإضافة الى عقوبات بالسجن تتراوح بين 6 أشهر وسنتين.
ينطلق تحديد سنّ الـ18 من تعريف الأمم المتحدة للطفولة، إذ كل من لم يبلغ هذا العمر يعدّ طفلا، ومن هنا تشير العوطة الى أن صدور قانون لتحديد سنّ الزواج ولو كان 16 عاما سيكون إنجازا أفضل من أن تبقى الامور مفتوحة ومتاحة، خصوصا بعد أن وصلت نسب زواج القصّر الى حوالي 10 بالمئة من حالات الزواج لدى اللبنانيين، بعد ان كان في العام 2016 وبحسب ما نشرت "اليونيسيف" 6 بالمئة.
أما فيما يتعلق بالأحزاب السياسيّة، فتشير مصادر نيابيّة الى أنها بأغلبها أعلنت تأييدها لهذا القانون، ولكن هذا لا يعني أن اقراره ستكون عمليّة سهلة، اذ لا شكّ أن التصاريح الإعلاميّة ستختلف عن حقيقة العمل داخل لجنة الإدارة والعدل.
لن يكون إقرار هذا القانون سهلا إذا، وإنّ أقرّ لن تكون متابعة تطبيقه يسيرة، الأمر الذي تعلمه الجمعيات والمنظّمات العاملة في هذا الحقل جيدا، لذلك لا بد من تزامن إقرار القانون مع تكثيف حملات التوعية على مخاطر تزويج الأطفال، لكي لا يكون القانون عاملا مساعدا في تهرّب الاهل من تسجيل الزيجات، ما يعني ازدياد نسبة الولادات غير المسجّلة.