شدّد الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى عضو المجلس الأعلى للتحكيم التابع لمركز الوساطة والتحكيم في اتحاد المصارف العربية القاضي غالب غانم، على أنّ "ثقافة الوساطة البديلة لحلّ النزاعات، وفي طليعتها ثقافة التحكيم، آخذة في الانتشار حيثما كان، وبخاصّة في البلدان الّتي يتطّلب نموّها الاقتصادي تشجيعًا أو اجتذابًا لرؤوس أموال وطنية أو أجنبية، تبحث عن الوسيلة الفضلى لفضّ المنازعات في حال حصولها".
وأوضح خلال مؤتمر صحافي عقده اتحاد المصارف العربية، في مقرّ الأمانة العام، أُعلن خلاله إطلاق "مركز الوساطة والتحكيم" في الاتحاد وتفعيله، أنّ "نجاح هذه الوسيلة يرتبط على الأقلّ، بثلاثة عوامل محفزة هي: السرعة، الثقة والمعارف الفنية".
ولفت غانم، إلى أنّ "في شأن السرعة، غير خفي أنّ المنازعات التحكيمية على العموم تحسم في فترة زمنية قصيرة قياسًا إلى المعدّل العام الّذي تحسم فيه دعوى مماثلة أمام القضاء، علمًا أنّ النزاع قد ينتقل إلى القضاء بعد صدور القرار التحكيمي، خصوصًا لأسباب تتعلّق بالطعن به من طريق الإبطال".
وذكر أنّ "في شأن الثقة، انّ سلطان الإرادة الّذي هو أصل نظرية العقود، راح يستعيد موقعه في ميدان التحيكم حيث يعود إلى جهات النزاع، لا تنسيق علاقاتهم التعقادية فحسب، بل اختيار قضائهم، وتعني المحكمين أو اختيار المركز التحكيمي الّذي يحظى بثقتهم وتسليمه أمر إجراءات التحكيم وسدّ كلّ نقص يعتور اتفاق الجهات، بما في ذلك اختيار المحكمين أنفسهم".
وبيّن أنّ "في شأن المعارف الفنية، من المعرف أنّ بالإمكان تعيين المحكين لا من الوسط القانوني فحسب، بل من أوساط تقنية مختلفة، وفي ذلك ضمان لسلامة القرارات التحكيمية الّتي تستوجب مثل هذه المعارف". وركّز على أنّ "تضافر العوامل الثلاثة والسعي إلى تثميرها في إطار المراكز التعليمية ذات الأنظمة المتّسمة بحسن التنظيم وليونة الإجراءات ووفرة الطاقات البشرية وانفتاح الأفكار والتوجهات، يؤدّي إلى ما يمكن أن نسمّيه عدالة تحكيمية تفي بتطلّعات جهات المنازعة التحكيمية، حتّى انّها تتخطّى الحالات الفردية وتسهم في ترسيخ الأمان الاقتصادي في المجتمع".
كما رأى غانم أنّ "مركز الوساطة والتحكيم لدى اتحاد المصارف العربية، بانطلاقته الجديدة، ونظامه المتطوّر الّذي حاكى أرقى الأنظمة وأكثرها جدوى، وبأمانته العامة وإدارته المصمّمين على أن يكون له موقعه اللافت والمميّز بين المؤسسات التحكيمية العربية، وبالطاقات الكبرى التّي يختزنها أو يستمدّها سواء من اتحاد المصارف العربية نفسه أو من كوكبة المحكمين الّذين تسجّلوا حتّى الآن على لوائحه، أو من هيئاته المختلفة بما فيها المجلس الاعلى للتحكيم لديه".
وأكّد أنّ "هذا المركز هو في الموقع المناسب حتّى يكون جاهزًا لحسم المنازعات بالسرعة القصوى المقتضاة، وحتّى يكون أهلًا للثقة، وهو غني بخبراته القانونية والاقتصادية والمالية والمصرفية والتقنية المتنوعة، وهو تاليًا، في الموقع المناسب لإغناء العدالة التحكيمية في عالمنا العربي".
ونوّه إلى أنّه "يتلقّى طلبات الوساطة والتحكيم، لا في ما بين المصارف وحدها، أو في ما بينها وبين آخرين، بل سائر الطلبات الّتي يرغب اصحابها في حلّ منازعاتهم في ظله"، مشيرًا إلى أنّ "اللجوء إليه في نهاية المطاف، يقصي فكرة سادت إلى زمن، وهي أنّ الهيئات التحكيمية الأجنبية كانت تميل أحيانًا إلى الافتئات على الحقوق العربية وخصوصا في عقود الاستثمار والامتيازات الكبرى، وعليه، نأمل ان يكون المركز جديرا بالمنافسة، لا على المستوى العربي فقط، بل على المستوى العالمي كذلك".