أصدر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، خلال زيارته المحكمة الروحية المارونية في ذوق مصبح، تعميما تطبيقيا بشأن الدّعاوى الزواجية ومفاعيل الزواج المدنيّة في المحاكم الماروينة أنه "بالتّشاور مع السّادة المطارنة: حنّا علوان المشرف على محكمتنا الإبتدائيّة الموحَّدة، والياس سليمان رئيس محكمتنا البطريركيّة الإستئنافيّة، ومارون العمّار المشرف العامّ على توزيع العدالة في محاكمنا في النّطاق البطريركيّ، ومع المونسنيور نبيه معوّض رئيس المحكمة الابتدائيّة الموحَّدة، إستعرضنا واقع الممارسة القضائيّة في دعاوى مفاعيل الزّواج المدنيّة: النّفقة وما يتّصل بها، وحقّ حراسة الأولاد ومشاهدتهم. وبالعودة إلى قرارات سابقة اتُّخذت في لقاءات عامّة عقدها المطارنة المشرفون في السّابق مع القضاة ومحامي الوثاق والعدل، ولكنّها سقطت في الممارسة، رأينا من الواجب إجراء هذا التّعميم المُلزم، بحيث يدخل حيّز التّنفيذ ابتداءً من يوم الإثنين 18 آذار 2019".
وأوضح الراعي في التعميم أنه "عندما تنظر محاكمنا المارونيّة في دعاوى بطلان الزّواج والهجر، يصبح من صلاحيّاتها النّظر في مفاعيل الزّواج المدنيّة وهي: النّفقة المعيشيّة والتّعويض، وحقّ حراسة الأولاد ومشاهدتهم".
وحول مفهوم النفقة، لفت إلى أن "النّفقة، كما حدّدتها المادّة 139 من قانون الأحوال الشّخصيّة للطّوائف الكاثوليكيّة، هي كلّ ما يحتاج إليه الإنسان ليعيش عيشة لائقة نسبة حال أمثاله. وتشمل: الطّعام والكسوة والسّكن للجميع، والتّطبيب للمريض، والخدمة للعجائز، والتّعليم والتّربية للصّغار لغاية الصفّ الثالث ثانوي. ويُحكم فيها وفقًا للشّروط والقواعد التي تختصّ بالنفقة بين الزوجين والنفقة بين الأصول والفروع وبفرض النّفقة بحيث تُراعى في فرضها وتقديرها حاجة مَن تُفرض له ومكانته، ومقدرة من تُفرض عليه، وعرف أهل البلاد (المادة 143،1)، على ألّا تتعدّى هي ومشتملاتها وتقسيطها نصف معاش الشّخص المفروضة عليه. يبقى على القاضي تقييم ما يقدّمه الطّرفان من إفادات ومستندات لجهّة صحّتها، منعًا للتّعتيم على الحقيقة".
ولجهة نوعي النفقة، أشار الراعي إلى أن "نفقة الإعالة أو المعيشة التي ينصّ عليها القانون 1163 من مجموعة قوانين الكنائس الشّرقيّة. وتُبَتّ في غضون عشرة أيّام وفقًا لمنطوق القانون المذكور وشروطه، ولقرار مجمع أساقفة الكنيسة المارونيّة سنة 1965، ثمّ مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان سنة 1972، بحيث تُراعى فيها حاجة مَن تُفرض له الماسّة، ومقدرة من تُفرض عليه. ويجب أن تكون عادلة وتميل إلى الإقلال في تحديدها أكثر منها إلى الإكثار ولا تُفرض إلاّ للمرأة المعسرة، مع مراعاة ظروف النّزاع بين الزّوجين والمسؤوليّات الظّاهرة وحاجات الأولاد من أجل تأمين حياة مكتفية لهم"، لافتاً إلى أن "ب- النّفقة النّهائيّة هي التي يُحكم بها مع الحكم النّهائيّ القاضي بالهجر أو ببطلان الزّواج أو عدمه. فيُحكم بها للزّوجة إذا كان حكم الهجر لصالحها، وللأولاد القاصرين، إذا تقرّر إسناد حراستهم إلى الزّوجة".
وعن النظر قضائياً بمفاعيل الزواج، "في البند الأول،تُعتبر دعاوى مفاعيل الزّواج من بين الدّعاوى الطّارئة بالنّسبة إلى الدّعوى الأساسيّة: بطلان الزّواج أو الهجر بين الزّوجين. وتحكمها القوانين 1267-1271، بحيث يجب حلّها أثناء التّداعي، قبل البتّ بالدّعوى الأساس (ق 1267)، وبطريقة مختصرة وعلى وجه السُّرعة (ق 1269). أما في البند الثاني، تتنوّع الدّعاوى الطّارئة بين ما هو إداريّ-تنظيميّ ويُبَتّ بقرار يُصدره رئيس الهيئة المجلسيّة أو المقرّر؛ وما هو تقريريّ-إعلانيّ ويُبَتّ بحكم تمهيديّ تصدره الهيئة المجلسيّة بكامل أعضائها (راجع القانون 1269)، نظرًا لأهميّة مفاعيل الزّواج ولعدم إمكانيّة إستئنافها إلاّ مع إستئناف الحكم النّهائيّ (راجع القانون 1310، 4 ً). هذه المفاعيل تشمل النّفقة وحراسة الأولاد ومشاهدتهم ومنع السّفر، بالإضافة إلى ما تشمل النّفقة كما هو مذكور في المادّة 139 من قانون الأحوال الشّخصيّة للطّوائف الكاثوليكيّة".
وعن التعديل، لفت الراعي إلى أنه "في البند الأول، القرارات والأحكام التّمهيديّة قابلة للتّعديل لدى السّلطة القضائيّة التي أصدرت القرار أو الحكم، طالما هي تنظر في الدّعوى الأساس وفقًا للقانون 1271، كما يلي: فيما يختصّ بتعديل كميّة النّفقة، ترسم المادّة 143، 2 ً من قانون الأحوال الشّخصيّة للطّوائف الكاثوليكيّة أنّ هذا التّعديل يحصل، زيادةً أو إنقاصًا، بحسب تغيير الأثمان أو تبدّل حالة كلّ من المفروضة له أو عليه، يسرًا أو عسرًا، شرط إثبات هذا التّبدّل بواقعات، أو بتقديم مستندات جديدة أو بإظهار مستندات أُهملت. كذلك، تُطبَّق قاعدة التّبدّل هذه على الحكم في حقّ حراسة الأولاد ومشاهدتهم وفقًا لظروف أصحاب هذا الحقّ المستجدّة، ولتقدير الهيئة الحاكمة، عملاً بالمواد 128-130 من قانون الأحوال الشّخصيّة للطوائف الكاثوليكيّة. كما أن هذا التّدبير القضائيّ يمنع استغلال قانون الإستئناف بهدف إيقاف تنفيذ الحكم الصّادر وإنزال الظّلم في الطَّرَف الآخر. لا يمكن قبول التّحجّج بالظّلم الحاصل أو بطلب عدالة أفضل، فإنّ من مستلزمات الأحكام أن تكون ثابتة، ذلك أنّ كلّ متضرّر من حكم يدّعي أنّه غير عادل".
وحول الإستئناف، أشار الراعي إلى أنه" في البند الأول، فإن مفاعيل الزّواج المدنيّة، المحكوم بها بحكم تمهيديّ لنفقة الإعالة أو لتدبير مؤقّت بشأن الحراسة والمشاهدة، لا تُستأنَف عملاً بالقانون 1163. فيكون الحكم معجَّل التّنفيذ ويبلَّغ إلى الجهتين. وفي البند الثاني، يمكن استئناف الحكم بالمفاعيل المدنيّة عندما يصدر مع الحكم النّهائي بالهجر أو ببطلان الزّواج أو بعدمه، القابل للاستئناف".
كما ضمّن الراعي قراره بعض التدابير الملزمة وهي "عندما تكون الدّعوى في عهدة هيئة مجلسيّة، يجب على هذه الهيئة بكامل أعضائها إصدار الأحكام التّمهيديّة بشأن مفاعيل الزّواج المذكورة. أمّا إذا كانت في عهدة قاضٍ منفرد، فيصدر هو الحكم التّمهيديّ، شرط أن يكون معلَّلاً في القانون والواقع، كما يتوجّب ذلك على الهيئة المجلسيّة. ويُمنع إستئناف الأحكام والقرارات الخاصّة بمفاعيل الزّواج، ما لم تُستأنف مع الحكم النّهائي في دعوى الأساس إذا كان محكومًا بها فيه. كما أن الأحكام التّمهيديّة الصّادرة عن هيئة مجلسيّة تنظر فيها هيئة مجلسيّة في المحكمة الإستئنافيّة، وتلك الصّادرة عن قاضٍ منفرد ينظر فيها قاضٍ منفرد في الإستئناف.وفي كلّ حال، من الأفضل تجنّب بتّ مسائل مفاعيل الزّواج بقرار وأحكام قضائيّة هي بحدّ ذاتها بغيضة، وإيجاد حلول بالتّفاهم والاتّفاق السّلميّ والطّرق الرّاعويّة، عملاً بروح القانون 1103. وفي دعاوى الهجر بين الزّوجين يجب التّقيّد بما ترسمه القوانين 1378-1382".
وشدد الراعي على أنه "على كلّ من رئيسَي القلم في المحكمة الابتدائيّة الموحَّدة، وفي المحكمة البطريركيّة الاستئنافيّة، التّقيّد بما ترسمه المادّة 22 البند 2 من النّظام الدّاخليّ للمحكمة الابتدائيّة الموحَّدة، والمادّة 21 البند 2 من النّظام الدّاخليّ للمحكمة الاستئنافيّة، وهو الطّلب من المتداعين أن يقدّموا إلى رئاسة القلم "كلّ مستند على ثلاث نسخ". وذلك تسريعًا لإصدار الأحكام، وتجنّبًا لضياع أيّ ملف. كما أنه يجب على المحامين صياغة عريضة الدعوى والمرافعات بإيجاز واقتصارها على النقاط الجوهرية، وتجنّب الإطالات التي لا تنفع بل تضرّ".