حين انفجر ملف الشهادات الجامعية المزورة، كانت مديرية المخابرات بقيادة العميد انطوان منصور بالمرصاد، فتتبعت رأس الخيط لتصل إلى مغارة أقل ما يُقال فيها إنها كارثية خصوصًا في وجود جامعة "اختصاصها" إعطاء إجازات مزورة.
وحين انفجر ملف الرشاوى في بعض النيابات العامة وسماسرة قصور العدل، كانت شعبة المعلومات بقيادة العميد خالد حمود بالمرصاد.
فًتِح الملف، وما من قوة تستطيع إيقافه، إلا إذا أرادت السلطة أن "تُطلِق النار على نفسها"، فيضيع كل شيء، وتسقط السلطة في محظور عدم التمكن من القيام بأي شيء.
***
ولم يعد خافيًا على أحد من المتابعين والمعنيين أن في البلد اليوم قراراً ببدء الحملة، والمؤشرات بدأت في أكثر من مكان وموقع: من النيابات العامة إلى قضية الشهادات المزورة إلى التهريب إلى المعضلة الكبرى المتمثلة في قضية المخدرات: تصنيعًا وتعاطيًا وترويجًا. العملية التي بدأت في هذا المجال، تحدث للمرة الأولى بهذا الحجم وبهذه الجسامة، فحين تكون هناك "جرأة على توقيف أخطر مروجي المخدرات حيث تم ضبط عشرين طنًّا منها في مستودعاته، فهذا يعني ان الأمر على جانب كبير من الأهمية ومن الدقة، واستطرادًا لا عودة إلى الوراء ايًا تكن الإعتبارات".
***
والمسألة لا تتعلَّق فقط بالمخدرات، بل هناك آفات بالخطورة ذاتها، عنينا بها مسألة تزوير الشهادات الجامعية ، وحسنًا فعلت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بأن وضعت يدها على هذا الملف ، وأن هناك موقوفين في هذا المجال، وأكثر من ذلك، هناك أحد الذين نالوا إجازة جامعية مزورة قد أصبح في نقابة المهندسين، فكيف يُركَن إليه، وما هي الإجراءات التي يجب ان تُتخذ من أجل البحث والتحري عنه من أجل إخراجه من النقابة لأنه يشكِّل خطرًا على العمل الهندسي، فكيف يمكن الوثوق به حين يقدِّم رخصة بناء ومستلزماتها في وقت يحوز على شهادة جامعية مزورة لا تخوله القيام بذلك؟
***
خطير ما يحدث، لكن الخطر الأكبر يتمثل في ترك الأمور على غواربها، وعندها "سلِّموا على البلد" وعلى مستقبل الأجيال فيه، لكننا نريد ان نكون متفائلين، فهذا البلد لا يموت، ولا يجوز له ان يموت. هذا بلد عاش نصف قرن من الحروب، والبلد الذي يستطيع الإفلات من الحروب، ليس مسموحًا ان يقع في هوة الفساد.
***
القرار الشجاع يحتاج إلى عين ساهرة، هي الأجهزة، وقضاء حازم وحاسم وعادل، وإذا تحقق هذان الشرطان، البديهيان، فبالامكان القول ان البلد قد وًضِع على المسار الصحيح.