ليس الحادث الأمني الذي حصل يوم أمس في مخيم "عين الحلوة" والذي يشكل امتدادا لحادث آخر في مطلع الأسبوع الا حلقة في سلسلة من حوادث أخرى تظلّ حتى الساعة محصورة في مكانها وزمانها. الا أن استفحال الخلاف السياسي بين "فتح" و"حماس" والذي أرخى أخيرا بظلاله بقوّة على الساحة الفلسطينيّة في لبنان بعد جهود حثيثة بُذلت لتحييدها، يهدد بتطور الأمور دراماتيكيًّا، خاصة بعد فشل مجموعة من المبادرات سواء اللبنانيّة أو الفلسطينيّة في إعادة اطلاق عجلة العمل الفلسطيني المشترك.
وتعتبر مصادر في "فتح" أن أي تلاقٍ قريب مع "حماس" كما أي انعقاد للقيادة الفلسطينية السياسية العليا في بيروت يبدو مستبعدا في المرحلة الراهنة، ويحتاج لجهود استثنائية تبذل، خاصة بعد التراكمات التي زعزعت الثقة الى حد كبير مع "حماس". وتشير المصادر عبر "النشرة" الى مجموعة "ارتكابات" قامت بها الحركة أدّت الى عرقلة عقد أيّ اجتماع للقيادة الموحّدة، وأبرزها:
1-اجتماع ممثل الحركة الجديد في لبنان أحمد عبد الهادي بممثل "التيار الاصلاحي" المنشق عن "فتح" العميد محمود عيسى المعروف بـ"اللينو".
2-رفض "حماس" التوقيع على الوثيقة الصادرة عن اجتماع موسكو وقيامها بحملة في فلسطين ضد الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (ابو مازن) حملت عنوان "ارحل"، اضافة الى الضغوط التي تمارسها على عناصر وقياديي "فتح" في غزة.
وتؤكد المصادر اصرار قيادة "فتح" على تحييد الساحة اللبنانية عن أي صراع وخلاف لكن على اساس أن تلتزم كل الأطراف بذلك، "لا أن تتمادى "حماس" في خرق الاتفاقات وآخرها الاتفاق الذي تم توقيعه نهاية الصيف الماضي برعاية رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري".
لكن ما تقوله "فتح" تدحضه "حماس" كليا. اذ يؤكد نائب المسؤول السياسي لحركة "حماس" في لبنان جهاد طه التزامهم بكل الاتفاقات التي وقعت وتعاطيهم بروح عالية من المسؤولية وحرص كبير على عدم نقل التباينات من الخارج الى الداخل اللبناني، لافتا في حديث لـ"النشرة" الى انه وبمقابل ايجابية "حماس" كانت "فتح" تتعاطى دائما بسلبيّة وهو ما بدا واضحا برفضها الانضمام لاجتماع القيادة السياسيّة الموحّدة في السفّارة في بيروت بعد فشل محادثات موسكو الأخيرة. وقال: "تحجّجت "فتح" بسفر عدد من القياديين لالغاء الاجتماع، وقد علمنا أنّها ابلغت المعنيين ان الظروف غير ناضجة لانعقاد القيادة العليا".
ويشدد طه على انفتاح الحركة المستمر على أيّ مبادرة من شأنها رأب الصدع واعادة تفعيل العمل المشترك الفلسطيني، خاصة في ظلّ التحديات الأمنية المستمرة، ولأننا مقبلون على اعادة اطلاق عجلة الحوار اللبناني–الفلسطيني تحت جناحي لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، ما يوجب علينا تأمين الظروف المناسبة لنذهب موحدين للمطالبة بحقوق شعبنا الفلسطيني الذي يئن في مخيمات اللجوء.
الا أن الاتهامات المتبادلة بين أكبر فصيلين فلسطينيين وفشلهما طوال العام الماضي باستثناء الساحة اللبنانيّة وتحييدها عن الكباش المتمادي بينهما في الداخل الفلسطيني، كلها عوامل لا توحي بانفراجات سياسيّة قريبة، ولكن بالوقت عينه لا تؤشر الى صدام أمنيّ، يبدو واضحا ان الكثير من الخطوط الحمراء تحول دون الوصول اليه.