كشفت مصادر وزارية، لصحيفة الجمهورية ان الغموض يكتنف الوضع الحكومي ومستقبله، وحول مصير الكمّ الهائل من الملفات التي تنتظر معالجات لم تتم بعد، بالتوازي مع "لهوٍ" سياسي على هامشها، محكوم بانعدام توازن يؤرجح الداخل بين جبهات سياسية مختلفة في الرؤى والتوجهات، وتناقضات تفتقد أجندة موحّدة للاولويات، وضعت الحكومة بعد شهر من انطلاقها في مهبّ الاحتمالات السلبية، نتيجة دخول العلاقات بين مكوناتها الى مدار التوتر الشديد وتبادل الكلام من العيار الثقيل، كما صار عليه الحال بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.
ولفتت المصادر الى ان الاخطر من هذا التوتر، هو تعدّد "المناظير" داخل الحكومة. فكل مكوّن من مكوّنّاتها، ينظر الى الاولويات بمنظاره الخاص، وليس بمنظار المصلحة الوطنية، فلا يرى، او يرفض ان يرى، إلّا ما يتناسب مع مصلحته وحجم ربحه وفائدته. والأكثر وضوحاً في هذا المشهد، أنّ مرحلة ما بعد نيل الحكومة الثقة لم تختلف كثيراً عمّا قبلها، بل ربما انّ مرحلة "تصريف الاعمال"، كانت اكثر إنتاجية مما هي عليه اليوم، في ظل حكومة كاملة المواصفات والصلاحيات. واعتبرت المصادر ان اذا كان بعض أهل الحكومة، ينتقدون ما يسمّونه "تسرّع البعض في الحكم عليها"، ويرفضون الاصوات التي تنتقد تباطؤها واعتمادها آداءً سلحفاتياً في ممارستها لمهامها، ومقاربتها لملفات الأزمة التي تعهّدت بمعالجتها، فإنهم يبررون لها بأنّها ما زالت في مطلع شبابها، وعمرها لم يزد عن الشهر، وبالتالي يجب "تطويل البال" عليها. في حين لا يجد هذا التبرير تفهِّماً لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي تبدو حماسته شديدة لانجازات سريعة على صعيد الملفات، وهو أمر لمسه زواره في الآونة الأخيرة، الذين لاحظوا انّ استعجال رئيس الجمهورية للعمل والانتاج، لم يقترن بعد بالحيوية الحكومية المطلوبة لتحقيق ذلك.
ويتقاطع ذلك، مع اللهجة العالية النبرة التي بدرت عن وزير الخارجية جبران باسيل في كلمته في احتفال إحياء "ذكرى 14 آذار" في نيو بيال - فرن الشباك. واذا كانت جهات سياسية قد أدرجت ما صدر عن باسيل، حول النازحين والكهرباء، والفساد، والحكومة، والتذكير بـ«الإبراء المستحيل»، في سياق استهداف جهات معينة في الحكومة، كان لافتاً بالأمس، «الردّ العنيف» الذي اورده تلفزيون «المستقبل» على كلام باسيل من دون ان يسمّيه، حيث تحدث عن «تصريحات تنسى البيان الوزاري الذي نالت الحكومة على اساسه الثقة وتضرب عرض الحائط بمبدأ التضامن الوزاري، لتغطية السموات بالقبوات».
وردّ «المستقبل» على «الخطاب الذي يقول ان مؤتمر بروكسل للنازحين السوريين هدفه تمويل بقائهم في مكانهم»، بالقول: «فليتفضل مقدّمو أوراق الاعتماد للممانعة، بإعادة النازحين. الا يزعمون انّ العلاقة مع سوريا طبيعية.. هم يريدون تطبيع العلاقة مع نظام بشار الاسد الذي يضع رئيس حكومتهم على لوائح الارهاب».
إنتقد «المستقبل» «إدّعاء البطولات داخل مجلس الوزراء» وقال: «يقولون إنّ «الإبراء المستحيل» أصبح قانوناً، وهم يعرفون أنّه الافتراء المستحيل، وأنّ واضعيه قدّموه أوراق اعتماد لدى «حزب الله»، ضمن أجندات خاصة لا علاقة لها بالاستقامة السياسية».
«التيار»: انذار
في المقابل، قالت مصادر التيار الوطني الحر لـ"الجمهورية"، انّ باسيل رفع الصوت في سبيل إحداث صدمة ايجابية والتنبيه من المخاطر في حال عدم مكافحة الفساد وإعادة النازحين وتحقيق النهوض الاقتصادي.
وإذ اشارت المصادر الى انّ رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وجّه لشركائه في الحكومة دعوة الى الالتزام بما ألزم نفسه به من قبل، لفتت الى انّه وضع حدوداً فاصلة بين النجاح والفشل تحت عنوان: امّا عودة نازحين او لا حكومة، واما طرد الفساد عن طاولة مجلس الوزراء او لا حكومة واما صفر عجز كهرباء او الحكومة صفر ولا حكومة.
واكّدت المصادر انّ "التيار" لن يساوم ولن يكون شاهد زور على فشل الحكومة لا سمح الله، ولذلك اطلق صفّارة انذار وتحذير. وأوضحت، انّ كلام باسيل ليس تصعيدياً في وجه أحد، ولا استفزازياً لأحد، بل هو إعلان مبكر برفض الألاعيب القديمة في التعطيل الداخلي، او انتظار إشارة الخارج. وقالت إنّ كلام رئيس التيار عالي النبرة، ولكنه ايجابي، الهدف من اجل خلاص لبنان، وتحقيق الرؤية الوطنية لرئيس الجمهورية ونجاح الحكومة.