في ظل الانقسام الداخلي حول كيفية التعامل مع أزمة النازحين السوريين، لا يزال الكثير من المواطنين يسألون عن موعد عودة هؤلاء إلى بلدهم، لا سيما أنهم تحملوا الكثير من الأعباء على مدى السنوات السابقة، وهو ما ينطبق على أبناء البلدات الجنوبيّة.
وفي حين كانت المراهنة على تسريع عمليات العودة بعد تشكيل الحكومة، جاءت مؤشرات مؤتمر بروكسل الثالث لتؤكد بأن الدول الكبرى لا تريد هذا الأمر، خصوصاً أنها تربط بين أزمة النزوح والعملية السياسية في سوريا، مع تواطؤ فرقاء من الداخل اللبناني لابقاء النازحين عبئًا ثقيلا على الاقتصاد اللبناني.
في هذا السياق، تبدي مصادر نيابية جنوبية، عبر "النشرة"، قلقها مما رشح عن هذا المؤتمر من مطالب أميركيّة وأوروبيّة لوقف عمليّة اعادتهم إلى سوريا، ما يؤكد السعي الدولي إلى توطينهم في لبنان، وتعتبر أنه كان الأجدى رصد الأموال لإعادتهم إلى بلادهم التي استقرّت الأوضاع الأمنيّة فيها، أو تطبيق الرغبة اللبنانيّة في إقامة مخيّمات لهم داخل الأراضي السوريّة، بين المصنعين اللبناني والسوري وصولاً إلى الزبداني وجديدة يابوس وسرغايا ومضايا، وهو ما أبلغه الرسميّون اللبنانيون للموفدين الأوروبيين إلى لبنان مؤخراً ولنائب وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد، حيث تؤكد أن هؤلاء كانوا يسارعون إلى رفض هذا الطرح، بالادّعاء أن الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي غير متوفر في تلك المناطق.
كما تسأل المصادر نفسها عن الأسباب التي دفعت الأمم المتحدة إلى تعطيل عمل اللجنة الأمنيّة الفرعيّة في الأقضية اللبنانيّة، التي كانت تنظّم عمل الجمعيات المتعاقدة معها وتربطها بوزارة الداخليّة والبلديات، وتشير إلى أن أغلبيّة النازحين انتهت اقاماتهم، في حين أن هناك من هو بحاجة إلى تسوية وضعه كونه دخل إلى لبنان خلسة.
بدورها، تلفت مصادر أمنيّة، عبر "النشرة"، أن أعداد النازحين في الجنوب تبلغ نحو 170 ألف يتوزعون على مختلف البلدات، وتشير إلى أن بينهم ما يقارب 23 ألف عامل يعملون في الزراعة والتجارة والمهن الحرة بشكل مخالف لقانون العمل اللبناني، كما هناك من يمتلك سيارات ودراجات نارية دون أوراق شرعيّة، وتضيف: "تمّ تسجيل 60 الف طالب في مدارس الجنوب الرسميّة، و2300 حالة ولادة جديدة".
وتشير مصادر أخرى إلى أنّ المفوضية العليا للاجئين، التي تتّخذ من مدينة صور مقراً لها، تشجع النازحين على البقاء في لبنان، من خلال اللقاءات التي تجريها معهم، كما أنها تعاقدت مؤخراً مع جمعيّة جديدة، في مؤشّر إلى أن أمد النزوح سيطول على عكس ما ينشده لبنان، مع العلم أنه منذ بداية حركة النزوح هناك 12 جمعيّة تعمل تحت اشراف المفوضيّة لرعاية النازحين صحياً واغاثياً وتربوياً ومالياً.
من جانبه، يوضح الناشط الاجتماعي وعضو جمعية " بيئتي–هويتي " نبيل عبدو، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الحديث يكثر في هذه الأيام عن موضوع النازحين، حيث الانقسام في النظرة حول كيفيّة التعاطي مع هذا الملف سيد الموقف، سائلاً: "لماذا لا نرتب البيت الداخلي قبل أن يصبح معظم اللبنانيين نازحين في أصقاع الدنيا ويفرغ لبنان حينها"؟.
الى ذلك يعتبر السوري محمد عبدالله أن العودة يجب أن تكون اجباريّة لا طوعيّة، لأنّ الهدوء عاد إلى معظم المناطق السوريّة، بينما العودة الطوعيّة لا تلبي الغرض والهدف باعادة النبض والحياة الى سوريا، في حين يسأل السوري محمد عتريس: "كيف يكنز بعض النازحين أموالاً هنا ويرسلونها إلى سوريا لتشغيلها في الزراعة ولا يعودون"؟، معتبراً أنه لم يعد هناك من خوف لأن الجيش السوري هو الضمانة لكل المواطنين.
الامم المتّحدة الّتي أرعبها مضمون مقال في "النشرة" عنوانه "هذا ما تفعله الامم المتحدة بوقاحة لابقاء النازحين السوريين في لبنان؟!"، نسألها لماذا لا تأخذ هؤلاء الى مقرّاتها أو الى دول خارج لبنان وتساعدهم هناك، وتقدّم لهم المعونة الدائمة ريثما يصل الحلّ السياسي الى سوريا ربّما بعد مئة عام، وندعوها أيضًا لتأخذ معها بعض المسؤولين اللبنانيين من الّذين يغنّون على ليلاها ويتآمرون على الشعب اللبناني داخليًّا ودوليًّا.