يوماً بعد يوم ومع إقتراب موعد الإنتخاب الفرعي المرتقب في طرابلس منتصف الشهر المقبل، بدأت تتضح معالم الواقع الإنتخابي أكثر فأكثر، وكان أبرز المستجدات في المشهد الإنتخابي أخيراً، هو إنسحاب الوزير السابق اللواء أشرف ريفي من "السابق"، لمصلحة مرشحة تيار "المستقبل" ديما جمالي المطعون بنيابتها، بعد لقاء "اللواء" برئيس الحكومة سعد الحريري في منزل الرئيس فؤاد السنيورة، بوساطة من الوزير السابق رشيد درباس، وإعلان سامر كبارة ترشيحه عن المقعد السني الخامس في عاصمة الشمال في الأيام القليلة الفائتة، وتعقيباً على هذه المستجدات، تعتبر مصادر سياسية طرابلسية أن "الخطوة العرجاء" التي أقدم عليه وزير العدل السابق، بعد عودته الى "بيت الطاعة"، ستسهم إسهاماً كبيراً في تطويق الحالة الشعبية التي فرضها في الفيحاء، من خلال تمسكه بثوابت تيار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتمايزه في النهج والمواقف عن نظرائه التابعين لرئيس الوزراء، على حد تعبير المصادر، التي تؤكد أيضاً أن طرح ترشيح ريفي لخوض غمار الإنتخاب المذكور، لاقى أصداءً إيجابيةً لدى شرائحٍ واسعةٍ من الطرابلسيين، حتى في شارع فريق الثامن من آذار، الذي وجد بعض أنصاره في إمكان ترشح "اللواء"، هو رد مناسب على إستعلاء الحريري على أبناء معقل المسلمين السنة في لبنان، من خلال إعادة تبني ترشيح جمالي، من دون مراجعة أي طرابلسي، بمن فيهم مسؤولي "التيار الأزرق"، ودائما بحسب المصادر. كذلك ترى أن جل ما حققه ريفي بعد مصالحته مع الحريري، هو تخفيف ضغط الأجهزة الأمنية التابعة للأخير عن الأول ومناصيره، لا أكثر، خصوصاً بعدما فشل الأول في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وبات خارج السلطة بالكامل، ولم يعد بوسعه تقديم الخدمات والحماية لأنصاره، الذي يعمل الأمين العام "للمستقبل" أحمد الحريري على تقليصهم عددهم، وإعادة تنظيمهم في صفوف تياره. وفي الوقت عينه تعتبر المصادر المذكورة أن إعلان ترشيح كبارة، سليل كبرى العائلات الطرابلسية العريقة، وإبن شقيق النائب محمد كبارة، المتجذر في عاصمة لبنان الثانية، حظي بترحيب شريحة واسعة من الطرابلسيين الرافضين لنهج الإستكبار والإستعلاء على قرار مدينتهم، وكان أول من عبر عن حالة الإستياء، جراء الممارسات الإلغائية الحريرية، الدكتور محمد نديم الجسر، الذي غرد عبر "تويتر" قائلاً: " منذ الإستقلال، لم يتم التحكم بقرار طرابلس من خارجها، كما هو الحال اليوم. ممسحة!". بالإضافة الى ذلك هناك عامل، قد يعزز حضور سامر كبارة وحالة العطف الطرابلسية تجاهه، هو الخلاف غير المعلن بين عمه ورئيس الحكومة، يوم حاول أبو العبد أن يخرج عن قرار الحريري، عندما عزم الأول على ترشيح نجله عبد الكريم الى الإستحقاق البرلماني الفائت، ثم المرتقب، الأمر الذي رفضه الثاني، بعد ممارسة ضغوط من رئيس الوزراء على وزير العمل السابق ،أفضت الى تكريس ترشيح الأخير. ومعلوم أن كبارة هو نائب منتخب عن طرابلس منذ العام 1992، ولم يرسب في أي دورة إنتخابات عامة، وصحيح أنه منضوي تحت لواء التيار الأزرق، ولكن لديه حيثية شعبية خاصة به، وله تأييد واسع في الشارع الطرابلسي، بحسب ما أظهرته صناديق الإقتراع.
وفي السياق، تعتبر مصادر طرابلسية قريبة من "8 آذار"، لقاء الحريري- ريفي في منطقة محايدة، أي منزل السنيورة، هو إعتراف من الأول بقوة الثاني، وحضوره في طرابلس، كذلك يؤشر الى تراجع شعبية رئيس الحكومة، والتماسه ذلك، بدليل قبوله المصالحة مع "اللواء الطرابلسي"، حفاظاً على ماء وجه الحريري خوفاً من سقوط جمالي في معقل السنة.
وهناك وجهة نظر ثالثة في شأن الإنتخاب الفرعي المذكور، عبر عنها وزير شمالي بارز، بالقول: "إن الجامع المشترك الذي دفع الحريري وريفي الى عقد المصالحة، هو عدم وجود إعتمادات مالية، وجهوزية لدى الرجلين بصرف الأموال لخوض الإنتخاب المرتقب، فكانت المصالحة".