لطالما إحتلت مصالحة الجبل حيزاً هاماً في الحياة السياسية اللبنانية، وكان يفترض أن يكون ما قبل العام 2001 تاريخ إجراء المصالحة مختلفا عما سبقه إلا أن الواقع ليس كذلك تماماً، فهذه المصالحة التي أجريت هدأت النفوس قليلاً وساهمت في إعادة بعض المهجرين الى قراهم، إلا أنها لم تنجح في إنهاء هذا الملف أو تغيير واقع يقول إن "العلاقة السياسيّة تحكم أولاً وأخيراً في كلّ شيء"...
"يجب أن نسأل النواب المسيحيين المنتخبين عن الشوف منذ العام 2005 ماذا فعلوا بالمصالحة المسيحيّة وللمصالحة المسيحيّة"؟، هكذا يبدأ وزير المهجرين غسان عطالله كلامه حول الموضوع، مشيراً الى أننا "في شهر وعشرة أيام فعلنا الكثير وقداس "التوبة والمغفرة" الذي سيقام في سيّدة التلّة في دير القمر برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون يعد ّمحطة مهمة لناحية الحضور والخطاب السياسي"، مضيفاً: "عندما يعتلي رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط المنبر ليقول إن ما حدث بعد اغتيال كمال جنبلاط هو خطأ ولا نريد أن يتكرّر، أليس نوعاً من الإعتراف بالخطأ المُرتكب ويتوجّب المغفرة"؟.
يرى النائب عن "اللقاء الديمقراطي" هادي أبو الحسن أن "القدّاس خطوة بالإتجاه المعقول ومرحّب به والمهمّ ألاّ يشعر أيّ فريق أنّه خارج إطار المصالحة"، مشيرا الى أنّها "تمت في الجبل وكرّست بلقاء في العام 2001 بين البطريرك الماروني السابق مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط"، لافتا في نفس الوقت الى أنّ "عودة المهجرين تمّت في معظم القرى، وبقي ملف واحد عالق هو ملف مصالحة كفرسلوان، وله طابع قانوني ويجري العمل على معالجته". بدوره أشار عطالله الى أنه "في الحياة هناك أمور تحتاج الى جرأة وحقيقة وليس المهمّ أن نكون شعبويين ونقوم بالمعارك، ويجب أن نصافح مصافحة الشجعان"، مؤكداً أن "المصالحة تترجم بشراكة حقيقيّة بين المسيحيين والدروز في الجبل، أن نرى مثلا أطباء دروز ومسيحيون في مستشفى عين وزين وأن يكون هناك تعايش حقيقي".
بالأمس غرّد النائب وليد جنبلاط قائلاً إن "نجاح "قداس المغفرة والتوبة" في دير القمر يتجسّد في حضور عائلات الشهداء. هنا يشير هادي أبو الحسن الى أن "قاعدة الخطاب ستتركز على طيّ صفحة الماضي والتسامح والعيش المشترك"، لافتا الى أننا "منذ ما قبل الإنتخابات النيابيّة حاولنا أن تكون الاجواء مع "التيار الوطني الحر" إيجابيّة مع وجود تفاهم وهذا لم يحصل، وبعد الانتخابات حصلت بعض التشنّجات وقمنا بالتنسيق وازالة الخلافات والامور تسير في هذا الاتجاه والعلاقة جيّدة، وقد نختلف بالسياسة على بعض الملفّات ولكن لا يجب أن ينسحب على الارض". أما غسان عطالله فيعتبر أن "التحدي الأكبر هو أن يسمع الناس خطابا جديداً ولأول مرّة إعترافات ورؤية لأبناء الجبل"، مشدّدا على أننا "نريد إقفال الماضي والتعايش مع بعضنا البعض، نريد إعادة النازحين الى بلدهم وإعادة المهجرين الى الجبل".
إذاً، سيكون أهالي الجبل على موعد مع محطة جديدة في تاريخ المصالحة المسيحيّة، على أمل أن تنعكس عودة لكامل أهالي الجبل الى قراهم وإقفال هذا الملف بشكل نهائي!.