تعتبر محكمة المطبوعات المرجع الأساس للبتّ في القضايا التي تخصّ أيّ صحافي أو إعلامي في أيّ موضوع كان ويفترض بها أن تكون الجهة الوحيدة التي تحكم في قضايا الإعلام، ولكن وإذا أجرينا مقاربة بسيطة فيما خصّ موضوع نشر الأخبار نجد أن قانون المطبوعات يحتاج الى تعديل في الكثير من بنوده التي لا تُعدّ منصفة للصحافي حتى لو كان دور القضاء أن يحكم في الموضوع إذا كانت تتضمّن إفتراءً أم حقيقة؟!.
التوقيف الاحتياطي
بالعودة الى الإجراءات التي تتخذ في محكمة المطبوعات فإنّ بعض الدعاوى قد تصل الى حدّ إصدار القاضي حكماً بالتوقيف الإحتياطي بحقّ الصحافي أو ناشر الخبر أو المقال. وهنا يرى المحامي عادل يمين عبر "النشرة" أنه "وفي حال قام الصحافي بكتابة المقال أو نشر الخبر في إطار مهمته الاعلامية فإنه لا يجب أن يلاحق إلا أمام محكمة المطبوعات"، مشيراً في نفس الوقت الى أنه "لا يجب إلغاء حقّ المتضرّر في إتّخاذ الإجراءات اللازمة لإظهار الحقيقة ولكن أيضاً لا يجوز أن يتمّ توقيف الصحافي إحتياطياً في جرائم القدح والذم"، مشددا على "ضرورة أن يكون لنقابة المحررين الدور الفاعل في هذا المجال لحماية الصحافي ومنعه من التوقيف الإحتياطي".
دور نقابة الأساسي
صحيح أن محكمة المطبوعات هي الجهة المخوّلة البت في القضايا التي تتعلق بالصحف والمجلات وغيرها... إلا أن بعض الدعاوى تحوّل الى محاكم أخرى، و بحسب عادل يمين فإن "الالتزام لا يكون دقيقاً بحسب الوسيلة الإعلاميّة، فمثلاً إذا كان الخبر أو المقال نشر في موقع الكتروني، فإن علامات إستفهام كانت تطرح هل الصحافي في الموقع الالكتروني يستفيد من الخصائص التي يستفيد منها الصحافي في أيّ وسيلة أخرى"؟، لافتا الى أنه "في السابق ما كان هذا يحصل لكون الموقع الالكتروني لم يكن يُعدّ وسيلة اعلاميّة عاديّة، إلا أن أغلب الاجتهاد في هذا الوقت بات يتجه الى كونها مطبوعة ويعامل الصحافي فيها كأيّ إعلامي آخر ويستفيد من خصائص المطبوعات".
الصحافي ملاحق!
بالعودة الى نشر الأخبار اليوم يلاحق ناشر الخبر والشخص المعني أو الذي تمّ تناوله في المقال ولكن الأبرز أنه وبحسب القانون الحالي يشير عادل يمين الى أن "كلّ صحافي يلاحق إذا تناول موضوعاً ما حتى ولو ثبتت صحّة المخالفات التي ارتكبها الشخص الذي تم تناوله في المقال"، وهنا يلفت يمين الى أن "هذه المسألة خطيرة وعبرها يعيد الاعلامي التفكير مئة مرّة قبل الكتابة أو تناول موضوع معيّن أو كشف حقيقة ما، لأنه سيتحوّل الى متّهم حتى ولو ثبتت صحّة كل ما تطرق اليه".
الأهمّ من هذا كلّه، الخطوة التي قام بها مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس عبر التعميم الذي أصدره، وبموجبه باتت تحوّل كلّ القضايا العسكريّة الى محكمة المطبوعات، لأنه في السابق كانت تحوّل الى المحكمة العسكريّة أما في الوقت الراهن تُرسل الى المحكمة المختصّة.
إذاً يشكّل قانون المطبوعات المادّة الأساس التي على مبدئها ينظر في القضايا الاعلاميّة ولكن لا شك أن هذا القانون بات يحتاج الى تعديلات في بعض بنوده، فصحيح أن الصحافة يجب أن تكون "سيف الحق" وجلّ من لا يخطئ ولكن وفي بعض بنود القانون فإن "السيف" بات على رقبة أي صحافي يجبره على اعادة حساباته مئة مرّة قبل فتح أيّ ملف أو اثارة قضية لأنه سيتحوّل الى متهم... متهم بفضح "الحقيقة"!.