يحبس اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أنفاسهم خوفا وقلقا من تداعيات الخلافات "الفتحاوية-الحمساوية" على مخيماتهم في لبنان، وسط تساؤلات شعبية مشروعة هل تنعكس الخلافات السياسية توترات أمنيّة متنقلة مباشرة أو غير مباشرة، أم تبقى المخيمات بمنأى عن التداعيات السلبيّة؟.
خلال الأسبوع الماضي، حصل حادثان لافتان في مخيمي الميّة وميّة (صيدا) والبصّ (صور)، كادا يؤدّيان الى توتير العلاقة بين حركتي "فتح" و"حماس"، سارعت القيادتان الى استيعابهما سريعا في اشارة واضحة الى رغبة الطرفين حتى الان، في عدم توتير ساحة المخيّمات أيّا كانت الخلافات والتباينات في الداخل والالتزام باستثناء الساحة الفلسطينيّة في لبنان، الاول تمثل باشكال واطلاق نار عند حاجز قوات الامن الوطني الفلسطيني في مخيم الميّة ميّة، والثاني بتمزيق صور ولافتات لحركة "حماس" في مخيم "البص"، دلّ الحادثان على هشاشة العلاقة الشعبيّة بين الطرفين، وعلى نفورها بين العناصر وعلى الحفاظ على اللياقة بين القيادة على قاعدة "الوصل دون القطع"، ما يشكل "قنبلة موقوتة"، ناهيك عن "الطابور الخامس" المتربّص بالطرفين وبالمخيّمات الفلسطينيّة شرا على اعتبارهما "صمّام امان" في اطار المعادلة الفلسطينية الكبرى.
وتؤكّد مصادر فلسطينيّة لـ"النشرة"، أنّ معادلة التوتر والاستقرار تتساويان، واسبابهما متعدّدة، توتيرا: أولا-وصول المصالحة الوطنية بين "فتح" و"حماس" برعاية مصرية الى طريق مسدود.
ثانيا-اتخاذ خطوات تصعيدية من الطرفين ضد بعضهما البعض في غزة والضفة ما أدى الى توتير يصعب السيطرة عليه.
اما في لبنان، فأسباب الاستقرار تعود الى، أولا، رغبة كل منهما بعدم التصعيد. ثانيا، الضغوط السياسية والامنية اللبنانيّة التي تمارس عليهما لعدم التوتير والالتزام بضوابط الأمن داخل المخيمات والجوار اللبناني. ثالثا، حرص الطرفين على التمسك بالعمل المشترك عبر هيئة العمل الفلسطيني المشترك الذي رعى رئيس مجلس النواب نبيه بري التوقيع على وثيقته. ورابعا، رغبة كل طرف عدم تحميله مسؤولية فشل العمل المشترك أو حصول أيّ توتير في المخيمات توازيا مع التزامهما بقرار قيادتهما المركزية في الداخل حيث باتت له كلمة الفصل في التقارب أو التباعد.
موقف "حماس"
ويؤكد نائب المسؤول السياسي لحركة "حماس" في لبنان جهاد طه لـ"النشرة"، انّ قرار "حماس" في لبنان ثابت، لا نريد ان نقابل التحريض والاستفزاز بمثله، ولا نريد ان نستدرج الى ايّ سجالات او اشكالات تؤدي الى توتير الوضع في المخيمات الفلسطينيّة"، مضيفا "حماس مع حريّة الرأي والتعبير ضمن منظومة الانضباط وتسعى دائما لشراكة وطنيّة على كافة المستويات ولمعالجة كافّة القضايا من خلال الحوار البناء، على ان لا تستغلّ لخدمة مشاريع تضرّ بمصالح شعبنا وقضيتنا ومقاومته"، خاتما "نحن حريصون على الحوار اللبناني–الفلسطيني، حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين انطلاقا من الرؤية اللبنانية الموحدة وعلى قاعدة التمسك بحق العودة ورفض كل مشاريع التهجير والتوطين، وندعو الى الاسراع في اطلاق هذا الحوار، ومنح اللاجئين الحقوق الانسانية والاجتماعية".
موقف "فتح"
بينما أكد مصدر مسؤول في حركة "فتح" لـ"النشرة"، "ان حركة "حماس" لم تغيّر اسلوبها بعد في الازدواجيّة بين القول والفعل"، موضحا "ان قيادة حركة "فتح" ومعها فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية"، كانت وستبقى متمسّكة وداعمة للعمل الفلسطيني المشترك في لبنان، ولكن بشرط أن يقوم على الاحترام ووحدة الموقف والالتزام بما يتم التوافق والتفاهم عليه، وخاصة فيما يتعلق باستقرار أمن المخيمات وحفظ العلاقة مع الجوار اللبناني الشقيق.
وفيما أكد أمين سر حركة "فتح" وفصائل المنظمة في لبنان فتحي ابو العردات لـ"النشرة"، حرص حركة "فتح" وفصائل "المنظمة" على حفظ أمن واستقرار المخيّمات، شدّد سفير دولة فلسطين في لبنان اشرف دبور، على حرص حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" على حفظ أمن المخيمات وإستقرارها وقطع الطريق على أيّ فتنة، خاصة في هذه المرحلة التي تتطلّب المزيد من اليقظة والحذر لمواجهة المخططات، التي تستهدف شطب القضّية الفلسطينيّة وحقّ العودة عبر ما يعرف بـ"صفقة القرن" الاميركيّة التي ترفضها القيادة الفلسطينيّة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس "ابو مازن".
خلاصة القول، ان الخلافات السياسيّة والتوتّر بين "فتح" و"حماس" ليس جديدا، إلا أنه في هذه المرحلة يشكّل خطراً جدّيا على الوجود الفلسطيني في لبنان مع عزم الادارة الاميركيّة اعلان "صفقة القرن" وتصفية القضيّة الفلسطينيّة وشطب حقّ العودة، ما يستوجب الوحدة والتلاقي سريعا لمواجهة هذا الخطر، قبل فوات الاوان، ناهيك عن ايّ محاولة مشبوهة لايقاع الفتنة في المخيّمات تحت هذا العنوان.