يخلط الملتزم السياسي في معظم الاحيان، فيما بين، الواقع الذي يعيشه ويعاني منه،وأقوال وتصريحات ووعود الزعيم البعيدة والغريبة عن الواقع والتي لا يمكن تفسيرها بطريقة موضوعية، خصوصا اذا ما كانت كل المؤشرات تعاكس ما يعد به الزعيم او الزويعم او القائد الملهم... وغالبا ما يردد الملتزم امام الذين ينتقدون تصديقه لما قيل له من قبل هؤلاء القابضين اقله على حاضره ومستقبله:" ... لديه (أي الزعيم) معطيات ومعلومات نحن لا نعرفها ... لذلك فهو يستطيع ان يتخذ ما يشاء من قرارات ونحن لنا ملء الثقة بما يقوم به ..." هذه الثقة العمياء الغير القابلة للنقاش او لطلب التفسير او حتى لتبادل المعلومات قضت بالماضي على وجود امبراطوريات عظيمة وحضارات كبيرة واحزاب كانت تضم الاف المنتسبين ولتاريخه لم يتعلم الملتزم اصول المناقشة ولا الزعيم مسؤولية قول الحقيقة او اقله عدم الكذب بهدف التعمية عن الوقائع...
ثبت بالوجه الشرعي والمؤكد ولغاية تاريخه، ان نصيحة القائد الملهم لاتباعه لا تؤدي إلا الى نتيجة واحدة تثبيت زعامته ومنعهم من التقدم...وهم في غالب الاحيان يموتون اذا ما طبقوا النصائح او يفصلهم في حال تمردوا عليها ... وفي كلا الحالتين هو باقٍ وموجود ولو على حساب جماجم اتباعه وطموحاتهم وأمانيهم التي يقضي عليها من دون أن يرف له جفن ... وهم صامدون متمسكون بكل ما يحطمهم ولا طموح لهم الا ان يرضى عنهم... عادة الانتماء ولو الى "مقبرة" اقوى عندهم من ضرورة التمرد للخروج الى حرية المشاركة بالقرار والعمل على خلق افاق جديدة في حياتهم... نصائح الزويعم لاتباعه مكائد مسممة بطعم العسل...
في غالب الاحيان يخلط الملتزم فيما بين التضحيات التي بذلت من قبل المؤمنين بقضية ما ... وبين طموحات الزويعم التي لا تنتهي، لذلك تراه يلبس الاخير لبوس المضحي الذي بذل الغالي والنفيس من أجل ان يبقى الوطن والمواطن فيه احرار... بينما الحقيقة تصرخ بان من ضحى بحياته ووقته ومستقبله هو اما شهيد او جريح او تم سحقه من قبل الزويعم والحاشية المستجدة التي عملت على الاحاطة به فور تسلمه بعضا من مقاليد السلطة بعدما فكت ارتباطها بزويعم انطفأ نجمه، حاشية تستفيد والملتزم يبشر باساطير ترسخ الزويعم وتقضي على الوطن وعلى اولاده...
بالنتيجة يعيش الملتزم في ماض لن يعود، والحاشية في حاضر تستفيد منه، والزويعم عينه على مستقبل لن يكون له طالما لم يتعلم من كل الذين سبقوه...كلهم يعيشون في سجن بزنزنات متعددة اما المنتصر الوحيد فهو الثائر والحر ابدا ودائما.