قام رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بسلامة من عملية جراحيّة لتمييل القلب خضع لها في العاصمة الفرنسية باريس. ليس سهلا ما حمله الحريري في قلبه من العام 2005 حتى اليوم وكل المسؤوليات الضاغطة التي لحقت به نتيجة أوضاعه الشخصيّة والعامّة.
لا جلسة لمجلس الوزراء هذا الاسبوع بسبب وضعه الصحي. في الشقّ الإنساني، تمنٍّ بالشفاء العاجل له.
في الشأن العام، لا تتوقف شؤون الدولة عند شخص.
لذا كان موقعُ نائب رئيس الحكومة. ولكن، في لبنان، الشؤون العامة مرتبطة ارتباطا وثيقا "بالشخصنة" سواء الفرديّة او الحزبيّة وبالطائفيّة. هذا من جهة. من جهة أخرى، انتهاز الفرص لتأجيل البتّ بقضايا خلافيّة لطالما كان المخرج للحؤول دون الصدامات السياسّية فيُفضّل حلول الركود.
إنّ الركود في الشأن اللبناني بات أخطر من أيّ فساد ونهب مال عام وهدر.
يبدو من مراقبة الأوضاع الاقتصاديّة والنهج السيّاسي المتّبع من الدولة أنّ الركود لعدم السير قُدما في قضيّة تنمية البلد هو السلاح الّذي تنجح ذخيرته لإرساء التعطيل وتحقيق الإضعاف.
بعيدا عن نظريّة المؤامرة التي يرفضها البعض، الواقع يؤكّد أنّ المؤامرة الخارجية حقيقة تُنفّذ عبر أيادٍ داخليّة لخلق التناحرات بين مكوّنات أركان الدولة.
إنّ وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في البيان المكتوب الذي تلاه أثناء زيارته الى لبنان الاسبوع المنصرم والذي ركَّز فيه على "حزب الله" واعتبره العائق أمام تحقيق "أحلام" الشعب اللبناني يضعنا أمام تساؤلات عدّة أهمّها سؤال مركزي.
من هو العائق أمام تحقيق الشعب اللبناني أحلامه؟!. بحسب بومبيو انه الشعب بذاته عبر مكوِّن حزب الله.
نسي الرجل الحروب الإسرائيليّة التي دمّرت لبنان والحرب اللبنانيّة او بالأحرى تناسى.
بنظرة موضوعيّة الى الداخل اللبناني الذي بات نتيجة هشاشته مسرحا للتدّخلات الأجنبيّة والتقاتل المحلي عبر حروب الملفّات، نتوقّف عند الآتي:
لا موازنة عامة، لا كهرباء، لا مياه، تلوّث، فساد، هدر، لا ضمان صحي شامل، لا ضمان شيخوخة، لا تسهيلات مصرفيّة، لا فرص عمل، ظلم، جرائم، غلاء معيشة، نازحون سوريون، لاجئون فلسطينيون، جيش غير مسلّح كفاية، إدارات رسميّة غير ممكننة، نفط وغاز مهدور، تباعد اجتماعي حاد، اقتصاد كهل، أقساط تربويّة خياليّة، ضغوط دولة... إلخ.
بالمقابل، غياب تام لخطّة تنمية مستدامة وركود في تحقيق النهوض بما هو متوفّر من أدوات.
القطاع الخاص ينقذ الدولة اقتصاديًّا.
وهذه حقيقة يجب الإقرار بها من رؤوس الدولة الذين غالبا ما يهملون الاهتمام بالقطاع الخاص او إشراكه بالقرارات الاستراتيجيّة.
من مراقبة أداء بعض السياسيين، يتبين لنا أنهم يمارسون هواية ابتكار المصطلحات لاقناع جمهورهم بمدى عملهم الفاعل لتحقيق الأحلام.
يتعطّل كل شيء أمام سلّة التعيينات. يعود معيار الكفاءة ليطفو على التبريرات. جيل من الكفاءات يهاجر خارج البلاد بحثا عن مستقبل آمن مستقر ولكن يبقى السؤال:
كيف يعيش مواطن بدخل لا يكفيه لقمة العيش.
مناطق الأطراف تنوء من غياب العدالة الاجتماعية. لا حلّ قريب في الأفق للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. الواقع أنّ الشعب يكافح وحده الركود عسى أن يبقى قلبه نابضا بالحياة.