في توقيت دقيق، وبرسالة ناريّة مزدوجة، وجّهت المقاومة الفلسطينيّة في غزّة صاروخا نوعيّا هزّ تل أبيب مرّة اخرى ودمّر منزلين، مُصيبا 7 "اسرائيليّين" في منطقة محصّنة بالقبّة الحديديّة، ووصلت ارتداداته الى واشنطن ليخطف "نشوة" بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الذي كان يتسلّم اعتراف مضيفه دونالد ترامب ب "شرعيّة" احتلال "اسرائيل" للجولان كهديّة انتخابيّة، على وقع معلومات استندت الى موقع "واللا" العبري رجّحت "امتصاص" خطورة رسائل هذه الصواريخ على عاصمة الكيان الى حين انتهاء الإنتخابات الإسرائيليّة "على ان تبدأ الحرب الشاملة في الصيف القادم" ـ وفق ما يؤكّد المحلل العسكري في الموقع المذكور امير اورن، بموازاة تقارير مواقع عبريّة أخرى اعتبرت انّ اقتراب تنفيذ صفقة القرن، واعتراف الرئيس الأميركي بسّيادة "إسرائيل" على الجولان، يُمهّدان لاحتمالات عسكريّة قد تكون غير متوقّعة، تتضمّن ضربات "اسرائيليّة" قادمة ضدّ مناطق سوريّة ولبنانيّة "من المُزمع ان تكون خاطفة ولا ترتقي الى مستوى حرب شاملة"، مع ترجيح عمل عسكريّ اميركي كبير في العراق لن تكون تل ابيب بعيدة عنه!
ووسط التداعيات الدراماتيكيّة التي ارستها صواريخ المقاومة الفلسطينيّة النوعيّة على تل ابيب مخروقة بعمليّة الطّعن في سجن النّقب التي طالت ضابطين "اسرائيليّين"، وقُبيل اعتراف الرئيس الأميركي بالسيادة "الإسرائيليّة" على الجولان، كان مايك بومبيو ـ وزير الخارجيّة الأميركيّ، يُطلق من تل ابيب تصريحات عالية السقف ضدّ حزب الله قبل ان يحطّ رحاله في بيروت ويستكمل هجومه على الحزب. ما بدا لافتا تجلّى بالحركة الأميركية "المُريبة" تجاه لبنان في فترة قياسيّة تستدعي التوقّف عندها في هذا التوقيت الحسّاس، سيّما انها تتجاوز مسألة ترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة.
فبومبيو حطّ في لبنان بعد ايام من زيارة مساعده لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد، وقبله وكيل الخارجية الأميركيّة للشؤون السياسية دايفيد هيل، الذي قدم الى بيروت ايضا بعد زيارة مارشال بيلينغسلي - وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، مسبوقا بأخرى لرأس القيادة المركزيّة الأميركيّة الجنرال جوزيف فوتيل.. زيارات متلاحقة واكبتها ايضا اندفاعة اوروبيّة ضمّت وفودا فرنسيّة ـ كان آخرها للرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند، والمانيّة، وبريطانيّة آثرت بالتزامن ارسال أضخم مدمّراتها الى المياه اللبنانيّة في هذا التوقيت تحديدا تحت عنوان "التعاون العسكري المشترك"!
وفي ذروة هذا الحراك الأميركي- الغربيّ المريب، والذي يُتوّج بالأخطر في اعتراف دونالد ترامب، ليس بـ"إهداء" الجولان حصرا الى "اسرائيل" وانما ايضا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانيّتين، حيث يدّعي الكيان انهما جزء من الجولان.. تمّ بهدوء وبعيدا عن الضوضاء، افتتاح مبنى السفارة الأميركية الضخم في لبنان بتكلفة ماليّة هائلة وهو اشبه بقاعدة عسكريّة ضخمة - حسب توصيف مركز فيريل الألماني للدراسات، والذي سبق وكشف عن حركة عسكرية اميركية "مريبة" تجاه لبنان منذ اواخر شهر تشرين الأوّل المنصرم، تمثّلت بهبوط مروحيات اميركية في مطار حالات في الشمال، تحمل صناديق ضخمة مجهولة المحتوى.. وليبدو لافتا ايضا إعادة تجميع القوى السياسية المناوئة للمقاومة في لبنان ربطا "بأحداث هامة قادمة ستُغيّر الستاتيكو القائم، وستُفضي الى ضغط سياسي - اقتصادي وعسكري غير مسبوق على حزب الله" - وفق ما سرّبت احدى هذه الشخصيّات بعد مغادرة مايك بومبيو بيروت.
في المقابل، لحزب الله ومحور المقاومة.. رأيٌ مغاير.. فعيون الأروقة الامنيّة والإستخباريّة "الإسرائيليّة" ترى بوضوح البصمات الإيرانيّة على صواريخ المقاومة الفلسطينيّة النوعيّة التي باتت تصل الى تل ابيب، "وحيث من المؤكّد انّ المقاومة في غزّة ستُبرز احدى اقسى مفاجآتها في المدى المنظور"- وفق ما يؤكد خبير عسكري بريطاني استنادا الى مصدر في صحيفة "اندبندنت"، كشف ايضا عن حراك عسكري غير مسبوق في المطارات "الإسرائيليّة" في ظلّ تكتّم اعلامي مطبق، بعد رصد "خرق امني" هام في مطار بن غوريون أحدث حالة من الإرباك الشديد، واستتبعه اعتقال مسؤولين أمنيّين في المطار المذكور، كما في مطارات اخرى يجري التحقيق مع عدد من أطقمها الأمنيّة ايضا..
هو ليس الأوّل من نوعه في مطار بن غوريون، ففي الثاني من تموز عام 2017 شهد هذا المطار "خرقا امنيّا خطيرا" هزّ أروقة تل ابيب لأكثر من ثلاث ساعات، وأجبر حينها سلاح الجوّ ووزارة الأمن "الإسرائيليّيَن" سريعا الى توجيه أمر طارئ بإغلاق المجال الجوّي، ووقتذاك أحاطت الرّقابة الإسرائيليّة ما اكتفت بتسميته "حدثا أمنيّا" بكتمان اعلامي حظرت من خلاله نشر أيّ تفاصيل عنه.
مسؤول لبناني - وهو من بين الذين التقوا مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد ساترفيلد خلال زيارته لبنان، سرّب ان الأخير حُمّل رسالة عند اثارته مسألة البلوكات النفطيّة اللبنانيّة وحقّ "اسرائيل" في احداها - حسب زعمه، نصحت ادارته بأخذ كلمات سبق ان وجهها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله إزاء ايّ محاولات قرصنة "اسرائيليّة" لحقوقه النفطية، بجدّية عالية، "وقصف المنصّات الإسرائيليّة داخل فلسطين المحتلّة في خلال ساعات".. وأُلحقت الرسالة بأخرى مقتضبة مفادها "في خلال ساعات ايضا سيُقضى الأمر" اذا ما اشعلت "اسرائيل" شرارة المواجهة في لبنان او سورية او كلا الجهتين معا.
ليبقى الأبرز في "الحدث الهام الذي على تل ابيب ترقّبه في الجولان" وفق تحذيرالكاتب الأميركي في صحيفة "واشنطن بوست" ماكس بوت.