تعاني النصوص القانونية في لبنان بشكل عام من غياب الوضح فيها، ما يجعل صلاحيات المحاكم متداخلة بين المحاكم الجزائية ومحكمة المطبوعات في ما خصّ محاكمة أي صحافي في أي قضيّة كانت. كما أن الإختلاف يصل الى التصنيف، إذ انه لا يوجد أي نص واضح لتصنيف المؤسسات الاعلامية بين وسائل اعلام وبين "مطبوعات"، الامر الذي يجعل من الصحافي ضحية القوانين التي تكون في بعض الأحيان، "ظالمة" بحقه!
"الاختلاف بين جرائم المطبوعات والجرائم الجزائية، هو أن في الأولى الشخص يحاكم بدفع غرامة مالية، بينما قد يحكم بالسجن في الثانية"، يقول الخبير القانوني أنطوان صفير عبر "النشرة"، لافتا الى أنه "في الموضوع الجزائي يختلف الامر تماماً فإما تتحرك النيابة العامة تلقائياً أو يقوم أحد الأشخاص برفع دعوى قدح وذم وتًحال بعدها أمام المحكمة المناسبة"، مشيرا في نفس الوقت الى أن "النيابة العامة هي الجهة التي تحدد الى أي مرجع أو أي محكمة تًحال الدعوى والسبب هو عدم وضوح القانون في هذا المجال".
بحسب قانون المطبوعات وفيما يتعلّق بجرائم المطبوعات يحظّر نشر وقائع التحقيقات والمحاكمات السرية والمحاكمات التي تتعلق بالطلاق والهجر ووقائع مناقشات جلسات اللجان البرلمانية، كما يحظر نشر وقائع تحقيقات إدارة التفتيش المركزي العدلي، الرسائل والأوراق والملفات أو شيئاً من الملفات العائدة لاحدى الادارات العامة، وقائع دعاوى القدح والذم في الحالات التي لا يجوز فيها الاثبات، وقائع الدعاوى الحقوقية التي تحظر المحكمة نشرها، التقارير والكتب والرسائل والمقالات والصور والانباء المنافية للاخلاق والاداب العامة. هنا يشرح أنطوان صفير أنه "ورغم كلّ ذلك فإن القانون لا يزال غير واضح أبداً بما يخص تبرير هوية الشخص الصحافي، وهنا الاختلاف فإذا تمت معاملته على أساس أنه صحافي يحاكم ضمن قانون المطبوعات أما إذا تمت معاملته على أنه شخص عادي عندها يمكن أن يحاكم ضمن المحاكم الجزائية".
هنا يؤكد صفير أن "اللغط الكبير حاصل في الوقت الراهن هو حول تحديد من ينتمي الى الصحافة ومن لا ينتمي، مثلاً الذين ينشرون الاراء على وسائل التواصل الاجتماعي يفترض أن يحاكموا في محكمة المطبوعات إلا أنهم حتى اليوم يحاكمون في المحاكم الجزائية أو غيرها"، ومضيفاً: "هنا اللغط أيضاً يطال المواقع الالكترونية فهل تعتبر مطبوعة أم لا وفي السابق كان الصحافي فيها لا يحال الى محكمة المطبوعات على اعتبار أنها ليست مصنّفة ضمن وسائل الاعلام وفي هذه الامور كلّها يحتاج القانون الى تصحيح وتوضيح".
في المحصلة تتداخل الصلاحيات بين المحاكم الجزائية ومحكمة المطبوعات، ويبقى الاساس هو تحديث قانون المطبوعات!