أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ المشكلة الاقتصادية في لبنان ليست وليدة ساعتها، مشيراً إلى أنّ عدم السير بخطة الكهرباء منذ العام 2010 حتى اليوم هو نكد سياسي، على خلفية الخلافات على خطة الكهرباء بين الوزير جبران باسيل والرئيس نبيه بري من جهة، وبين باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع من جهة ثانية.
وفي حديث إلى تلفزيون "الجديد" ضمن برنامج "الحدث" أدارته الإعلامية نانسي السبع، لفت أبو فاضل إلى أنّه مع وصول الرئيس ميشال عون الى لبنان أصبح هناك ثقل مسيحي شريك في البلد، وهذا الثقل لم يستطع الدكتور جعجع تأمينه، مشيراً إلى وجود خلاف بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، مشدّداً على عدم وجود كيمياء بينهما، لدرجة أن الانسجام بينهما لا يمكن أن يحصل إلا في حال أطلّت الفنانة هيفا وهبي عبر قناة "المنار".
المشكلة في طبقة الطائف
واعتبر أبو فاضل أنّ "هذه الحكومة التي أرادوها حكومة وحدة وطنية لا تمت الى الوحدة بصلة"، رافضاً ما يقوله البعض لجهة أنّ البلد على شفير الإفلاس، داعياً إلى وقف السرقة في أوجيرو والمرفأ والمطار وغيرها، ومشدّداً على أنّ المشكلة اليوم هي في الطبقة السياسية التي أنتجها الطائف والتي لا تريد ميشال عون رئيساً، إلا أنّ الأخير استطاع أن يفرض نفسه.
وشدّد أبو فاضل على وجوب الفصل بين السلطة التشريعية والسلطة السياسية، مشيراً إلى أنّه لا يوجد بلد في العالم يذهب إلى حكومة الوحدة الوطنية إلا بعد مرحلة حرب، بخلاف الواقع اللبناني اليوم. وقال رداً على سؤال، إنّ حكومة الوحدة لم تكن بالضرورة خيار العهد، بل فُرِضت عليه، باعتبار أنّ لا صلاحيات لرئيس الجمهورية ليشكّل الحكومة وحده وكما يريد، بسبب التنازلات التي حصلت بموجب اتفاق الطائف.
الخلاف داخل البيت الشيعي ممنوع
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ حزب الله لا يريد رئيس جمهورية لا يمثل في ظلّ الحرب التي تُشَنّ عليه، لافتاً إلى أنّ الحزب والرئيس ميشال عون متفقان على أكثر من 80 في المئة من القضايا، ولكنّه أشار إلى أنّ الخلاف داخل البيت الشيعي أي بين الحزب وحركة أمل ممنوع بالنسبة إلى الحزب، معبّراً عن تأييده لهذا الأمر على المستوى الشخصي.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ حزب الله يُفشِل الخطط الأميركية في لبنان والمنطقة، وهو بات قوة إقليمية كبيرة، مشيراً من جهة ثانية إلى أنّ الرئيس بري مسؤول أساسي في البلد. وأكد رداً على سؤال آخر، أنه يبقى مؤيّداً للخط السياسي الذي تمثله قوى 8 آذار، فهو كما يؤيد الرئيس عون والوزير باسيل وحزب الله، يؤيد الرئيس بري، وكذلك الوزير سليمان فرنجية، معبّراً عن رضاه عن هذا الخط السياسي العام، إزاء الأزمة السورية، ومحاربة التكفيريين، وغيرها من الأمور الاستراتيجية، بمعزل عن الخلافات الداخلية.
النكد السياسي يُفشِل الدولة
وجدّد أبو فاضل القول إنّ النكد السياسي هو الذي يُفشِل الدولة، كاشفاً أنّ هناك أفرقاء في البلد لديهم مرافئ خاصة بهم من الشمال الى الجنوب، وعند أي حديث عن مكافحة الفساد تبدأ المشاكل الطائفية في البلد". وأشار من جهة ثانية، إلى أنّ المجلس الدستوري بات يؤسس لعجائب سياسية في البلد، لافتاً إلى أنّه كان يفترض به إعلان نيابة طه ناجي بعد قبوله الطعن بنيابة ديما جمالي، فإذا به يذهب إلى انتخابات فرعية.
وفي سياق آخر، نوّه أبو فاضل بالسياسة النقدية الحكيمة التي انتهجها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للحفاظ على متانة الليرة اللبنانية، مشيراً في المقابل إلى أنّ المشكلة في البلد أنّ المسؤولين السياسيين هم أنفسهم أصحاب المصارف، وبالتالي فإنّهم يعطون الأولوية لمصالحهم الخاصة، ما يعرقل في مكانٍ ما تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة بموجب مؤتمر سيدر الذي عقد العام الماضي للنهوض بالاقتصاد اللبناني، مشدّداً على أنّ الرئيس ميشال عون ليس هو المسؤول عن هذا الوضع بالتأكيد.
الخطة الروسية لم تستوِ بعد؟!
وأكد أبو فاضل أنّ خطة الكهرباء ستُعتمَد في نهاية المطاف، وأنّ التغطية الكهربائية ستصبح 24 على 24 خلال عهد الرئيس ميشال عون، ولفت من جهة ثانية، إلى وجود "حرد" بين الرئيسين عون والحريري على خلفية زيارة الأول إلى روسيا، مشيراً إلى أنّ الرئيس الحريري يعتبر أنّ الخطة الروسية لم تستوِ بعد لعودة النازحين، وأنّ لا رؤية واضحة عند الروس في هذا السياق.
وشدّد أبو فاضل على أنّ سوريا ليست مثل لبنان، وهي تُقاتَل بسبب موقعها السياسي، رافضاً الذهاب إلى اتفاق طائف في سوريا على غرار اتفاق الطائف في لبنان، مشيراً إلى أنّ مثل هذا السيناريو يؤدي إلى تطيير سوريا برمّتها. ولفت إلى أنّ حلاً سياسياً من هذا النوع غير ممكن في سوريا في الوقت الحالي، معتبراً أنّ على القوات الأجنبية التي دخلت إلى سوريا من دون التنسيق مع حكومتها أن تغادر، وعلى النازحين العودة إلى بلادهم.
يريدون بقاء النازحين لاستعمالهم في السياسة!
ورأى أبو فاضل أنّ قوى 14 آذار بقيت تتغنّج يميناً وشمالاً لتبادل السفارات بين لبنان وسوريا، ثمّ انقلبت على السفير علي عبد الكريم علي ولم تعد تريد أن يبقى السفير السوري في لبنان، واليوم تكرّر الأمر نفسه مع المبادرة الروسية لعودة النازحين. ونبّه إلى أنّ الأميركيين والسعوديين والقطريين يريدون أن يبقى النازحون في لبنان لاستعمالهم كورقة سياسية، مشيراً إلى أنّ "الخطة الروسية لإعادة النازحين بحاجة إلى تمويل". ورأى أن هناك من يعمل على الكذب على النازحين ويهول عليهم لإبقائهم في لبنان.
وفي سياق منفصل، جدّد أبو فاضل القول إنّه يعارض مرسوم التجنيس الذي صدر أخيراً، معتبراً أنّه كان من الأفضل أن لا يوقع الرئيس ميشال عون مرسوم التجنيس الذي أصدره، وأن يصدر مجلس شورى الدولة قراره في تنظيف المرسوم من الشوائب، خصوصاً أنّ اللواء عباس ابراهيم أعلن أن هناك 80 اسماً لا يستحقون الجنسية اللبنانية بعد التحقيقات التي أجراها.
باسيل أرجأ زيارته إلى سوريا كرمى للحريري
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ وزير الخارجية جبران باسيل يسعى للتوفيق بين الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري، بعد "الحرد" الذي حصل مؤخراً على خط علاقتهما. وذكر أنّ الوزير باسيل أرجأ زيارته إلى سوريا بعد زيارة بيت الوسط كي لا يفجر الوضع في البلد، مؤكداً أنّ الرئيس عون على علاقة جيدة مع السوريين، وهو يصرّ على ضرورة معالجة ملف النازحين، وهو يريدون أن يعودوا خلال عهده.
وفي موضوع آخر، لفت أبو فاضل إلى أنّ العلاقة بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بدأت تتحلحل، لافتاً إلى الكلام المفصّل الذي صدر عن جنبلاط وكذلك عن الوزير جبران باسيل في قداس التوبة والغفران الذي استضافته إحدى الكنائس في دير القمر أخيراً، معتبراً أنّ من شأن هذا الكلام إراحة المواطنين في الجبل، لافتاً إلى أنّ سيطرة الحزب التقدمي الاشتراكي على المنطقة كانت تخيف الكثير من المسيحيين في السابق.
عون ونصرالله يريدان مكافحة الفساد
من جهة ثانية، اعتبر أبو فاضل أنّ الرؤوس الكبيرة في البلد، أو من وصفهم بحيتان المال، لن يطالهم أحد، مشيراً إلى أنّ معركة مكافحة الفساد يمكن أن تصل إلى الموظفين أو السماسرة ولكن ليس الرؤوس الكبيرة، لافتاً إلى تركيبة البلد الطائفية التي تمنع المسّ بأيّ فاسد يتمتع بالحصانة أو الغطاء.
وأكد أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ التيار الوطني الحر أعلن رفع الغطاء عن أيّ مرتكب، ولكنّه رفض أن تقتصر المحاسبة على طرف طائفي دون غيره، مشدّداً على أنّ 99 في المئة من المسؤولين في البلد لصوص، موضحاً أنّ البلد منهوب من السلطة السياسية، ولا يستطيع أن يكون أحد بينهم ويتّهم الآخرين بالفساد والنهب.
وقال أبو فاضل رداً على سؤال آخر، إنّ هناك الكثير من الشرفاء في البلد الذين يريدون مكافحة الفساد من قلبهم، لافتاً إلى أنّ على رأس هؤلاء الرئيس عون وكذلك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرا الله، مشيراً رداً على سؤال آخر، إلى أنّه ينزّه أيضاً الوزير جبران باسيل، معتبراً أنّ الأخير ليس فاسداً ولا سارقاً.
لتفز ديما جمالي بالتزكية
واعتبر أبو فاضل في ختام الحلقة، أنّ الوزير السابق فيصل كرامي كان موفّقاً بإعلانه والمرشح السابق طه ناجي مقاطعة الانتخابات الفرعية في طرابلس، معرباً عن اعتقاده بأنّ الإقبال لن يكون كبيراً، داعياً تيار المستقبل إلى السعي لإقناع المرشحين الآخرين إلى الانسحاب من المعركة، لتفوز النائب ديما جمالي بالتزكية بدل صرف الأموال على الانتخابات، وحتى لا يُفضَح تيار المستقبل بنسبة الإقبال الضئيلة.