تحدثت مصادر أمنية لـ"الاخبار" عن إعادة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان تسجيل عددٍ من النازحين السوريين الذين غادروا إلى سوريا ثمّ عادوا إلى لبنان، علماً بأنّه يُفترض شطب كلّ نازح يعود إلى بلده، من سجلات "المفوضية". وقد اكتشف الأمن العام اللبناني "الخرق"، فتواصل مع المسؤولين في مفوضية شؤون اللاجئين الذين نفوا ذلك. إلا أن المعلومات الامنية أكّدت أن المفوضية، وبعد مراجعتها من قبل الامن العام، اضطرت إلى التوقف عن تسجيل العائدين، بحسب المصادر الأمنية نفسها.
ليست المرّة الأولى التي تُعدّل فيها "المفوضية" من استراتيجيتها المُتبعة في ملفّ النازحين السوريين. فالحادثة الأخيرة تُذكّر بالإشكال الذي حصل في حزيران الـ2018، بينها وبين وزارة الخارجية والمغتربين. حالياً، يقول مسؤولٌ في "الخارجية" إنّ الوضع "هادئ" مع المفوضية السامية، صحيحٌ أنّها "لا تُشجع النازحين على العودة إلى سوريا، ولكن على الأقل لم يعد طاقمها يثني السوريين عن المغادرة". ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار تقول أيضاً إنّه "توصّلنا إلى قاعدة مشتركة مع الخارجية، وهي أنّه يجب العمل مع سوريا لتسهيل العودة".
إلا أنّ مسؤولين في وزارات "خدماتية" يقولون العكس. يؤكّدون أنّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين "لا تزال تُشيع أجواءً بأنّ العودة إلى سوريا دونها عراقيل ومخاطر". ليس هذا وحسب، فهناك ملاحظات تبدأ من "الشكليات"، كرفض جيرار "أن تُدوَّن المحاضر خلال الاجتماعات التي تُعقد بين المفوضية والوزارات والمؤسسات الرسمية اللبنانية، والتي تهدف إلى مناقشة العودة. وذريعة جيرار أن يتمكّن الحاضرون من التحدّث براحتهم". وإضافة إلى ذلك، ثمة نقاط جوهرية، "كعدم تجاوب جيرار مع دعوات مُتكررة تلقتها من الجهات المعنية داخل وزارة الشؤون الاجتماعية، للاجتماع مع كلّ المنظمات الدولية غير الحكومية، والجمعيات المحلية الناشطة في ملفّ النازحين السوريين، للخروج بخطة موحدة تكون بإشراف وزارة الشؤون".
وشرحت المصادر أنّ في لبنان 30% من الأحداث المُعرضين للخطر هم سوريون، "موجودون في مؤسسات متعاقدة مع وزارة الشؤون الاجتماعية، ولا تغطيهم مادياً أي جهة دولية، وتفوق كلفتهم ملياراً ونصف مليار ليرة لبنانية". انطلاقاً من هذا الملفّ، دُعيت جيرار "خمس مرات إلى عقد اجتماع لبتّ هذه النقطة، واختيار وزارة الشؤون لشركاء المفوضية في تطبيق خطة الاستجابة لأزمة النزوح، حتى لا يبقى التواصل مباشراً بينها وبين الجمعيات. والمراد هو أن تتشبّه المفوضية بـ"اليونيسف" مثلاً، التي لا تتواصل مباشرةً مع الجمعيات المحلية، قبل موافقة الشؤون الاجتماعية". وذكّرت المصادر باستباحة الدول المانحة والمنظمات الدولية للسيادة المالية للدولة، وتوزيع المساعدات مباشرةً على الجمعيات أو النازحين أو القطاعات الاجتماعية، من دون المرور بمؤسسات الدولة (عام 2018، دفعت 10 دول مانحة مبلغ مليار و477 مليوناً و939 ألف دولار في لبنان، "استجابةً لأزمة النزوح السوري" لكن لم يدخل خزينة الدولة منها سوى 21 مليون دولار.