بدأت صورة الواقع الإنتخابي الطرابلسي تتبلور أكثر فأكثر، بعدما أقفلت وزارة الداخلية والبلديات في الأيام القليلة الفائتة، باب سحب الترشيحات للإنتخاب الفرعي المزمع عقده منتصف هذا الشهر، لملء المقعد السني الخامس في طرابلس، الذي شغر، أثر إصدار المجلس الدستوري طعناً بنيابة عضو كتلة المستقبل ديما جمالي، التي إتهمت بدورها أعضاء أعلى سلطة دستورية في البلاد بتقاضي الرشى، قبل إتخاذهم قرار الطعن. وراهناً بعد إنسحاب المرشح السابق سامر كبارة إبن شقيق نائب "التيار الأزرق" محمد كبارة، وفي ضوء استمرار نجل العائلة طلال كبارة في خوض غمار الإنتخاب، بدا جلياً أن المنافسة على المقعد المذكور، ستنحصر بين مرشحة السلطة جمالي والمرشحين المستقلين، في مقدمهم : المهندس يحيى مولود وكبارة، الذي تربطه صلة وعلاقات إجتماعية جيدة مع أبناء المناطق الشعبية، وفقاً لمعلومات مصادر طرابلسية عليمة.
وتتوقع هذه المصادر ألا تتجاوز نسبة الإقتراع الـ 10 بالمئة كحد أقصى في "المنافسة الباردة" المرتقبة بعد نحو أسبوع، على حد تعبيرها. وهنا أمام هذا الواقع، قد يقوم رئيس الحكومة سعد الحريري بجولة إنتخابية في الفيحاء، في محاولة منه لإستنهاض شارعه، وتحفيزه على إنتخاب مرشحته ، كون زعيم "المستقبل"، يخشى أن يخذله الشارع الطرابلسي، بالتالي تكون نسبة الإقتراع متدنية أكثر من المتوقع، لذا الزيارة متوقعة في أي وقت، لشد عصب جمهوره، ودائماً بحسب رأي المصادر.
وعن الأسباب التي أدت إلى حال اللامبالاة لدى الطرابلسيين، تعتبر أن السبب الأساس إنصياع مكونات أسياسيين من الكتلة الناخبة في عاصمة الشمال ، لإملاءات الحريري، الذي أعاد تسمية جمالي، من دون الرجوع لرأي أي قوى أو شخصيات طرابلسية، الأمر الذي يؤشر الى أرجحية فوز مرشحة السلطة، كذلك جاءت دعوة النائب فيصل كرامي وحلفائه لمقاطعة هذا الإنتحاب، الأمر الذي يسهم أيضاً في شكلٍ فاعلٍ في إنخفاض نسبة الإقتراع، أضف الى ذلك تدني صرف الأموال في الحملات الإنتخابية. وتختم المصادر: "بغض النظر عن هذه الأسباب المذكورة، عادة لا تكون نسبة الإقتراع مرتفعة، في أي إنتخاب فرعي مر عبر الزمن الحديث".
وعن التوجه لدى الكتلتين الناخبتين العلوية والمسيحية، تؤكد شخصية قريبة من فريق الثامن آذار، ألا حماسة قوية لديهما للمشاركة في الإنتخاب المرتقب، للأسباب المذكورة أعلاه، خصوصاً بعد دعوة كرامي للمقاطعة، وعدم تبني هذا الفريق دعم ترشيح أحد، لكنها ترجح في الوقت عينه أن يحظى مولود بتأييد مقبول من أبناء منطقته الميناء من مختلف مكوناتها، فهذه المدينة تشكل بوتقة للتنوع، ونموذجاً للعيش الواحد، وخلصت هذه الشخصية الى هذا التحليل، بعد فشل رجل الأعمال جورج شبطيني في المهمة التي أوكلها إليه تيار الحريري، في إقناع الجمهور المسيحي للتصويت لجمالي.