قبل نحو اسبوع من الإنتخابات النيابية الفرعية في طرابلس، على المقعد السني الشاغر بعد قبول المجلس الدستوري الطعن المقدم ضد المرشحة الحالية ديما جمالي، تلقى تيار "المستقبل" ضربة موجعة في إنتخابات نقابة المهندسين في الشمال، من المفترض أن يكون لها تداعيات كبيرة.
وعلى الرغم من أهمية الفصل بين الإستحقاقين، نظراً إلى أن إنتخابات النقابة ذات طابع نقابي بالدرجة الأولى، على عكس ما هو الحال بالنسبة إلى الإنتخابات النيابية، بالإضافة إلى الإختلاف في طبيعة التحالفات، حيث خاض "المستقبل" الإستحقاق في نقابة المهندسين في الشمال بوجه تيار "العزم" و"التيار الوطني الحر" بشكل خاص، بينما "العزم" هو من أبرز حلفائه في الفرعية النيابية، إلا أن هذا لا يلغي أن النتيجة تعني، بشكل أو بآخر، أن التيار غير قادر على خوض أيّ إستحقاق من دون تحالفات كبيرة.
في هذا السياق، تشير مصادر سياسيّة مطلعة في عاصمة الشمال، عبر "النشرة"، إلى أن النتيجة شبه المحسومة بفوز جمالي، يوم الأحد المقبل، ما كانت لتكون على هذا الشكل، فيما لو لم يكن "المستقبل" قد نجح في ترتيب مروحة واسعة من التحالفات مع أغلب القوى والشخصيات السياسية في عاصمة الشمال، حيث تؤكد أن رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي كان قادراً على فرض مواجهة قاسية لو أراد ذلك، والأمر نفسه ينطبق على وزير العدل السابق أشرف ريفي، الذي عاد مؤخراً إلى "البيت المستقبلي" من جديد.
وإنطلاقاً من ذلك، وضع "المستقبل"، بحسب ما تلفت المصادر نفسها، هدفاً أساسياً هو رفع نسبة الإقتراع إلى أقصى حد ممكن، نظراً إلى أن حلفاءه لا يبدو أنهم في طور خوض المعركة عنه، الأمر الذي دفع بعض مسؤوليه، لا سيما الأمين العام أحمد الحريري، للحضور شخصياً إلى طرابلس للإشراف على التحضيرات القائمة، والذهاب إلى إستخدام أدوات مذهبيّة لشدّ عصب المناصرين، مع العلم أنه لا يواجه أيّ فريق سياسي ينتمي إلى قوى الثامن من آذار، بعد أن قررت الأخيرة العزوف عن هذا الإستحقاق، على قاعدة أن مرشّحها طه ناجي كان من المفترض أن يعلن المجلس الدستوري فوزه.
في هذا الإطار، ترى هذه المصادر أنه بغضّ النظر عن المشاكل التي واجهت "المستقبل" في التحضير لمعركة الإنتخابات الفرعيّة، هناك واقع جديد عليه التسليم به يؤكد أنه لم يعد الرقم الأصعب في عاصمة الشمال، بدليل خسارته الإنتخابات في نقابة المهندسين في الشمال، الّذي تحالف فيها مع حزب "القوات اللبنانية"، بعد أن كان يسيطر عليها على مدى 10 سنوات، وتعتبر أن السبب يعود إلى أنه في الجانب المقابل كان يواجه خصماً صعباً على الساحة السنية هو ميقاتي، الذي كان متحالفاً مع "التيار الوطني الحر".
من وجهة نظر المصادر السياسيّة المطلعة في عاصمة الشمال، هذا الواقع من المرجّح أن تعيد تأكيده الإنتخابات الفرعية يوم الأحد المقبل، الأمر الذي قد تترتب عليه تداعيات كبيرة في المستقبل، لا سيما إذا ما فشل التيار في رفع نسبة الإقتراع إلى الحدود التي لا تكشف حجم تراجعه في المدينة، إلا أنها تشير إلى أنه في الوقت نفسه لا يملك الأدوات المناسبة لذلك، خصوصاً أن مرشّحته لا تحظى بالرضا الشعبي، حيث توجه لها الإنتقادات بأنّها لا تمثل بيئة المدينة، الأمر الذي يدفعه إلى الإبتعاد عن تنظيم مهرجان شعبي إنتخابي، والإكتفاء بالزيارات والجولات.
في المحصلة، تشير المصادر نفسها إلى أنّ "المستقبل" سيكون، يوم الاثنين المقبل، على موعد مع فتح صفحة جديدة في طرابلس، بغض النظر عن فوز جمالي في المقعد النيابي الشاغر، تفرض عليه إعادة حساباته جيداً قبل أي إستحقاق إنتخابي جديد، خصوصاً إذا لم تكن نسبة الإقتراع كما يتمنى.