كثرت التباينات بين "حزب الله" والحزب "التقدمي الإشتراكي" في الآونة الاخيرة، ووصلت إلى أعلى درجات التوتر السياسي الصامت بعد إتخاذ وزير الصناعة وائل ابو فاعور قراراً إدارياً أطاح بموجبه بالأحكام القضائيّة التي كان إستند إليها وزير الصناعة السابق النائب حسين الحاج حسن لتأكيد أحقيّة آل فتوش بتشغيل معملهم في عين دارة.
وبحسب المعلومات فإنّ "حزب الله" الذي يخوض معركة ضد الفساد، أرسل قيادياً فيه إلى ابو فاعور يطلب منه التنبّه بأن معمل آل فتوش "قانوني مئة بالمئة، ويستوفي كل الشروط، لأنه يحوز على رخص قانونيّة كاملة، ويلبّي الشروط المطلوبة، ولا يُمكن شطبه بشحطة قلم".
فإستمهل وزيرُ الصناعة الجواب النهائي، وأوحى لموفد حزب الله بالموافقة على طلبه، لكن ابوفاعور أبلغ فوراً رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط بالأمر، فإتّخذ الأخير قراراً بإطلاع رئيس الحكومة سعد الحريري لمواجهة طلب "حزب الله" معاً.
بعد أيام قليلة سرّب الأميركيون معلومات عن طلب جنبلاط منهم المساندة للتصدّي لـ"حزب الله" لوقف مشروع آل فتوش في عين دارة. وقال الأميركيون أن جنبلاط أبلغهم أن المعمل "يشكّل غطاء لتواجد الحزب في منطقة يُفترض أن تكون خاضعة لنفوذ الإشتراكيين لا غير". وبحسب المعلومات التي جرى تداولها في أروقة أميركيّة، بأنّ رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" أبلغهم بوجود علاقة أيضاً لقيادات النظام السوري بمصنع آل فتوش. كل ذلك أثار "حزب الله" الذي إعتبر أن جنبلاط يحاول طعن الحزب في ظهره، بالتعاون مع الحريري.
وإذا كان الحزب إلتزم الصمت، وغاب آل فتوش عن السمع لعدم التعليق على القضيّة، فإن المعلومات تحدّثت عن تدهور في العلاقة بين المختارة وحارة حريك، تكاد تؤثر على الحكومة، في مرحلة تحاول فيها واشنطن تضييق الخناق على "حزب الله"، وصلت إلى حد السعي الأميركي لفرض عقوبات ماليّة على رئيس مجلس النواب نبيه بري وقيادات في حركة "أمل" بسبب إلتزامهم ذات السياسة التي ينتهجها الحزب، والتعاطي مع إيران وعرقلة السياسات الأميركية في لبنان.
يوحي كل ذلك، بأن المعارك السياسية بدأت في لبنان بشكل آخر، بعد تدخل واشنطن بها علناً. ما يسمح بإعادة رصّ صفوف القوى السياسيّة في تموضعات جديدة وتحالفات قد تهزّ الحكومة في حال إستمر الكباش والضغوط الخارجية.
لكن هل يكتفي "حزب الله" بخطوة إعادة ابوفاعور العمل بمصنع آل فتوش؟ أم ان تلك الخطوة هي اولى الخطوات المطلوبة من جنبلاط لبحث إمكانية الجلوس معه؟.
الكل يتكتم، لكن "حزب الله" يبدي ضمنياً أعلى درجات إمتعاضه، وتتحدث مصادر مطّلعة عن أن "بري لن يساير جنبلاط بعد عودته من قطر، لأن الأخير يحرّض على حزب الله، فلن يستطيع رئيس المجلس النيابي الدفاع عن رئيس "التقدمي" في وقت تسعى واشنطن لضم بري إلى لائحة عقوباتها".