أطلق علماء الفلك أول صورة عن قرب للثقب الأسود، في إنجاز تاريخي سيعيد تسليط الضوء على نظرية النسبية العامة للفيزيائي ألبرت أينشتاين.
وتُظهر الصورة هالة من الغبار والغاز، تتتبع مدار ثقب أسود ضخم، وسط مجرة "ميسيير 87" Messier 87، على بعد 55 مليون سنة ضوئية من الأرض.
وهذه الصورة نتيجة جهود العلماء مشروع Event Horizon Telescope وهي شراكة دولية تشكلت عام 2012، لمحاولة مراقبة البيئة المباشرة للثقب الأسود.
وأفادت المؤسسة بأن الباحثين في المشروع حصلوا على البيانات الأولى في نيسان عام 2017، من شبكة عالمية من التلسكوبات.
وتركزت التلسكوبات الراديوية التي جمعت تلك البيانات الأولية في ولايتي أريزونا وهاواي في الولايات المتحدة، إضافة إلى المكسيك وتشيلي وإسبانيا والقارة القطبية الجنوبية، ثم أضيفت تلسكوبات في فرنسا وغرينلاند. وخلقت كلها تلسكوباً افتراضياً بنفس حجم الأرض تقريباً.
وبعد عام من نشر أينشتاين نظريته، أجرى العالم الألماني، كارل شوارزشيلد، أول عملية حساب بالاعتماد على النظرية النسبية وتوصل إلى أن أي وجود لجسم مع كتلة معينة وذي حجم معين تكون سرعة الهروب فيه مساوية لسرعة الضوء ويدعى مثل هذا الجسم باسم الثقب الأسود.
والثقب الأسود هو جسم مضغوط بشدة لدرجة أن لا شيء يستطيع الهروب من جاذبيته، بما في ذلك الضوء. يعرف بالمفاهيم الرياضية بأنه جسم يبلغ حجمه صفراً أما كثافته فهي لا نهائية.
وتبدأ العملية بنجم عملاق يتخطى كتلة الشمس بأكثر من ثماني مرات وتقف تلك النجوم مستقرة بين قوتين متضادتين، الأولى هي ثقل مادة النجم نفسه وضغطها على مركزه، والثانية هي القوى الناتجة من الاندماج النووي في مركز هذا النجم، تلك التي تدفع ضد الضغط على المركز فتمنع النجم من الانهيار.
ويستمر النجم طوال عمره متزناً بين هاتين القوتين، لكن الهيدروجين ينضب في مرحلة ما، وهو ما يتسبب في أن يفقد النجم اتزانه وتنتصر قوى الضغط على قوى الاندماج النووي، فينهار النجم على ذاته في لحظة بانفجار يسمى "المستعر الأعظم".
وتبرز هنا ثلاثة سيناريوهات، إما أن يتحول النجم بعد انفجاره إلى قزم أبيض أو نجم نيوتروني أو ثقب أسود.
وفي الاحتمال الأخير يعتقد العلماء أنه بسبب كتلة النجم الفائقة فإنه لا يمكن لهذا الانهيار أن يتوقف إطلاقاً، فتنكمش مادة النجم تدريجياً، لتصبح بحجم نقطة لا أبعاد لها تسمى "التفرد".
واستهدف الباحثون ثقبين أسودين عظيمي الكتلة. يعرف الأول بثقب "ساجيتاريوس إيه ستار"، ويقع في مركز مجرة درب التبانة وتزيد كتلته عن كتلة الشمس بأربعة ملايين مرة، ويبعد 26 ألف سنة ضوئية عن الأرض.
والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في عام وهي 9.5 تريليونات كيلومتر.
أما الثقب الأسود الآخر فيدعى "إم 87"، ويقع في مركز مجرة "فيرغو إيه" المجاورة وتزيد كتلته بنحو 3.5 مليارات مرة عن كتلة الشمس ويبعد 54 مليون سنة ضوئية عن الأرض.