كشفت الانتخابات الـ21 لـ"الكنيست" الإسرائيلي، سيطرة حزبي "الليكود" و"أزرق أبيض" على أكثر من نصف المقاعد، التي وصلت إلى 70 من أصل 120.
واستطاع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ"خبثه"، تحريض الناخبين على التصويت لحزبه، حيث كانت قد وصلت عند الساعة 4 بعد الظهر إلى حوالى 42%، فأقفلت على 67.9%، علماً بأن النسبة كانت في الانتخابات السابقة 71.8%.
وتمكن نتنياهو من حسم إعادة تكليفه تشكيل الحكومة لولاية جديدة خامسة، في حدث غير مسبوق في تاريخ رؤساء حكومات الاحتلال، مدعوماً من اليمين، لتكون الأكثر تطرفاً، حيث تُشير نتائج فرز 97% من صناديق المقترعين، نيل اليمين 65 مقعداً مقابل 45 لأحزاب اليسار و10 للأحزاب العربية.
وأظهرت الانتخابات، بأنها كانت غير عقلانية وشخصية، تمّ فيها التركيز حول خيار استمرار
نتنياهو برئاسة الحكومة، أو جنرالات جيش الاحتلال المتقاعدين، الذين شكلوا حزب "أزرق أبيض"، قبل 3 أشهر برئاسة رئيس الأركان السابق بيني غانتس.
وعاد مشهد سيطرة حزبين، بعدما غاب منذ الانتخابات الـ14 التي جرت في العام 1996، حين كان التنافس محصوراً بين حزبي "العمل" برئاسة شمعون بيرس، الذي حصل على 34 مقعداً و"الليكود" برئاسة نتنياهو، الذي حصل على 32 مقعداً، لكن الأخير شكل الحكومة بسبب التصويت المنفصل لرئاستها.
واستطاع نتنياهو أن يُراكم انجازاً جديداً يتوج فيها الهدايا الأميركية والروسية التي تلقاها قبل الانتخابات، ينطلق من التعامل بمبدأ القوة، مع الملفات كافة، في الطليعة منها القضية الفلسطينية، خاصة ما يتعلق بالضفة الغربية التي يتعامل معها على أنها أراضي يهودا والسامرة، والعمل على فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة، وضم المستوطنات والتجمعات الاستيطانية إلى الكيان الإسرائيلي وتطبيق القومية اليهودية.
وسيتمكن نتنياهو بسلاسة أكثر لتشكيل الحكومة المقبلة، من المرة السابقة، حيث باشر الاتصالات لتشكيلها، دون انتظار تكليف رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، ومرد ذلك إلى أن أصوات اليمين
تفوق العدد المطلوب 61 صوتاً، ولن يؤثر عليه كثيراً ابتزاز بعض الأحزاب الصغيرة، التي مصلحتها معه، ولن يفيدها غانتس الآن!
وأظهرت نتائج الانتخابات أن الناخب الإسرائيلي يُرجح كفة اليمين المتطرّف، الذي يزايد بشأن قومية يهودية الكيان الإسرائيلي، وهو ما سيكون على الحساب الفلسطيني، اعتداءات وممارسات تعسفية وقوانين وتشريعات عنصرية.
وخاطب نتنياهو أنصاره، الذين تجمعوا في تل أبيب احتفاءً بالفوز: "كانت الانتخابات رائعة، وجرت في ظروف مستحيلة".
وقال: "منحني شعب "إسرائيل" ثقته للمرة الخامسة، منحني ثقة أكبر".
وأوضح أن قادة الأحزاب اليمينية "قدموا جميعاً الدعم لتشكيل ائتلاف حكومي".
لكن بينت نتائج الانتخابات، أن هناك من سئم الأحزاب التقليدية التاريخية، ويبحث عن بديل، وهو ما حصده حزب "أزرق أبيض"، الوليد الجديد منذ 3 أشهر، والذي يترأسه الجنرال بيني غانتس، ويضم 3 رؤساء أركان سابقين، هم: يائير لابيد، موشيه يعالون وغابي أشكنازي.
وعلى الرغم من عدم فوزهم بالانتخابات، إلا أنهم اتفقوا على استمرار الشراكة بينهم، والانضمام إلى
المعارضة، والمتوقع، أن يكون غانتس زعيماً لها.
وعلق غانتس على خسارة حزبه بالقول: "إن ما حققناه إنجاز تاريخي، لم يكن هناك مثل هذا الحزب الكبير الذي نشأ في وقت قصير جداً، وقلت إنني قادم لعشر سنوات، هذا صباح اليوم الأول فقط، يتحدث الناس إلينا ويطالبون بطريقة مختلفة".
وأقر المرشح الثاني في قائمة "أزرق أبيض" يائير لابيد، بهزيمة قائمته في الانتخابات، بالقول: "لم نفز بالانتخابات، سننغص على "الليكود" (برئاسة نتنياهو) عيشه من المعارضة".
من جهته، اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن فوز نتنياهو هو "علامة طيبة جداً لخيار السلام، ويمنح خطة السلام الأميركية فرصة أفضل".
فيما جاء الرد الفلسطيني على نتائج الانتخابات، على لسان أمين سر اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" الدكتور صائب عريقات، الذي اعتبر أن "الإسرائيليين صوتوا للمحافظة على الوضع القائم، وقالوا: لا للسلام ونعم للاحتلال".
وقد أثمر استخدام نتنياهو أساليبه الاحتيالية، التأثير على ناخبي اليمين، ليس فقط بزيادة الاقتراع، بل أيضاً بأن تصب هذه الأصوات لصالح "الليكود" الذي يرأسه، على حساب الأحزاب الصغيرة، خاصة
"زيهوت" برئاسة موشيه فيغلين و"غيشر" بقيادة وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي، اللذين لم يتمكنا من تجاوز نسبة الحسم البالغة 3.25% من أصوات المقترعين، وينتظران انتهاء فرز "لجنة الانتخابات المركزية" لأصوات الدبلوماسيين وجنود الاحتلال والسجناء والناخبين في المستشفيات، وإذا ما كانت ستؤدي الى نجاحها في تجاوز نسبة الحسم، والمتوقع أن تنجز في موعد أقصاه يوم غد (الجمعة).
ورفعت الأحزاب المتدينة تمثيلها، حيث حصل كل من: "يهدوت هتوارة" و"شاس" على 8 مقاعد، و"إسرائيل بيتنا" بقيادة ليبرمان على 5 مقاعد، و"كولانو" على 4 مقاعد، فيما حصل حزب "ميرتس" اليساري على 4 مقاعد، و"تحالف الأحزاب اليمينية" على 5، فيما كانت الخسارة الأكبر التي مني بها حزب "العمل" الذي حصل على 6 مقاعد بعدما كان يتمثل في الانتخابات الماضية بـ23 مقعداً، فيما حصل حزب "ميرتس" اليساري على 4 مقاعد
وظهرت اللامبالاة والاحجام عن التصويت في الداخل الفلسطيني والعربي، التي وصلت إلى 45%، ما انعكس تراجعاً على التمثيل في "الكنيست" من 13 مقعداً في الانتخابات الماضية إلى 10 مقاعد (6 "الجبهة" و"العربية للتغيير" و4 "التجمع" و"القائمة العربية الموحدة").
ومرد ذلك إلى اعتراض الكثيرين على عدم تشكيل قائمة عربية مشتركة لخوض الانتخابات كما
جرى في الدورة الماضية، فضلاً عن الاحتجاج على القرارات العنصرية التي أقرتها "الكنيست".
وتبين أن الأحزاب الصهيونية حصلت على نسبة لافتة من أصوات المقترعين العرب بلغت 29.7% من مجموع الأصوات العربية الصحيحة (دون شمول ذلك الأصوات المسجلة في المدن المختلطة) - أي 123 ألف صوت، بعدما كانت قد وصلت في انتخابات العام 2013 إلى 17.8%.
وتصدر حزب "ميرتس" اليساري الصدارة بنيلة 35 ألف صوت و"أزرق أبيض" 34 ألف، فيما نال حزب "الليكود" 10 آلاف صوت.
أما الأحزاب العربية، فقد نالت "الجبهة" و"العربية للتغيير" 182 ألفاً و"التجمع" و"القائمة العربية الموحدة" 138 ألفاً.
في غضون ذلك، طرحت تساؤلات حول مدى صحة نتائج الفرز وإمكانية التلاعب بها، وهذا ما أظهرته نسب الاقتراع في عشرات البلدات، والتي فاقت 100%، ومنها في "بئير غانيم" - شمال عسقلان التي وصلت إلى 568%، وفي مستوطنة "بروفين" إلى 167%، وفي مستوطنة "نغوهرت" - جنوب الخليل إلى 143%، وفي النقب، وصلت في قرية "السيّد" إلى 147%، وفي "أبو قرينات" إلى 138%، و"بيرهداج" إلى 117% و"قصر السر" إلى 111%.
وعلى الرغم من ذلك، قامت "لجنة الانتخابات المركزية" بتسجيل هذه الأصوات.
كما نشر موقع اللجنة عند الساعة 23.30 من ليل أمس الأوّل (الثلاثاء) نتائج فرز أصوات نحو 900 ألف ناخب، علماً بأنه في هذا الوقت لم يكن من الممكن إنهاء فرز أي صندوق، قبل أن تتم إزالة هذه النتائج عن الموقع.