"ألعين بالعين والسّن بالسّن والبادي أظلم"..وفق هذه القاعدة ردّت طهران بالمثل على إدراج الرئيس الأميركي لحرسها الثوري على قائمة التنظيمات الإرهابيّة، مُدرجة بدورها الجيش الأميركي والقوّات التابعة له على اللائحة الإيرانيّة لهذه التنظيمات، ومُهدّدة على لسان أرفع مسؤوليها تلك القوّات من كارثة ستلحق بها، واعتبارها وجميع القواعد الأميركية في المنطقة "قواعد للإرهابيّين".. وبهذا القرار غير المسبوق الذي تجاوز فيه الرئيس الأميركيّ كلّ الخطوط الحُمر مع ايران، شُرّعت أبواب المنطقة بأسرها على احتمالات عسكريّة قد تتجاوز بتبعاتها التوقّعات الأميركية كما بعض ممالك الخليج، خصوصا انّ تقارير غربيّة تقاطعت مع اخرى مقرّبة من محور المقاومة، كشفت انّ ردّ حزب الله في لبنان على ايّ استهداف مُعادي سيكون خارج التوقعات الأمنية والإستخباريّة "الإسرائيليّة"، مشيرة الى خطط وأوراق هامّة وُضعت على طاولة القمّة العسكريّة في دمشق الشهر الفائت، قبل ان يؤكّد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في إطلالته المُتلفزة على هذه الأوراق، متوعّدا "بالرّد المناسب على مستوى الساحات التي تستبيحُها اميركا".
رغم الترحيب "الإسرائيلي" الرّسمي بتصنيف الرئيس الأميركي الحرس الثوري الإيراني "إرهابيّا"، كان لافتا ان يُبادر جنرالات "اسرائيليّون" سابقون الى التحذير من خطورة هذا التصنيف على "اسرائيل" بالذّات،" التي ستكون بأكملها "قاعدة عسكرية مكشوفة " امام ردّ الحرس الثوري وأذرعه الكثيرة في المنطقة انطلاقا من غزّة، مرورا بالعراق واليمن وصولا الى سورية ولبنان- حسب ما نقلت قناة "كان" العبريّة عن عدد من الجنرالات السابقين بالجيش "الإسرائيلي"، لم يستبعد بعضُهم ايضا تعرّض قواعد عسكريّة اميركيّة في السعودية للإستهداف ردّا على ايّ ضربات مُزمعة ضدّ الحرس الثوري..
وفيما رجّح موقع "ديبكا" الإستخباري "الإسرائيلي" ان تكون اولى تداعيات التصنيف الأميركي في سورية والعراق عبر التصويب على القوات الأميركية المنتشرة على اراضيهما، اعتبر خبراء ومحللون عسكريون انّ " السابقة الخطيرة" في هذا التصنيف، تكمن ب "شرعنة" ايّ ضربات مُزمعة ضدّ قوّات الحرس الثوري، بما فيها "منح" اسرائيل "غطاء مريحا" هذه المرّة لإعلاء وتيرة غاراتها على سورية تحت عنوان" اهداف تابعة للحرس الثوري" وتوسيعها لتشمل مناطق في غرب العراق، وصولا الى احتمال ان يكون لبنان في قلب العاصفة وليس على هامشها –وفق ما ذكرت صحيفة "آل مونيتور"، والتي سبق ولفتت الى "تحضّر عسكري اسرائيلي ما" ضدّ حزب الله في لبنان بُعيد الإنتخابات "الإسرائيليّة"، قبل ان تنقل بعض الصحف والمواقع الإخباريّة اللبنانية مؤخرا عن تحذيرات اوصلها السفير الفرنسي في بيروت الى بعض المسؤولين اللبنانيين، بضرورة الحذر الشديد من مرحلة ما بعد فوز نتنياهو والتوقف عند رُزمة الهدايا التي نالها الأخير من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي ترتبط ب "ردّ الجميل" لواشنطن عبر خطوات متهوّرة في المنطقة...
قد تكون هذه الأجواء من باب رفع الضغوط على ايران لجرّها الى الجلوس على طاولة المفاوضات بالشروط "الإسرائيليّة" الأميركية دون التورّط بمواجهة عسكريّة لن تكون ايران وحدها فيها بالطبع، الا انّ سقوف احتمالات هذه المواجهة تبقى عالية بلا شكّ نظرا لدور الصّقور المحيطين بالرئيس الأميركي وعلى رأسهم نائبه مايك بنس، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، اللذين يدفعان بقوّة -الى جانب اللوبي الصهيوني المؤثّر في الولايات المتحدة، الى توجيه ضربات قاسية ضدّ قوّات الحرس الثوري الإيرانيّ في المنطقة كما الفصائل الموالية لطهران بهدف تذليل كلّ العقبات امام السّير بصفقة القرن المفترض انها "باتت على الأبواب"، وسيّما مع بدء العدّ العكسي للعقوبات الأميركية الأقسى ضدّ ايران في الثالث من شهر ايار المقبل.. ولكن!
موقع "ميدل ايست آي" كان نقل عن ضابط بريطاني سابق صنّفه ب "رفيع المستوى"، توقّعه ان تواجه تل ابيب ردودا "قاسية" في غير جبهة بالمنطقة سيّما اذا ما اتجهت مقاتلاتها صوب اجواء مواقع الفصائل العراقيّة التي جُهّزت بصواريخ ايرانيّة نوعيّة من طراز " فاتح 110 " وتمّ نشر قواعدها في غرب العراق. ، مرجّحا –استنادا الى تقارير وصفها ب" الدّقيقة"، حدثا عسكريّا سوريّا "من العيار الثقيل" بوجه "اسرائيل"دون الدخول في تفاصيله، وكاشفا انّ تل ابيب تُلاحق من خلال قصفها لمناطق سوريّة منظومات صاروخيّة تعتبرها كاسرة للتوازن باتت بيد دمشق، بينها منظومة ايرانيّة من نوع " بافار 373" كانت طهران سلّمتها لدمشق في ذروة الحرب السوريّة وتوازي بفعاليّتها تلك الروسيّة "أس 300"..."وهنا سيكمن الحدث الهام" – بحسب اشارته.
ليبقى اللافت في ما نقله احد المحلّلين العسكريين عن الجنرال البولندي فالديمار سكشيبتشاك،الذي توقّع هزّات امنيّة دراماتيكيّة في الداخل "الإسرائيلي"، من دون استبعاده ان يكون الجنرال الإيراني قاسم سليماني-الذي كان بعيدا عن الواجهة مؤخرا- في واجهة حدث كبير، بعد تجهيز مفاجأة عسكريّة كما يبدو في احدى ساحات المنطقة!