عندما زار وزير الصحة جميل جبق بيت الطبيب منذ أيام وحضر إجتماعاً لمجلس نقابة الأطباء، ثم خرج منه ليخاطب أطباء الحراك النقابي المعترضين على آداء النقيب ريمون صايغ وفريقه، مستعملاً عبارة "هناك حالة من الإهتراء تضرب النقابة ولا يمكن السكوت عنها"، رأى الحراك النقابي في كلامه إنتصاراً وخشبة الخلاص في معركته التي يخوضها منذ أشهر ضد صايغ ومن يدعمه. غير أن الشعور بالإنتصار هذا لم يقتصر فقط على الحراك وممثليه السبعة داخل مجلس النقابة، بل إنسحب على نقيب الأطباء والأعضاء التسعة المؤيّدين له داخل المجلس. كيف إعتبر صايغ أن كلام جبق يصبّ في مصلحته على رغم أن وزير الصحة قرر تشكيل لجنة تحقيق من الوزارة للتدقيق مالياً بحسابات النقابة بين عامي ٢٠١٥ و٢٠١٧، كاشفاً أنه سيحيل أيّ مرتكب على النيابة العامة الماليّة إذا ثبت تورطه بهدر وإختلاس أموال النقابة؟.
المصادر المقرّبة من النقيب صايغ تعتبر أن فتح الملفّ المالي على مصراعيه هو من المطالب التي يدعمها صايغ، لماذا؟ أولاً لأن تدقيقاً حصل من قبل أهم الشركات العالميّة وأثبت أن في عهد النقيب الحالي ليست هناك إرتكابات، وثانياً لأنّ نتيجة التدقيق المذكور منشورة بتفاصيلها على موقع نقابة الأطباء، وثالثاً لأن الإرتكابات التي حولها جبق على لجنة التحقيق حصلت بشكل أساسي بين عامي ٢٠١٥ و٢٠١٦ بنصفه الأول، أي قبل إنتخاب صايغ في أيار ٢٠١٦. أما بالنسبة الى العام ٢٠١٧ أي خلال تولي صايغ النقابة، فوافق مجلس النقابة على التقرير المالي.
من أبرز الأمور الّتي رافقت زيارة جبق الى النقابة والتي رأى فيها فريق النقيب إنتصاراً، هو عدم تطرقه الى مطلب الحراك القائل بضرورة إقالة المديرة الإداريّة في النقابة ندين حداد، وإلغاء هذا المنصب من النقابة، وهذا ما يشكّل الدليل القاطع بحسب المصادر المتابعة على براءتها من كل الإتّهامات التي ساقها الحراك ضدّها طيلة الإشهر الماضية، وعلى أن نتيجة التدقيق الذي أجرته الشركة العالميّة وأثنت فيه على عملها هو أكثر من صحيح.
في المقابل ترى أوساط الحراك أن زيارة وزير الصحة، وبمجرد أنها تمنّت على النقيب والمجلس وقف بعض التوظيفات في النقابة وفتحت تحقيقاً مالياً بما حصل، فهذا يعني أن الحراك أصاب هدفه.
بين فريق النقيب الذي يتغنّى بالإنتصار، والحراك الذي يحاول قطفه لمصحلته، هناك في النقابة من يقول، إن وزير الصحة أنجز تحقيقاته الخاصة بنقابة الأطباء قبل زيارته الأخيرة لها، واطلع على كل التحقيقات والتقارير الماليّة وعمليّات التدقيق، ولديه سلسلة من القرارات سيعلن عنها قريباً، على رغم ذلك أصرّ على زيارة النقابة بهذا الشكل، لإمتصاص النقمة القائمة بين النقيب ومعارضيه وتهدئة الأجواء، ولتسهيل عقد إجتماعات المجلس التي عطّلها الحراك على مدى أسابيع، وبعد زيارة جبق وعد بتسهيل انعقادها وبعدم التعطيل.
وتبقى العبرة بإلتزام الفريقين بالنتائج التي ستصدر عن تحقيقات وزير الصحة، وعلى أيّ حال الإنتخابات النقابية ستحصل في حزيران المقبل، وستطوي نتيجتها بالتأكيد صفحة التوتر القائم داخل بيت الطبيب.