اعتبر الوزير السابق عدنان السيد حسين ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي نعانيه هو نتيجة تراكمات بدأت بعد اتفاق الطائف عندما لم يُحسن اللبنانيون اختيار ممثليهم الّذين يستطيعون معالجة المشكلات الناتجة عن الحرب، وهي التي أدت لما نحن فيه اليوم، لافتا الى انها لم تنطو فقط على فساد مالي واداري، انما بالاساس قامت على فشل السلطة السياسيّة في ادارة الشأن العام.
وعبّر حسين في حديث لـ"النشرة" عن أسفه لكون تقارير الامم المتحدة تعتبر لبنان دولة موصومة بالفساد، وهو أمر لا يليق باللبنانيين، مشيرا الى ان امكانية معالجة الوضع الراهن تبقى قائمة، وهي لا يمكن ان تبدأ الا بتحقيق استقلاليّة القضاء وسيادة القانون، وفي حال فشلنا بذلك نكون فشلنا بكل شيء وتحولنا الى دولة فاشلة يتعطل فيها الانتظام العام. وحثّ على دراسة اقتراح القانون الذي تقدم به رئيس المجلس النيابي السابق حسين الحسيني في العام 1997 في اللجان النيابية واحالته الى الهيئة العامة لاقراره وان معدلا، موضحا انه ينص بجوهره على استقلاليّة القضاء والتصدّي لتدخّل السياسيين بالتشكيلات القضائيّة وتشكيل المجلس الأعلى للقضاء.
وشدّد حسين على انه طالما السياسيّ يتدخّل ويضغط على المواقع الاساسية في القضاء، طالما نحن نراوح مكاننا. وقال: "صارحت الرئيس ميشال عون بعيد انتخابه بوجوب ان نبدأ باصلاح القضاء كي يصطلح كل شيء، وهو ما صارحت به الرئيس الأسبق ميشال سليمان عند انتخابه، وما زلت عند الموقف نفسه لكن للأسف لا يبدو وجود حزم لدى السياسيين للتخلي عن التدخل بشؤون القضاء".
وتناول حسين العجز في الموازنة والوضع الاقتصادي الصعب، فتحدث عن عدة خطوات يجب القيام بها لاصلاح الوضع وأبرزها:
أولا، ضبط مرفأ بيروت من حيث الرسوم الجمركيّة لاننا نخسر سنويا مليار و500 مليون دولار، وهو مبلغ يتوجب استعادته لصالح الشعب.
ثانيا، حل مشكلة الكهرباء بأسرع وقت، وتلزيم هذا القطاع حتى وان اقتضى الأمر لدولة أخرى لأن المهم ان نخرج من حالة الفساد والمحاصصة التي نتخبط فيها، وليكن ما يكن لان ما يعنينا ان نوفر على الخزينة ملياري دولار سنويا.
ثالثا، التصدي للتهرب الضريبي الذي نعاني منه منذ ما قبل العام 1975، بحيث ان الناس من المقتدرين لا يفصحون عن أموالهم المنقولة وغير المنقولة ما يؤدّي لخسارة فادحة بجني الضرائب. وأردف، "مثلا الـTVA محددة بـ11% لكن فعليا هي 6% نتيجة التهرب الضريبي".
رابعا، الانتقال من الاقتصاد الريعي الذي أثبت فشله الى الاقتصاد الانتاجي، فسوريا مثلا التي شهدت حربا عالميّة في السنوات الـ8 الماضية، لا تزال موازنتها تقوم على التساوي بين الواردات والنفقات. واضاف: "آن الأوان لأن نخطو خطوات اساسية الى الامام، علما انني كنت ولا ازال من معارضي حكومات الوحدة الوطنيّة وافضل لو تم تشكيل حكومة من التكنوقراط تضم 10 او 14 وزيرا كل باختصاصه لانقاذ الوضع العام".
وتطرق حسين الى وضع القطاع التربوي، فأشار الى أن الفساد يضرب كل المؤسسات والقطاعات ومن ضمنها القطاع التربوي، مذكرا انه ما قبل العام 1980 كان عدد الطلاب في التعليم الخاص 30% مقابل 70% بالتعليم الرسمي، اما اليوم فقد انقلبت المعادلة، حيث فقدت الجامعة اللبنانية دورها تدريجيا، نتيجة المشاكل التي تعترضها وابرزها تدخل السياسيين بشؤونها، وهم من الممسكين بموازنتها وبتعيين العمداء وبالتالي مجلس الجامعة. واضاف: "خلال ترؤسي الجامعة تصدّيت قدر المستطاع لهذه التدخّلات وقطعت خطوات مهمة باتجاه اشراك جميع اللبنانيين وليس فئة محددة لكن للاسف هناك الكثير الذي يجب فعله اليوم".
وأشار حسين الى انه ورغم من كل ما سبق فان شهادة الجامعة اللبنانية لا يزال معترف بها عالميا وهي على مستوى عال، معتبرا ان "ما نحتاجه اليوم هو ورشة تربوية تقوم على قاعدة التكامل بين القطاعين العام والخاص، لا سيّما وأن لدينا مشكلة باللغة والمنهج وجودة التعليم، وهو ما يتطلب تفعيل دور التفتيش التربوي والعمل الدائم على تقييم آداء الاساتذة". وختم متسائلا: "هل يجوز ان يكون هناك 30 جامعة مرخّصة من اصل 50 عدد طلابها اقل من 1000 تلميذ"؟!.