لا تعتبر مشكلة النفايات التي غطّت الشوارع في بيروت وجبل لبنان بالقليلة، وقتذاك تحمّل الناس المشهد المخيف والروائح الكريهة والثلوّث المسبّب بإزدياد نسبة الأمراض، في وقت يجري فيه طمر النفايات في برج حمود والكوستابرافا الذي من المتوقّع أن يمتلئ قبل نهاية العام 2019، في حين تعود نغمة "المحارق" الى الظهور من جديد مع إقتراب كلّ إستحقاق.
وبحسب مصادر مطلعة، فمن المتوقع أن "يمتلئ الكوستابرافا قبل نهاية العام الجاري، في وقت يسير الحديث بشكل سريع عن وضع دفتر شروط جديد للمحرقة المركزيّة لمدينة بيروت والتي يشرف مجلس الإنماء والإعمار عليها على أساس أن حلّ المحارق قد يكون الأنسب لعدم عودة النفايات الى الشوارع عند عدم قدرة إستيعاب الكوستابرافا مزيداً من القُمامة".
وتشير المصادر الى أنه "ومع إقتراب موعد إستحقاق إقفال الكوستابرافا سترتفع "نغمة" اللجوء الى حلّ المحارق وتصويره على أنه الخيار الوحيد كما كان يحصل تماماً في السنوات السابقة بين الأعوام 2010 و2019 وكيف تم اللجوء في اللحظة الأخيرة الى خيار الطمر في البحر بعد إقفال مكبّ الناعمة، والتهويل بأن النفايات ستأكل الشوارع ولا حل كان إلا إما بالمحارق أو فتح المطامر القديمة أو في البحر"، مشددة على أن "المشهد الحالي لن يكون مختلفاً عمّا حصل، فكلما إقترب الموعد سيكثر الكلام أكثر وسترتفع الأصوات لايجاد الحلول البديلة الّتي قد يُشتمّ منها روائح الفساد الكريهة، واللافت أن الإنماء والإعمار أصدر دفتر شروط جديد للمحرقة المركزية في بيروت وضعته شركة EGIS . فإذا كان الهدف فعلياً أن تكون المحارق هي الحلّ فهل سينجح في إجراء مناقصة وتلزيم وتركيب محرقة في أشهر قليلة؟!.
ترى المصادر أن "المرحلة المقبلة لن تكون مختلفة عن تلك التي كانت في السابق، خصوصاً وأن موضوع توسعة الكوستابرافا في البحر يجري على قدم وساق وقد شارف المتعهّد جهاد العرب على الإنتهاء منه"، مشيرةً الى أن المشهد سيكون على الشكل التالي بعد أشهر: "الكوستابرافا إمتلأ وموضوع المحارق لم يتم بتّه ويحتاج الى وقتٍ إضافي، النفايات في الشوارع من جديد، والحلّ بقرار من مجلس الوزراء سيتركّز على رمي النفايات في البقعة المستحدثة في البحر مع إعطاء وعد بدراسة خطّة بديلة للنفايات على المدى الطويل".
"إذاً سيكون الكلام والضجيج ووضع دفاتر شروط حول محارق لن يتم إعتمادها". هذا ما تؤكده المصادر، لافتةً الى أن "لا اليوم ولا بعد مئة يوم سيتم إعتماد هذا الخيار". وتعود المصادر بالذاكرة الى العام 1999، لتقول إن "خيار المحارق كان مطروحا وقتذاك، وفي 14 نيسان 1999 أصدرت هيئة التفتيش المركزي تقريرا تضمنت التحقيقات فيه حول هذا الموضوع وأحالته الى النيابة العامة التمييزية لأنه لا يحق لها التحقيق في أخطاء الوزراء، وفيه أن رئيس اتحاد بلديات المتن السابق حبيب حكيم وقّع عقدين مع شركة دانيكو لاقامة ثلاثة معامل لمعالجة النفايات، ثم بموجب ملحق ألغى عقدين وأبقى على معمل واحد بنفس القيمة، رغم أن العقد الأساسي الذي تمّ التوقيع على أساسه يلحظ محرقة قابلة للمضاعفة لغاية 600 طن وبنفس سعر المعمل المتّفق عليه"، مضيفة: "أما دور وزير الدولة لشؤون المالية حينها فؤاد السنيورة فتمثّل بتوقيعه تسوية مع الجانب الايطالي تتضمن تعهد الدولة بدفع ما يعادل 76 مليار ليرة دون الالتزام بإنشاء معمل، وقد وضع السنيورة هذه الاتفاقية موضع التنفيذ خلافا للاصول لكونها لم تقترن بالاجازة من المجلس النيابي"، مشدّدة على أنه "وبعد التحقيق توصّلت النيابة العامّة الى وجود هدر واختلاس للمال العام واصدرت مذكرة توقيف وجاهيّة بحق حكيم حينها دون سوقه الى سجن رومية مثلما يحصل مع باقي الموقوفين، بل أُنزل في النظارة الطبية في مستشفى الحياة للعلاج من وعكة صحية ألمت به فجأة كمخرج له للنجاة من الاكتظاظ في رومية، قبل أن يتم اخلاء سبيله لاحقاً بسبب وضعه".
في المحصّلة، تتحدث المصادر عن هذه الرواية لتقول إن "خيار المحارق كان مطروحا منذ أكثر من عشرين سنة ولم يتم إعتماده في أي يوم"، وتتساءل "هل سيحاسب أي مسؤول اليوم في الملفّات البيئيّة"؟.