في كنف الدولة"، "لا للسلاح غير الشرعي"، "دولة القانون والمؤسسات"، "لبنان أولا"، كل هذه مجرد شعارات فارغة، و بعيدة كل البعد عن ممارسات مطلقيها، كعادته يلجأ تيار "المستقبل" وأتباعه لإطلاقها في حروبه الإلغائية داخل البيت السني الواحد، وتحت راية السعودية وصورة عاهلها سلمان ونجله محمد، يحاول فريق "لبنان أولا"، التصدي لفريق المقاومة، الذي يعتبره الأول أنه يشكل إمتداداً لإيران في لبنان، وهو أي "المستقبل" في حربٍ دائمةٍ ضد أي فريق لا ينضوي تحت العلم اللبناني، حفاظاً على ثوابت "ثورة الأرز"، وفور إنتهاء أي إستحقاق يتطلب حشداً جماهيراً، يخبىء هذه الشعارات الفارغة من أي مضمون الى إستحقاقٍ مقبل، ثم يذهب بعدها الى عقد تسوياتٍ مع المكون الذي يدعي محاربته، كما حدث عقب الإنتخابات النيابية الأخيرة، وقبلها عودة الرئيس سعد الحريري الى لبنان، ودخوله السرايا الكبيرة مجدداً، من خلال عقده تسويةٍ مع حزب الله، تسنى له بموجبها الإبقاء على الإمساك بمقاليد السلطة.
إذا، جلً ما يسعى إليه "التيار الأزرق"، هو إلغاء أي صوت سني، يغرد خارج سرب الحريري، لا أكثر، وأياً تكن الإثمان، ولو على حساب هيبة الدولة، وكرامة المواطن وأمنه، وإنتهاك القوانين، ناهيك بإثارة النعرات المذهبية، وإستخدام الكلام النابٍ من مسؤولي هذا التيار، في حق كل من يخالفهم الرأي، بحسب ما جاء على لسان القيادي "المستقبلي" هيثم المبيض الذي نعت كل من لا ينتخب المرشحة ديما جمالي "بالكلاب"، وقد يكون السبب في إقامة حفل الجنون هذا، هي نتائج الإستحقاق النيابي الأخير، الذي كشف حجم تيار الحريري، وزيف إدعائه بأنه الممثل الأوحد للطائفة السنية في البلد، بعدما حاز معارضوه على ثلث المقاعد النيابية السنية، ورغم ذلك رفض رئيس الحكومة الإعتراف بنتيجة الإنتخابات، وبذل كل جهوده لإقصاء اللقاء التشاوري عن المشاركة في الحكومة الراهنة، ضارباً بعرض الحائط النظم الديموقراطية، والاحتكام الى الشعب، لكنه باء بالفشل، بفضل ثبات فريق المقاومة، وحكمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي حرص على تمثيل جميع المكونات التي تحظى بشرعية شعبية في الحكم، والكف عن سياسية "حارم ومحروم".
ويستمر "المستقبل" في نهجه الإلغائي، وجاء الإنتخاب الفرعي لملء المقعد النيابي السني الخامس، الذي شغر، أثر طعن المجلس الدستوري بنيابة جمالي، ليؤكد مرة جديدة تعنت هذا التيار، وعدم قبوله للأخر، من خلال الممارسات الشاذة، وأعمال الترهيب ضد كل من يختلف معهم في الرأي من المواطنين الطرابلسيين، في وجود الحريري نفسه، الذي لا يرى في عاصمة الشمال وأهلها، إلا مجرد أرقام في حساباته، يستخدمها في "مشاريعه السياسية"، ليس إلا.
كذلك إسهم هذا الإستحقاق، في كشف حقيقة رئيس الحكومة وأتباعه أنه رجل سلطة، لا رجل دولة، وليس بوسعه تثبيت زعامته من إلا خلال الدويلة، والإعتداء على القوانين، والسطو على الاملاك الخاصة والعامة، كما هو الحال في دوار أبو علي على سبيل المثال للحصر، حيث لايزال يؤجر قادة المحاور الأراضي لأصحاب البسطات، الى ذلك تغطية الممارسات المليشوية لجماعته، لترهيب المواطنين، هذا ما ظهر جلياً في طرابلس، عشية الإستحقاق النيابي، بعدما أباح "المستقبل" هذه المدينة، فقد قام أنصاره بالإعتداء على مكتب المرشح عمر السيد في باب التبانة، والعودة الى الإستعانة بقادة المحاور، خلال وجود رأس السطة في الفيحاء المحرومة، فكان حري بالحريري أن يؤدي لأصحاب الحقوق حقوقها، (موطفي أوجيه مثلا)، قبل أن يغدق هو وجمالي على الطرابلسيين وعوده بالإنماء وفرص العمل، التي بدورها لاتلزم الإ مصدقيها حصرا. وأيضاً ووأيضاً ما يثبت بما يرتقي إلى مستوى الشك أن إدعاء "المستقبل" بالتمسك "بدولة القانون، هو مجرد شعار واهٍ وفارغ من أي مضمون، فبعدما عاد الوزير السابق أشرف ريفي الى بيت الطاعة الحريري، تلقى وعداً من مرجعيته، بتدعيم إمارة "الميرامار" في منطقة القلمون، الذي إشتراها ريفي، وأبناء حميه من آل نصر بأبخس الأثمان، كونها كانت مخالفة لقانون البناء، ثم إستخدم نفوذه عندما كان مديرا عاماً للأمن الداخلي، وأجرى لها تسوية، وحقق بذلك ارباحاً طائلة، ولم يكتف ريفي بذلك، فقد كشفت مصادر طرابلسية عليمة أنه حاز على إذن من السلطة، بحفر نفق يربط بين الشطرين الشرقي والغربي لمجمعه السياسي، كهديه له مقابل إنصياعه لحريري ودعمه لجمالي.. هذه هي دولة القانون الذي يسير الحريري وفريقه على درب إنجازها.