ربحت مرشحة تيارات "المستقبل" و"العزم" و"الجماعة الإسلامية" والوزيران السابقان أشرف ريفي ومحمد الصفدي، النائبة ديما جمالي مقعد طرابلس في إنتخابات فرعية أعادتها إلى ساحة النجمة مجدداً. لكن نجاحها لم يُسفر عن نجاح "المستقبل" الذي تنتمي إليه. فما هي أسباب الفشل في رفع نسبة الإقتراع؟.
هي رسالة اللبنانيين إلى السياسيين بأنّ فرض النوّاب لم يعد أمراً سهلاً، مهما كان حجم وعرض التحالف الإنتخابي. ولا يمكن المراهنة على أنّ ساحة شعبيّة، أو دائرة إنتخابيّة هي في جيب أحد بعد اليوم. تغّيّرت أولويات الناس، ولم يعد ينفع خطاب سياسي طوى اللبنانيون صفحته بعد إعتماده من عام 2005 إلى عام 2019. فلا الشحن الطائفي ولا المذهبي سينفع. ولا التهويل ولا إستحضار أي "بعبع" يمكن أن يُنتج الآن. لقد جرّب اللبنانيون طويلاً تلك الخطابات وقارنوها مع الممارسات، بعد أن إستُخدم الناس وقوداً لمعارك سياسيّة طاحنة، دفعت طرابلس تحديداً أثمانها: هل يتذكّر أحد قادة المحاور في الفيحاء؟ أين أصبحوا؟ إنصرفوا إلى أعمالهم يناضلون من اجل تأمين لقمة العيش، وقد اصبحوا مثالاً يُحتذى في الإنحياز الان الى العناوين الوطنية.
لقد شاخ الخطاب وهرمت تلك السياسات، وصار لزاماً على القوى تجديد توجّهاتها وتحديد أولوياتها: المعيشة هي العنوان الوحيد، خصوصاً أن الأزمات الإقتصادية تزداد، في ظل وضع مالي صعب في لبنان.
ما حصل في طرابلس قد يتكرر في أي دائرة إنتخابية. فهل تستعجل القوى تجديد خطاباتها السياسية القائمة على الإنفتاح؟ هل تعطي الأولوية للمعيشة؟ إن ما يلمسه الناس لا يُبشر بالطمأنينة. لأن الحسم الذي قد يطال الرواتب سيدفع البلد نحو تصرفات شعبيّة بدأت تلوح مع تحرّكات المتقاعدين العسكريين.
إنه ناقوس قرعته طرابلس، وسيتردّد صداه في باقي المناطق دفعة واحدة، لأنّ المعيشة والإقتصاد هي حديث الناس في جلساتهم ويومياتهم.
هل يطّلع السياسيون على معاناة اللبنانيين؟ هل تصلهم اخبار الدعاوى عن شيكات بلا رصيد؟ هل يسمعون الأخبار عن إفلاس التجّار، وقلق الطلاّب، وبطالة الخرّيجين، وجمود الصناعيين، وطرد العمّال، وإقفال شركات؟...
سيعرف السياسيون المسؤولون أن النظام الطائفي يمنع الثورات في لبنان، لكن الجوع سيدمّر تلك الحسابات الطائفيّة ويدفع الناس إلى رفع الصوت. لقد شكّلت إنتخابات طرابلس مؤشراً إلى مسار لبناني مقبل: هل سمع السياسيون تصريحات الطرابلسيين علنا امام كاميرات الإعلام؟.