اعتبر رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان خلال تلبيته دعوة وزارة الخارجية الصينية للمشاركة وإلقاء كلمة في مراسم افتتاح "الدورة الثانية لمنتدى الاصلاح والتنمية الصيني العربي" في شانغهاي تحت عنوان "التشارك في بناء الحزام والطريق" وتقاسم التنمية والازدهار أنه "تقوم هذه المبادرة على الربط بين السياسات الاستراتيجية والتنموية والاقتصادية لكل البلدان الواقعة على طريق الحرير القديم الذي أطلقه الصينيون الأجداد، كما اطلق اللبنانيون القدامى أول أبجدية مكتوبة في التاريخ وصناعة الارجوان الذي اكتشفوه عام 1400 قبل الميلاد، وامتهنوا تسويق الاقمشة الارجوانية عبر البحر الابيض المتوسط والجزر اليونانية ثم جنوب فرنسا والمغرب العربي وصولاً الى شبه الجزيرة العربية والهند، وعرفوا كأعظم قوة تجارية في العالم القديم عندما وصلوا إلى هنا واستقدموا الحرير الصيني وباعوه إلى جميع بلدان العالم".
وأشار إلى أنه "يعتز لبنان اليوم بأبنائه المنتشرين في مختلف قارات العالم حيث يتحملون مسؤوليات كبيرة ويحتلون مكانة مرموقة في عالم التجارة والصناعة والسياسة ولدورهم تقدير واحتضان ورعاية من قبل دول الخليج العربي كونهم ساهموا في إعمارها وبإمكانهم جعل لبنان بوابة عبور منتجة إلى هذه الدول، بالإضافة إلى أن موقعه الجغرافي وعلاقة الشعبين اللبناني والسوري تجعل منه منصة لوجستية طبيعية لإعمار سوريا بعد اقرار الحل السياسي لمشكلتها".
ولفت إلى أنه "نظراً لأهمية هذه المبادرة للبنان الذي يعتبر الصين أحد أكبر شركائه التجاريين، وبغية جذب وتبادل الاستثمارات الصينية اللبنانية، بدأنا إتباع خريطة الطريق التالية، تأسيس معهد كونفو شيوس الذي يعتبر الأكبر في منطقة شرق المتوسط، تأهيل مرفأ طرابلس وعقد اتفاقات تجارية في البقاع وعلى الحدود الشرقية المتاخمة لسوريا من قبل شركات صينية، انشاء مركز التحكيم العربي الصيني في بيروت وتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة اللبنانية ووفد المجلس الوطني الصيني لتعزيز التجارة الدولية برئاسة السيدة غاو يان، تنظيم منتدى الاستثمار الصيني اللبناني في بيروت مطلع هذا الشهر بالتعاون بين مجموعة فرنسبنك واتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة، تحسين وتطوير العلاقات بين البلدين في المجالات الاجتماعية والتجارية والثقافية كافة، استعادة لبنان لدوره كمركز اقليمي للتجارة والنقل والسياحة والفن".
وأضاف سليمان: "أما على المستوى الاقليمي، نلتقي في هذا المنتدى بقصد التشاور والتفاهم ورسم الخطط المستقبلية من أجل إنجاح هذا المشروع والقيام بإصلاحات إقتصادية في البلدان العربية التي تراجعت اقتصاداتها في السنوات الاخيرة بسبب الحروب والمتغيرات المجتمعية التي شهدتها، بالإضافة إلى الركود الاقتصادي والازمات المالية التي ضربت معظم دول العالم منذ عام 2009"، مشيراً إلى أنه "بعد ان تجاوزت العلاقات العربية الصينية الضاربة في الجذور المسافات الجغرافية واصبح الاقتصاد الصيني من أهم اقتصاديات العالم، بات التعاون الصيني العربي يحتل أهمية قصوى ويرتقي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية في ظل التحولات الجيوسياسية وتطور تكنولوجيا المعلومات وتقنيات الاتصال، ركيزتا الثورة الصناعية الرابعة التي تعرف بالثورة الرقمية".
وتابع: "من هنا فالتعاون والتنسيق في تطبيق معادلة 1+2+3 يبدو ضرورياً ليلعب العالم العربي دوراً محورياً في نجاح هذا المشروع وتحقيق المنفعة المتبادلة والتنمية المشتركة كقاعدة لإرساء السلام العادل بين الشعوب والسلم الأهلي داخل مجتمعات دول المنطقة. وهذه المعادلة التي رسمها مهندس المبادرة تتخذ من مجال الطاقة محوراً رئيسياً لها، ومن مجالي البنى التحتية وتسهيل الاستثمارات جناحين اساسيين لها، كما تعتمد على نقاط الاختراق الضرورية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة التي تشمل الطاقة النووية والفضاء، والاقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة"، معتبراً أن "الاستثمار في العالم العربي هو استثمار مجدٍ، كونه سوق ضخمة تختزن امكانات هائلة، وجمهورية الصين الشعبية تُعتبر دولة صديقة للعالم العربي، والفرصة اليوم متاحة من أجل توطيد العلاقات العربية-الصينية، وبالتالي استفادة الدول العربية من قدرات الصين في شؤون الاصلاح والتنمية العادلة للشعوب كافة وايجاد فرص العمل لليد العاملة الوطنية والشباب العربي".