يعاني لبنان منذ سنوات من أزمة نفايات، لم تستطع الدولة حلّها حتى اليوم. ورغم وجود العديد من الحلول التي تمكّن الدولة من استخدامها للتخلص من النفايات، إلا أنّ الجهات المعنيّة لم تقم بأيّ خطوة لمساعدة اللبنانيين على التخلّص من نفاياتهم.
في بيروت، وتحديداً في منطقة بربور، قرّرت منذ فترة جمعية "جماعة عباد الرحمن" من مساعدة الناس على التخلص من نفاياتهم عبر تفعيل إعادة تدويرها. وآخر خطواتها، كانت استلام زيت الطبخ المستخدم من المواطنين وارساله إلى جهات مختصّة لإعادة تدويره.
في حديث مع "النشرة"، توضح مسؤولة العلاقات العامة في جمعية "جماعة عباد الرحمن" الدكتورة نسرين مشّاقة حوري أنه "من منطلق إبعاد الأذى عن الطرقات العامة، ومساهمة منّا في حلّ مشكلة القُمامة في البلد وحماية بيئتنا من التلوث وخدمة المجتمع، بادرنا بمشروع استقبال مواد متعدّدة ليُعاد تدويرها من قبل المصانع المختصّة"، لافتة إلى أنّ "الجمعية كانت تقوم بهذا العمل داخلياً منذ سنوات عدة".
تتعدّد المواد التي تستقبلها الجمعية لإرسالها لإعادة التدوير من ورق وكرتون وقوارير الماء والمشروبات الغازية البلاستيكية مع الأغطية، اضافة لمستوعبات المشروبات الغازيّة المصنوعة من الألمنيوم. إلا أن اللافت، هو الخطوة الحديثة التي باشرت بها الجمعية وهي المساعدة في إعادة تدوير زيت الطبخ المستعمل. هنا تشرح مشّاقة حوري أنه "بعد استقبال وتجميع هذه المواد في مركزالجمعيّة، تقوم شركة خاصة يإعادة التدوير بعد استلامها وتوصيلها لمصانع إعادة التدوير، كما تقوم الجمعية بإعادة استعمال ما يأتيها من تبرعات عينيّة من ثياب، مفروشات، كتب، أدوات منزليّة، كهربائيّة وإلكترونيّة عبر توزيعها على العائلات الفقيرة المسجّلة لدينا في صندوق خدمات الزكاة ويُعاد تدوير أو تلف المواد غير الصالحة للاستعمال منها".
وعن الكميّات التي أعادت تدويرها الجمعيّة منذ بدئها لهذا المشروع، تلفت مسؤولة العلاقات العامة إلى "أننا قمنا بإعادة تدوير 111 طن من الورق والكرتون، 7.5 طن من القناني البلاستيك، 1.2 طن من الأغطية البلاستيكية و55 كغ من الألمنيوم خلال عام 2018".
دائماً ما يكون المواطن اللبناني متعطّشاً لأيّ مبادرة تساعده في تخطّي العقبات الحياتيّة في لبنان. وهذا ما تؤكده مشّاقة حوري إذ ان "تجاوب الناس كان إيجابياً مع هذه الخطوة، كما أنّ الكميّات التي نستقبلها في ازدياد سنة بعد أخرى"، مشيرة إلى أن "حملة تجميع زيت الطبخ المستعمل لإرساله الى مصانع إعادة التدوير، وتحويله إلى موادّ بديلة عن المازوت لاقى تجاوباً ملحوظاً على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الأرض، إذ أنه تم استقبال أكثر من 100 لتر خلال أول أسبوعين فقط من الإعلان عن الحملة"، ومضيفة "لا شك أن فكرة إعادة التدوير لاقت قبولاً وحماساً من القريب والبعيد، وقد أبدى عدد من الجهات والجمعيّات اهتمامهم بهذا الأمر في مراكزهم ومناطقهم ونحن بصدد نقل هذه التجربة الناجحة، ضمن الأطر التي وضعت لها، لمن يرغب".
بما يخصّ مردود عمليّة إعادة التدوير، توضح مشّاقة حوري أن "جماعة عباد الرحمن لا تقوم بإعادة تدوير المواد بنفسها ولا تحصل على منتجات بعد تدويرها، ولكنها تستخدم المردود لدعم نشاطاتها الخيريّة"، مشيرة إلى أن "أهم مميزات هذا المشروع هو قدرته على الاكتفاء الذاتي، وبالتالي هو يعتمد على رغبة الناس بالمساهمة بحلّ مشكلة النفايات فيحضرون لنا ما تجمّع لديهم من المواد التي نعيد تدويرها من المنزل أو المبنى أو مركز العمل. ويغطّي المردود البسيط كلفة تجميع هذه المواد وتوضيبها بشكل يصلح للنقل. لذلك، ورغم الطلب الكبير، لا يمكن للجمعيّة جمع هذه المواد من المنازل أو المراكز لما في ذلك من كلفة تفوق مردود المشروع".
مشّاقة حوري تشير إلى أن "من البديهي متباعة السعي لإيجاد الأطر المناسبة لاستقبال وتصريف المزيد من المواد القابلة لإعادة التدوير، مثل الزجاج وأكياس النايلون التي لا نستطيع استقبالها حالياً".
ها هي المؤسسات والجمعيات الأهليّة قد بدأت العمل لمساعدة المواطنين للتخلص من أزمة عايشتهم لمدة سنوات. فهل تنتقل هذه الخطوات والممارسات لتبدأ السلطات المعنيّة في الدولة العمل بها؟.