ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جودة رتبة الغسل في يوم خميس الأسرار بكنيسة مار مارون - طرابلس، بمشاركة خادم الرعية المونسنيور نبيه معوض، والكاهنين جوزاف فرح وراشد شويري، وحضور حشد من المؤمنين.
وخلال القداس، قام شويري بغسل ارجل 12 طفلا في تقليد سنوي يستعيد خلاله المؤمنون تذكار العشاء الأخير للمسيح حيث قام بغسل وتقبيل أرجل تلاميذه الاثني عشر.
وأكد بو جودة في عظته أن "فضيلة التواضع هي من أهم الفضائل المسيحية، وهي تدعونا لنعرف أن نحافظ على مركزنا، فلا نتخطاه ونتكبر على الآخرين، وحتى على الله. فهذه كانت خطيئة أبوينا الأولين إذ تكبرا على الله وخالفا إرادته وأرادا أن يجعلا من أنفسهما آلهة لأنفسهما فأنكرا الله ووضعاه جانبا، فحكما على نفسهما بالموت".
ولفت إلى أن "هذه هي تجربة الإنسان الأساسية: أن يصبح إلها لنفسه ويستسلم لتجربة الشيطان. إنها التجربة التي تعرض لها يسوع بعد أن صام أربعين يوما وأربعين ليلة، إذ جاء إليه الشيطان، وقال له: أعطيك ممالك الأرض كلها إن أنت خررت ساجدا لي، فكان جواب يسوع واضحا وقاطعا: للرب وحده تسجد وإياه وحده تعبد (لو:4/7-8)".
وشدد على أن "هذه التجربة يتعرض لها الإنسان كل يوم إن فرديا وإن جماعيا، فإنه بفضل تقدمه في العلوم والثقافة والاختراعات والاكتشافات صار يعتبر نفسه إلهاـ ولم يعد يعترف بمكان لله ودور له في مجتمعنا المعاصر. لقد وصل إلى مرحلة فبركة الإنسان من خلال الأبحاث الطبية التي أجراها، فاستنسخ الكائنات الحية. وتقدم في معرفة الكون بواسطة الأقمار الاصطناعية التي أرسلها إلى الفضاء وصار يقول لله، كما قال له أحد المفكرين المعاصرين: أبانا الذي في السماوات، إبق حيث أنت، فأنا لست بحاجة إليك".
ورأى بة جودة أنه "في رتبة الغسل، التي نحتفل بها في هذا المساء، يعلمنا المسيح التواضع والوداعة، ويدعونا إلى الاقتداء به في علاقتنا مع الآخرين، فنتعامل معهم على أنهم أعضاء في جسده السري بروح المحبة التي هي الوصية الوحيدة التي أعطانا إياها وبروح المسامحة والغفران"، مشيراً إلى أنها "أمثولة لكل واحد منا، خصوصا للمسؤولين بيننا على مختلف المستويات، فإن عليهم أن يكونوا في خدمة الشعب ليقودوه إلى المرعى الخصيب ويؤمنوا له ضروريات الحياة، لكن الذي نراه ونعيشه لسوء الحظ هو العكس تماما، إذ إننا نراهم يتصارعون ويتقاتلون مدعين العمل من أجل المصلحة العامة، بينما هم يسعون إلى مصالحهم الشخصية فقط، ويحولون مؤسسات الدولة لخدمتهم وخدمة مؤيديهم وأزلامهم، ولا يكترثون بأي شكل من الأشكال، بما يلزم للشعب من خدمات. ويحدثوننا اليوم عن الفساد، فمن هو الفاسد؟ هل هو الشعب البسيط الذي يفتش عن لقمة عيشه؟".