من دون مواربة، ومن دون محاباة ومن دون "كفوف" في الأيدي، ومن دون تملق، "جبران" على حق:
وزير الخارجية، رئيس التيار الوطني الحر، رئيس تكتل لبنان القوي، رجل العهد الأول من دون منازع، يتحدَّى ويقول لكم: إرفعوا السرية المصرفية.
فمَن يجرؤ؟ لماذا أسقطتم إقتراحه؟ ممَّ تخافون؟ وممَّن تخافون؟
هل هذه هي الشفافية التي تتغنون بها وتدَّعونها؟
تحدِّثون الناس صبحًا ومساءً بأنكم تريدون مكافحة الفساد، فعن أي مكافحة فساد تتحدَّثون؟
كيف يكون ذلك وأنتم تعمدون إلى "إخفاء معالم الجريمة"؟ والمقصود بالجريمة هنا هذا الإثراء الفاحش الذي ليس له ما يبرره.
الشعب يعرفكم "أبًا عن جَد"، معظمكم من عائلات متوسطة الحال، إنْ لم نقل أقل، الشعب يعرف أباءكم وأمهاتكم وبيوتكم وقراكم:
هذا كان معلِّم مدرسة، وذاك كان محاميًا، وآخر مسؤول في حزب، ورابع عمل في مصرف أو في شركة مالية، وخامس كان شريكًا في معمل، وسادس وسابع وثامن وتاسع وعاشر ومئة... فكيف صار بعضكم يملك الطائرات الخاصة واليخوت والفلل والقصور والأراضي الشاسعة والعقارات والمنازل في الخارج والسيارات الضخمة والفارهة؟
***
لم تُكتَشف في أراضيكم آبار بترول.
ولم تُسجَّل باسمائكم براءات إختراع لتُصبحوا أصحاب مليارات: فليس بينكم مَن كان شريكًا لستيف جوبز أو بيل غيتس أو صاحب شركة "امازون" أو غيرها، وليس بينكم مَن كان "عبقريًا في البورصة" فجمع المليارات.
إذًا من أين لكم كل هذه المليارات؟ (يومًا ما ستُسألون هذا السؤال في أحد فنادق بيروت التي سيتحوَّل بعضها إلى "ريتز"، وكل نزيلٍ منكم سيكون في الغرفة وفي الفندق الذي يليق بحجم ملياراته وبحجم ملايينه).
***
في أي بلدٍ في العالم تُعطي النفايات أرباحًا تفوق أرباح مَن يستخرجون النفط؟
ربما عند من التزم النفايات الخبر اليقين، فعلى مدى ربع قرن، كان كل طن من النفايات يحقق ربحًا يصل إلى المئة دولار! سعر ثابت لا يتأثر بالبورصة العالمية كأسعار النفط أو الذهب أو سائر المعادن. الملتزم لم يكن وحده، كان معه منظومة من المنتفعين ربما ستُعلَن اسماؤهم في "ريتز بيروت".
في أي بلدٍ في العالم يتم صرف ما يناهز الثلاثين مليار دولار على الكهرباء، وما زلنا نُضيء على المولِّدات الخاصة وعلى البواخر وعلى معامل هرمت وباتت بحاجة إلى معامل جديدة؟ هل من "ريتز" في لبنان يتسع للمسؤولين عن هذا القطاع وعن الهدر الذي تحقق فيه؟ لا نستثني أحدًا من الذين "مرُّوا" على هذا القطاع: لا من المسؤولين، ولا من مستوردي الفيول وسائر المحروقات. فقط للعِلم فإن بعض الذين كانت لهم أياد في هذا القطاع، حجزوا في الصيف الماضي عشرات الطائرات الخاصة من أجل عشرات "كبار الضيوف" لتمضية عطلة في أفخم المنتجعات الإيطالية، وكل ذلك من الأموال التي تمَّ جنيها من اسعار المحروقات وهوامش الربح. ("ريتز لبنان" ينتظر نزلاء هذا القطاع لمعرفة بقية التفاصيل).
***
في أي بلد هناك "إمبراطور المقالع والكسارات"؟ ينهش الطبيعة، يبيع كنوزها من صخور ورمال، لا يدفع ضريبة ويحقق ثروات هائلة ولا حسيب أو رقيب سوى بعض المنتفعين منه. لهذا الإمبراطور ولغيره من الأباطرة "ريتز" خاص بهم ليُدلوا بشهاداتهم وإفاداتهم عن كيفية توزيع التنفيعات وحرمان خزينة الدولة.
***
في أي بلدٍ في العالم هناك شيءٌ شبيه بمجلس الإنماء والإعمار؟ مَن يجرؤ على المطالبة بتسليم دفاتر المجلس المذكور إلى أي شركة تدقيق عالمية؟ الأمر ليس صعبًا، شركات التدقيق العالمية الموثوقة لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، فليبادر المعنيون إلى اتخاذ هذا القرار ليعرف الرأي العام كيف تم صرف عشرات المليارات على مشاريع لم تكن "قيمتها فيها".
***
هذا غيضٌ من فيض.
"الريتز" أمامكم ولو طال الزمن.
و"الريتز" في لبنان لن يكون فندقا واحدًا بل مجموعة فنادق لأن "ريتز" واحدًا لا يكفي. كل ما هو مطلوب "بطلٌ سجَّان" يملك من الجرأة ما يجعله يقوم بهذه المهمة باسم الشعب وبالنيابة عن الشعب لإسترداد أموال الشعب.