أوضح رئيس الحكومة السابق تمام سلام، بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في دار الفتوى، أنّ "زيارتي تأتي في إطار التداول في شؤوننا وأمورنا الدينية والدنيوية، وتمّ استعراض للأوضاع العامة، علمًا بأنّ زيارتي اليوم تتضمّن أيضًا مشاركتي في جلسة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وبالتالي التفاعل مع هذا الدور المؤسسي في دار الفتوى المواظب والمتابع لشؤون الطائفة".
ولفت إلى أنّ "المفتي دريان بما يرعاه من هذا الجانب، هو يحقّق قدر المستطاع وحدة الصف ووحدة الموقف بين كلّ أبناء الطائفة، وشهدنا على ذلك نموذجًا ناجحًا مؤخّرًا في العمل العام، في ما جرى من انتخابات فرعية في طرابلس الشمال. وكان لوحدة القيادات في مواجهة هذا الاستحقاق اثر كبير عندنا جميعًا"، مبيّنًا أنّه "كان لا بدّ أيضًا من تناول الأوضاع الراهنة، وإذا كان لا بدّ من قول شيء في هذا الامر، فالبلد يخوض في غمار مواجهات مهمّة أبرزها ما له علاقة من توطيد مكانة وهيبة ودور الدولة، والدولة الراعية لشؤون أبناءها، الحريصة على الاستقرار".
وركّز سلام على أنّه "إذا كان هناك من استقرار أمني الجميع يؤكّد عليه والجميع يعترف به، فطبعًا تحصيل حاصل أن يكون هناك أيضًا استقرار اقتصادي واجتماعي يعود بالخير على اللبنانيين. من هنا، إذا كان لا بدّ من التعليق على أمر ما، فما له علاقة اليوم من استحقاق الّذي تمثَّل بالموازنة الّتي يُبذل جهد كبير لإنجازها في أقرب فرصة".
وأعرب عن أمله في أن "يصبّ هذا الجهد في إطار العمل المؤسسي أيضًا، وفي إطار مجلس الوزراء بدايةً، الّذي انكبّ على متابعة هذا الاستحقاق، ونأمل أن يبتعد قدر المستطاع عن التفرّد بالمواقف والمزايدة والشعبوية من هنا وهناك، الّتي تعطى انعكاسات سلبيّة مع الأسف في هذا الظرف الحرج، وينشأ بالتالي مساحة كبيرة من عدم الثقة عند المواطنين". وأكّد أنّ " هذه الثقة قضية حسّاسة جدًّا، وهي المطلوبة في الأساس لمواكبة كلّ ما سنواجهه من استحقاقات فيما بعد".
وذكر على أنّ "الموازنة يتمّ البحث فيها والعمل عليها بشكل جدّي بين المسؤولين في إطار عمل المؤسسة، وليس في الإطار الإعلامي من هنا وهناك، والتسابق في إبداء الآراء، وكأنّ الوزير الفلاني يعرف أكثر من الوزير الآخر، أو القوى السياسيّة الفلانيّة مهتمّة في هذا الموضوع اكثر".
كما شدّد سلام على أنّ "الاهتمام يجب أن ينصبّ بعمل جدي، ونتيجته تكون موقف موحّد لمجلس الوزراء، أي موقف مؤسسة كامل يعيد الثقة، ويعطي انطباعًا أنّ الدولة حازمة أمرها، وتعرف مصلحة أبناءها ومصلحة البلد، وتقدم عليه بخطى ثابتة. نعم هكذا تكون هيبة الدولة، وهكذا تكون هيبة القرارات، ليس بالتناتش والتفرّد والمزايدة من هنا وهناك". وأعلن أنّ "أملي أن نستطيع العبور بهذا الاستحقاق بأفضل الأوضاع وبأفضل الصيغ وبأفضل الأشكال، لنستطيع أن نتابع مسيرة ستكون صعبة، وليست سهلة لإعادة تكوين وبناء مسيرة الدولة بشكل ناجح، وبشكل مستقبلي نستطيع أن نعد فيه أجيالنا الصاعدة".
وبموضوع تخفيض رواتب المواطنين، نوّه إلى أنّ "هذا أيضًا من المواضيع الّتي تمّ تناتشها والتفرّد فيها، والمزايدة فيها من هنا وهناك، وكادت أن تفقد توازنها الحكومي جراء ذلك. ومن هنا نشأ خوف عند المواطن، لأنّه سمع أرقامًا وإجراءات ومواقف، تبيّن أنّ الكثير منها أتى في إطار تفرّدي، وفي إطار مزايد لا اكثر ولا اقل. أمّا الراتب، وهو المدخل الذي يعتمد عليه المواطن، ويستند له في مساره، وفي لقمة عيشه، وفي الحفاظ على عائلته وعلى مكانته أمر دقيق وحسّاس جدًّا".
وبيّن أنّه "إذا كان هناك بعد الرواتب الضخمة والكبيرة الّتي تشكّل عبءًا كبيرًا يجب معالجتها هذا شيء، ولكن الرواتب في إطار كلّ العاملين والموظفين الّذين يعتاشون منها ويعتمدون عليها، فأكيد الإجراءات الّتي تسعى إلى تخفيضها غير مرحّب بها، وعندما أقول "الرواتب الكبيرة"، نعم ابدأ برواتب المسؤولين"، لافتًا إلى انّه "ليس هناك مانعًا من تخفيض رواتب المسؤولين، صحيح ليس كلّّ المسؤولين مترفين وعندهم قدرات ومنهم أيضًا من يعتمد على تلك الرواتب، ولكن لا بأس ان يتم تخفيض هناك وينعكس ذلك ولو معنويا غير اجرائيًّا بشكل إيجابي على كلّ المعالجات المطلوبة".