الاعتداءات الهمجية والاجرامية على كنائس سيريلانكا يوم عيد الفصح المجيد وانشغال القوى اللبنانية السياسية بمتابعتها وادانتها بالاضافة الى الطقس الشتوي العاصف والمثلج والغير معهود في ربيع نيسان، لم يحجبا الاهتمام عن "الخضة" السياسية التي احدثتها تصريحات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على هامش مشاركته في قداس بكركي بمناسبة الفصح المجيد امس الاول. وبعد التصريح الذي انتقد فيه الرئيس عون التباطؤ في إقرار الموازنة ودعوته المفتقرين الى الخبرة للمجيء الى بعبدا لحل ازمتهم وان الرئاسة الاولى عندها الحلول لاية مشكلة، تؤكد اوساط سياسية متابعة للملف المالي ان الانظار توجهت مباشرة الى ثلاثة اتجاهات: الاول وهو رئيس الحكومة سعد الحريري والميال الى "جز" الرواتب بكافة اشكالها، ومعه القوات مع الحفاظ على المصارف كونها الدائن الاول للدولة اللبنانية.
والثاني وزير المال علي حسن خليل ومعه تحالف امل وحزب الله، وهذا الفريق مصر على خفض الرواتب الضخمة لكبار الموظفين والنواب والوزراء ورفع الضرائب على الارباح العقارية والمالية والفوائد المصرفية.
والاتجاه الثالث وهو القوات اللبنانية والتي ما انفك رئيسها سمير جعجع يوجه سهام انتقاداته للعهد من زيارة موسكو وملف النازحين الى ملف الكهرباء الى مسألة الرواتب والموازنة وكيفية وضع خطة التقشف وهو الامر الذي بات الرئيس عون يرى في جعجع انقلاباً على التفاهم بدعم العهد ودعم مسيرته الاصلاحية بمعزل عن الحصص والتعيينات وتوزيعها.
وتقول الاوساط حتى الساعة يحاذر كل من الاطراف الثلاثة في الدخول بسجال مع عون والفريق المحيط فيه من نواب ووزراء وحتى التيار الوطني الحر. وتشير الى ان كل طرف يعتبر نفسه غير معني طالما لم يسمه عون بالاسم ولم يلمح الى اي تفصيل متعلق به لكن التدقيق في الامر قد يوصل الى هوية المقصود.
وتؤكد الاوساط ان من جهة امل وحزب الله ومن منطلق التحالف مع العهد لم مشكلة لديهم في استيضاح الامور من عون في الغرف المغلقة. وتؤكد ان هناك اتفاقاً بين حزب الله وعون وبين عون والرئيس بري على عدم نقل اي خلاف في وجهات النظر عبر الاعلام او عبر الشارع بل حصراً داخل المؤسسات والغرف المغلقة حتى لا يفسر اي انتقاد او اي ملاحظة خللا في العلاقة بين الاطراف الثلاثة.
اما على صعيد العلاقة بين جعجع وعون تقول الاوساط ان جعجع يحاذر تسمية عون بإسمه ولا يصوب عليه مباشرة بل يعتمد المواربة، فيصوب على وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مباشرة او عبر نوابه ووزرائه كما يجري اخيراً ومن دون ان يفتعل معه سجالاً قد يؤدي الى تخريب العلاقة بالكامل بل قد تهتز بشكل خفيف وتنتهي ثم ما يلبث ان ُيفتح سجال آخر بينهما وهكذا دواليك.
اما العلاقة بين عون والحريري فتقول الاوساط ان لا معلومات عن خلاف مستجد بين الحريري وعون او امر ما يستدعي ان يهاجمه او يذكره عون من منبر بكركي في عيد الفصح. وتشير الى ان قد يكون الامر مجرد جواب على مجرد سؤال طرح في وقته وانتهى ولو كان جواب عون عالي النبرة وقاسيا، لكنه اراد ان يعبر ان غضبه من تأخير الموازنة مع تزايد التقارير الدولية والاجنبية والمالية خصوصاً التي تنبه من افلاس لبنان وانهيار سمعته المالية وعدم قدرته على الايفاء بتعهداته المالية والدين العام وديون البنوك الدولية. واخر هذه التقارير وصل الى بعبدا منذ ايام واثار "نقزة" كبيرة في اوساط الخبراء والمستشارين حول عون والرئاسة الاولى.
في المقابل تؤكد اوساط مقربة من الرئيس عون انه تكلم بالاجمال ولم يسم احداً وهو قصد كل معرقل للموازنة ومن يريد لها ان "تمغط" بعد ايار فلا امكان للقبول بعدم اقرارها سريعاً ومن ضمن الاصلاحات وبنود التقشف التي تناقش اخيراً. وتشير الى ان الرئيس عون مستمر في التسوية الرئاسية مع الحريري ولا يريد فتح مشكلة معه ولا مع غيره ولكن من واجباته ومسؤولياته ان يضع الامور في نصابها وان لا يسمح بانهيار البلد وتعميق جراحه وازماته بالتراخي والاهمال وعن قصد او غير قصد.
وفي حين لاحظت الاوساط نشاطا غير مسبوق للغة المصادر وتبادل الرسائل بين السراي وبعبدا عبر وسائل الاعلام، توقفت عند النشاط للحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي وتنصل منها ومن اصحابها المستقبل والتيار. وتقول الاوساط ان لعبة المصادر تكتيك سياسي يعتمد في الازمات والسجالات لتبادل النقد والانتقاد والتوضيحات والهجومات ومن دون ان تلزم اي من الطرفين بفاتورة سياسية ما كونها تصدر عن جهة غير رسمية او ليست بصاحبة صفة.
وفي السياق تؤكد اوساط مقربة من الحريري ان الاخير لا يعتبر نفسه معنياً بما قاله عون ولن يرد سلباً او ايجاباً على الكلام وينتظر توضيحات بلقاء مباشر مع عون وليس هناك من خلاف شخصي او مالي او سياسي مع عون ولا واسطة بين الرجلين وهما بحكم الموقعين الدستوريين يتعاونان لمصلحة البلد.
وتذكر اوساط الحريري ان هناك دستوراً يرعى العلاقة بين المؤسسات وهناك اصول في التخاطب السياسي واي امر حيوي باهمية الموازنة لا يطرح في الاعلام بل في المؤسسات والنقاش جار حولها داخلها. وتؤكد ان التسوية الرئاسية مستمرة ولكن هناك اتفاق الطائف والدستور اللذان يقولان بتعاون جميع المؤسسات ولسنا في نظام رئاسي او نظام آحادي ليحل هو المشكلات او الازمات.