أكدت مصادر متعددة متابعة لملف الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لصحيفة "الحياة" أن "إعادة تحريك الاتصالات بدأ في شكل حثيث منذ زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت في 22 آذار الماضي"، مشيرة إلى أن "هذا الموضوع هو الأول الذي أثاره بومبيو مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حين زاره، فور السلام عليه، حيث بادره بالقول ماذا سنفعل بمسألة الحدود البحرية مع إسرائيل؟".
وأوضحت الصحيفة أنه "في ذلك الاجتماع تحدث بري أكثر من نصف ساعة شارحا مراحل المفاوضات السابقة، وانتهى إلى القول لبومبيو إن "آخر العقبات أمام معالجة الأمر كان حين جاء موفدكم"، وأشار بيده إلى ساترفيلد، "باقتراحات لا تأخذ في الاعتبار مصالح لبنان"، مكررا ما طرحه عليه آنذاك (يشمل الفصل بين البحث في الحدود البرية وترسيم الحدود البحرية، اللتين يربط بري بينهما. وكان ساترفيلد كما نقلت عنه مصادر بري في حينها أبلغ المسؤولين اللبنانيين بالصيغة التي اقترحها قائلا "اقبلها أو اتركها" (take it or leave it ). وأبلغ بري بومبيو أن اقتراحات ساترفيلد لا تأخذ في الاعتبار ما جرى التوصل إليه من اتفاق مع الموفد الذي تلا فريدريك هوف، آموس هولستين، الذي كانت مقاربته أقرب إلى ما اقترحه بري حول دور الأمم المتحدة في ما يخص الربط بين ترسيم الحدود البرية والحدود البحرية، لأن الاتفاق على الأولى يسهّل تحديد خط الحدود البحرية".
وأوضحت مصادر معنية بمحادثات بري مع بومبيو، أن الأخير قال إنه لم يكن يعلم بذلك، فيما كان الدبلوماسيون الأميركيون يرددون في الأشهر الأخيرة أنه لم يحصل أي توافق على الربط بين ترسيم الحدود البرية والبحرية. وفي الوقت نفسه كان بري يتكل على استنجاد لبنان بالأمم المتحدة كي تلعب دورا في ترسيم الحدود أسوة بالدور الذي لعبته في رسم الخط الأزرق للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 ، والذي ساهمت في تصحيحه في الكثير من المواقع. ولفتت المصادر إلى أن اجتماع بري مع بومبيو انتهى إلى تفهم الأخير لمطلب رئيس البرلمان أن تتولى الأمم المتحدة بالاشتراك مع اللجنة العسكرية الثلاثية الإسرائيلية اللبنانية الدولية (يونيفيل) التي تعقد اجتماعاتها في الناقورة (في إطار البحث في الخروقات للقرار الدولي الرقم 1701 ) معالجة الخلاف وبمواكبة أميركية.
وأكدت مصادر معنية بالوساطة الدولية لـ "الحياة" أن مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري وبري متباينة، بين من يدعو إلى الأخذ بالحل الموقت وفق خط هوف، وبين أن يجري تثبيت الحدود البرية ليجري الترسيم في البحر على أساسها، هذا فضلا عن موقف وزير الخارجية جبران باسيل الذي له قراءته المختلفة عن قراءة بري و"حزب الله".
ولفتت مصادر أجنبية إلى أنه فضلا عن أن إسرائيل تتحجج بغياب موقف لبناني موحد حيال الاقتراحات الأميركية، فإنها تارة تقول إنها مستعدة للسير بوساطة الأمم المتحدة عبر الاجتماعات الثلاثية التي ترعاها قوات "يونيفيل" في الجنوب بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي وأخرى ترى المانع في غياب الموقف اللبناني الموحد، فإن النتيجة هي أن كل ذلك يمنع حصول تقدم في العملية. إلا أن الجهات الدولية المعنية بالموضوع أكدت أن عون وبري والحريري أكدوا أنهم يعملون على توحيد الموقف اللبناني.
وأوضحت مصادر مطلعة أن الجانبين القبرصي واليوناني سيلعبان دورا مع إسرائيل في التوسط لتصحيح الحدود البحرية مع لبنان، باعتبار أن الدول الثلاث ترتبط باتفاقية على مد أنبوب مستقبلا من إسرائيل إلى قبرص، فاليونان فأوروبا، لنقل الغاز المنتج من الحقول الإسرائيلية والقبرصية على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، إليها. وبالتالي فإن الدولتين الأوروبيتين معنيتان بمعالجة النزاع اللبناني الإسرائيلي، نظرا إلى تأثير ذلك على مستقبل سوق الطاقة في المنطقة.
ويدور الخلاف وفق قول العارفين بموقف بري لـ "الحياة"، على نقطتين على الحدود البرية هما B1 التي تقع عند شاطئ الناقورة، وB2 التي تليها شرقا، من النقاط ال13 التي عملت قوات الأمم المتحدة على تصحيحها في المرحلة الأخيرة، حيث يعتبر لبنان أن إسرائيل قضمت فيهما مساحة من الأراضي اللبنانية، ما يؤثر على رسم الخط الذي ينطلق من اليابسة نحو البحر، في احتساب الحدود البحرية.