مزارع شبعا أرض لبنانية تتبع بلدة شبعا في قضاء حاصبيا في محافظة الجنوب (قبل استحداث محافظة النبطية وفصلها، حيث أصبح القضاء يتبع لها)...
هذا ليس كلاماً يصنف في اطار "البازار" السياسي، بل حقيقة دامغة، وثّقها مفتي صيدا والجنوب الراحل الشيخ محمّد سليم جلال الدين، وقبل وجود الكيان الإسرائيلي واحتلاله للأراضي الفلسطينية في 14 أيّار 1948.
فبعدما عين الشيخ جلال الدين قاضياً شرعياً في المحكمة الشرعية السنية لحاصبيا في 6 كانون الثاني 1943 - أي قبل نيل لبنان استقلاله، ثبت أن أرض "مشهد الطير الإبراهيمي" (التي تحتوي مقاماً مقدساً لسيدنا إبراهيم عليه السلام)، هي للأوقاف الإسلامية السنية، وذلك في 30 تشرين الثاني 1944، واتخذ مجلس الوزراء اللبناني قراراً في جلسته المنعقدة في 16 كانون الثاني 1948 أكّد فيه أن "مشهد الطير الإبراهيمي" تعود ملكيته للوقف الإسلامي السني في شبعا.
هذه الوقائع تثبت أن المنازعات كانت تجري مع الدولة اللبنانية وليس مع الحكومة السورية، أو الحكومة البريطانية المُنتدبة على فلسطين.
وإذا كانت أرض "مشهد الطير الإبراهيمي" والواقعة في خراج بلدة شبعا لجهة وادي العسل على الحدود مع سوريا، وتعتبر أبعد نقطة في المزارع، لبنانية، فكيف بالمزارع الأخرى التي تُعتبر أقرب منها إلى شبعا وتلال كفرشوبا.
تمتاز مزارع شبعا بموقعها الجغرافي الفريد، بين لبنان وفلسطين وأراضي الجولان السوري المحتلين.
وتعود ملكية أراضي المزارع إلى عائلات في شبعا وكفرشوبا والأوقاف الإسلامية السنية والروم الأرثوذكس.
تبلغ مساحة مزارع شبعا حوالى 200 كلم2، وتتمتع بقمم جبلية تصل إلى 2669م "قمة الزلقة"، وتمتاز بمزروعاتها الغنية وفقاً للتنوع المناخي.
احتلها العدو الإسرائيلي بعد عدوان 5 حزيران 1967، وتحديداً اعتباراً من (15 منه)، وعلى 8 مراحل، كانت آخرها في نيسان 1989.
لم يُسقط لبنان من حساباته أن مزارع شبعا هي أرض لبنانية، لكن لا يوجد ترسيم للحدود بين لبنان وسوريا.
وقد ضمن خطاب قسم رؤساء الجمهورية والبيانات الوزارية للحكومات المُتعاقبة، المطالبة باسترداد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر.
وبعد الاندحار الإسرائيلي عن القسم الأكبر من الأراضي اللبنانية في 25 أيّار 2000، أبقى على احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، فاعتبر أنه لم يُنفذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 425، الصادر في 19 آذار 1978.
واقترح لبنان ضمن النقاط السبع خلال حرب تموز 2006، والذي أصبح جزءاً من قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، الصادر في 11 آب 2006، وضع منطقة مزارع شبعا في عهدة الأمم المتحدة، والقوات الدولية بعد انسحاب "إسرائيل" عنها، تمهيداً لاستعادة السيادة اللبنانية عليها بعد الاتفاق مع سوريا.
ونفذ "حزب الله" عدّة عمليات له داخل مزارع شبعا، على اعتبار أنها مشمولة بالقرار 425، وليست بمندرجات القرار الدولي الرقم 242، الصادر في 22 تشرين الثاني 1967، المعني بالجولان السوري المحتل.
وكما تشكّل الأراضي الفلسطينية كنزاً ثميناً متعدد الخيرات للاحتلال الإسرائيلي، فإن هضبة الجولان ومزارع شبعا والحدود الجنوبية اللبنانية، تُعتبر ثروة للاحتلال من مياه ونفط وغاز.
وتمتاز مزارع شبعا بموقعها الجغرافي وبمزارعها المعطاءة والخيرة، فضلاً عن المياه الغنية التي تتدفق على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث أقام فيها الاحتلال مراكز تزلج وتلفريك ومنتجعات سياحية.
واختار الرئيس المكلف تشكيل حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يمضي مع عائلته "عيد الفصح" العبري في الجولان السوري المحتل (23 نيسان 2019)، على الرغم من انشغاله بتشكيل حكومته الخامسة، وما يتعرّض له من ابتزاز حلفائه في أحزاب اليمين المتطرّف.
احتفال نتنياهو بالمناسبة، اختاره ليقدم هدية إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رداً على جميله الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السوري المحتلة في (25 آذار 2019)، ومن ثم اعطائه التعليمات باعتماد خريطة تظهر الجولان وقد ضمّت إلى الكيان الإسرائيلي (17 نيسان 2019)، الذي لم يُحدّد حدوده بعد، مع استمرار أطماعه بتوسعها، بأن أغدق نتنياهو على ترامب هدية بإطلاق اسمه على مدينة أو مستوطنة في الجولان.
كثر يرددون أن الخطوة التالية ستكون إعلان ترامب ضم مزارع شبعا اللبنانية المحتلة إلى الكيان الإسرائيلي، لكن دبلوماسيون، يرون أن الإدارة الأميركية وسلطات الاحتلال يتعاملان مع مزارع شبعا بأنها جزء من الأراضي السورية، وبالتالي ليسا بحاجة إلى قرار إعلان السيادة عليها، بل ذلك هو تحصيل حاصل.
هذا "السيناريو" ليس إلا جزءاً من "صفقة القرن" التي تروج إدارة البيت الأبيض لها بأن الرئيس ترامب سيعلن عنها بعد عيد الفطر المبارك - أي بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة - التي سيكون مضمون الصفقة لصالحها على حساب تصفية القضية الفلسطينية، حيث يتوقع أن تحظى الحكومة اليمينية المتطرفة بدعم لا متناهي من إدارة ترامب، مع استعداداته للترشح لولاية رئاسية ثانية.
وهنا يجب الاعتراف بأن إثبات حق لبنان بملكية مزارع شبعا، يعود إلى المفتي جلال الدين، المشهود له دماثة خلقه وتواضعه وعلمه ومواقفه الوطنية والقومية، وغيرته الإسلامية، وانفتاحه على الرسالات السماوية والعيش المشترك، وحكمته وخبرته وبعد بصيرته، وهو الحاضر في كل مناسبة.
"المفتي المقاوم" و"بركة صيدا" رحل في مثل هذه الأيام (27 نيسان 2007) عن (96 عاماً ميلادياً و99 عاماً هجرياً)، كانت حافلة بأحداث جسام، عايشها وتفاعل معها، كانت لسماحته فيها مواقف المُبادرة والتفاني، لإثبات الحق وتثبيته.
ملكية وقف "مشهد الطير"
وهكذا كان بتكريس لبنانية مزارع شبعا، بحكم شرعي، حصلنا في "اللـواء" من سماحته على نسخة من هذا الإثبات قبل رحيله كما عاشه، حيث روى المفتي جلال الدين "أن "مشهد الطير الإبراهيمي" عبارة عن قطعة أرض تكثر فيها أشجار السنديان، وعليها مقام مسجد يفد إلى زيارته بعض الناس، ويعتبر من الآثار التاريخية التي تحكي جزءاً من تاريخ بلدة شبعا، في هذه البقعة الطيبة من أرض الجنوب، وهو وقف فقدت سجلاته مع تقادم الزمان، ولم يبقَ له قيد في سجل رسمي بشأن أمثاله من الأوقاف القديمة. وقد خاف المسلمون في شبعا ومزارعها من بقائه من دون قيد رسمي، لا سيما أن أطماع الإسرائيليين متطلعة إليه، فلجأ القائمون على إدارة الأوقاف الإسلامية إلى إثبات وقفية المشهد المذكور وفقاً للأحكام الشرعية. وبالفعل حضر جمهور كبير من أهالي شبعا المسلمين الموثوقين والمعروفين بأمانتهم وصدقهم، وشهد كل واحد منهم حسبة لله تعالى بأن "مشهد الطير الإبراهيمي" وقف مشهور ومعروف لمسجد شبعا و"مشهد الطير"، وأن ريعه يصرف على مسجدي شبعا ومشهد الطير"، قياماً بالواجب الديني ولما في هذه الشهادة من إثبات حق من حقوق الله تعالى، ورغبوا إلى المحكمة تسجيل شهادتهم وما يبني عليها من المقتضى الشرعي. وجاء في الحكم الذي صدر عن المحكمة الشرعية السنية في حاصبيا بثبوت قطعة الأرض المعروفة باسم "مشهد الطير الإبراهيمي": "مجلس الشرع الشريف المنعقد في المحكمة الشرعية بحاصبيا، برئاسة القاضي الشيخ محمد سليم جلال الدين، حضر السادة: مصطفى حمدان الملاك بشبعا، وأسعد محمد التاجر في القرية المذكورة، وحسين يوسف ماضي الملاك، وأحمد علي الخطيب الملاك، وعلي محمد منصور الملاك، وأفندي حسن الخطيب الملاك، وخالد إبراهيم الخطيب مختار القرية المذكورة، وسعد الدين عبد اللطيف ماضي الملاك، وهاشم إسماعيل هاشم عضو اختيارية شبعا، ومحمد مرشد ضاهر التاجر، ويوسف علي النابلسي الملاك، وأحمد حسين الخطيب التاجر، وزكريا عثمان صعب الملاك، ومحمد سعيد غادر الملاك، وخليل مصطفى حمدان التاجر، وديب حسن عطوي الملاك، ومحمد سليم ضاهر عضو اختيارية شبعا وتاجر، وفارس فياض ماضي الملاك، وأحمد حسن حمدان الملاك، والشيخ يوسف دله إمام شبعا ومأذون بإجراء عقود النكاح فيها، وطلبوا استماع شهادتهم حسبة لله تعالى على أصل الوقف الكائن في خراج قرية شبعا التابعة لقضاء حاصبيا حسب المعروف لديهم وقف "مشهد الطير الإبراهيمي" نسبة إلى سيدنا إبراهيم (عليه السلام) ولما كانت الشهادة على أصل الوقف حسبة لله تعالى تقبل بدون الدعوى كما صرح بذلك علماؤنا الفقهاء رضي الله عنهم، لذلك تقرر استماع شهادتهم، فشهدوا جميعاً قائلاً كل واحد منهم: أشهد حسبة لله تعالى أن قطعة الأرض المشجرة المسماة بـ"مشهد الطير الإبراهيمي" المحتوية على مسجد "مشهد الطير" المذكور وعلى أشجار السنديان الكثيرة العدد والمحدودة شرقاً خلة السيد طه وكسارة محمود بنوت وشمالاً حاكورة جراده وغرباً ورثة محمد علي موسى وأرض خاصة ورثة خير الله، أما الأشجار الواقعة في حدود الأرض المذكورة فهي تابعة وقف "مشهد الطير" المذكور، وجنوباً وادي العسل هي وقف مشهور ومعروف لمسجدي شبعا و"مشهد الطير" من قديم الزمان وهو في يد القائمين على إدارة الأوقاف الإسلامية في شبعا يصرفون ريعه في صالح المسجدين المذكورين، ثم قرروا جميعاً بأنهم فهموا حديثاً أن هذا الوقف فقدت سجلاته مع تقادم الزمان ولم يبقَ له قيد في سجل رسمي أو شرعي شأن أمثاله من الأوقاف القديمة التي تعاقبت عليه الدهور، ولذلك شهدوا أمام القاضي الشرعي شهادة الحسبة قياماً بالواجب الديني لما فيها من إثبات حق من حقوق الله، ورغبوا إلى المحكمة بتسجيل شهادتهم وما يبنى عليها من المقتضى الشرعي في ذلك، وحيث أن شهادة كل واحد من الشهود المذكورين جاءت مطابقة وموافقة لشهادة البقية منهم، وحيث أن شهادة الحسبة بلغت حد الاستفاضة، وحيث أن إثبات الوقف يصح بشهادة الحسبة بدون الدعوى وحيث أن الشهادة بالوقف تصح من غير بيان الواقف، وحيث أن الشهادة كانت لثبوت الوقف وكان هذا الحق من حقوق الله تعالى، وحيث أن الشهادة المذكورة تأيدت بمضبطة موقعة من وجوه قرية شبعا مؤرخة في 14 ذي الحجة 1363 هـ، لذلك، واستناداً إلى المادة 4 البند 14 والمادة 110 من المرسوم الاشتراعي ذي الرقم 240 الصادر في 4 تشرين الثاني 1942م وإلى ما جاء في التنوير والدر المختار ونصه: (وتقبل فيه، أي في الوقف، الشهادة حسبة بدون الدعوى) وإلى ما نقل في رد المحتار عن جامع الفصولين والإسعاف ونصه (وتصح دعوى الوقف والشهادة من غير بيان الواقف) أحكم بثبوت وقف قطعة الأرض المسماة بـ"مشهد الطير الإبراهيمي" الكائنة في خراج شبعا التابعة لحاصبيا قضاء مرجعيون والمحتوية على مسجد قديم وأشجار من السنديان كثيرة العدد، والمحدودة شرقاً خلة المبسوطة وكسارة محمود بنوت وشمالاً حاكورة جرادة، وغرباً ورثة علي موسى وأرض خاصة ورثة خير الله على أن تكون الأشجار المغروسة في حدود الأرض المذكورة تابعة للوقف المذكور، وجنوباً وادي العسل، لمسجدي شبعا و"مشهد الطير الإبراهيمي" المذكور وأمر بتسجيله تحريراً في الرابع عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وستين وثلاثماية وألف هجرية الموافق للثلاثين من تشرين الثاني سنة أربع وأربعين وتسعماية وألف ميلادية".
قرار المحكمة الشرعية العليا
وجاء في قرار المحكمة الشرعية العليا في الجمهورية اللبنانية، الذي حمل صيغة "قرار نهائي"، والرقم 9/12 بتاريخ 2 شباط 1949: "الهيئة الحاكمة: الرئيس سماحة الشيخ محمد علي الأنسي. المستشاران: الشيخ محمد علايا والشيخ محمد منيب الناطور.
المعترض اعتراض الغير: الحكومة اللبنانية.
المعترض عليه: مديرية الأوقاف الإسلامية في بيروت.
الموضوع: وقف. تاريخ الحكم المعترض عليه: 31 كانون الثاني سنة 1945.
لدى التدقيق والمذاكرة تبيّن أن محكمة حاصبيا الشرعية حكمت في الثلاثين من تشرين الثاني سنة 1944 بثبوت وقفية قطعة الأرض المسمّاة بمشهد الطير الإبراهيمي الكائنة في خراج قرية شبعا التابعة لحاصبيا(...)
وتبيّن أن محكمة الإستئناف الشرعية وجدت هذا الحكم موافقاً للأحكام الشرعية والأصول القانوني، فقررت في الواحد والثلاثين من كانون الثاني سنة 1945 تصديقه.
وتبيّن أنه في الثاني من تموز سنة 1945 تقدّمت الحكومة اللبنانية بدعوى اعتراض الغير على مديرية الأوقاف الإسلامية في بيروت(...) وكانت صفوة بلائحة جوابية(...).
ولدى المحاكمة العلنية الوجاهية، حضر وكيل الحكومة ووكيل مدير الأوقاف الإسلامية وتلي التقرير - الإستئنافي.
ثم في الجلسة المعقدة في الثامن عشر من تموز سنة 1948 قال وكيل الحكومة: إنه جرى الكشف على العقارات المختلف عليها بمعرفة لجنة معينة من قبل الحكومة، وتم الاتفاق بين الحكومة ودائرة الأوقاف على وجه ورجع فيه مجلس الوزراء فاتخذ قراراً أبرز صورته إلى المحكمة وصورة عن الخريطة وطلب إعطاء القرار بالتصديق على ذلك.
وقال مدير الأوقاف: بما أن القرار الوزاري يصرح بأن مفتي الجمهورية وافق على قرار اللجنة فأطلب المصادقة على ذلك. وتبيّن انه في الثامن من كانون الأول سنة 1948 تقرر اكمال الدعوى بحق الجهة المعترضة غياباً بمثابة الوجاهي.
ثم تلا حضرة المدعي العام مطالعته.
وتقرر التصديق على قرار مجلس الوزراء المؤرخ في 16 كانون الثاني سنة 1948 المتخذ وفقاً لمطالعة وزارة العدلية حسبما ذكر أعلاه، وإعادة ملف الأوراق الآنفة الذكر إلى الوزارة المشار إليها، وهذا القرار وجاهي بالدرجة الأخيرة صدر في الرابع من شهر ربيع الآخر سنة 1368 والثاني من شباط سنة 1949".
قرار مجلس الوزراء
جاء في قرار مجلس الوزراء، المتخذ في جلسته المنعقدة في تاريخ 16 كانون الثاني سنة 1948: "اطلع المجلس على الملف المتعلق بقضية الخلاف القائم بين الحكومة وبين إدارة الوقف الإسلامي في شبعا حول ملكية الحرج المعروف بحرج شبعا الذي يبلغ مساحته نحواً من ثلاثة ملايين متر مربع والذي تقع بالقرب منه قطعة أرض تحتوي على مسجد يعرف باسم مشهد الطير الإبراهيمي عائد للوقف المذكور(...).
ألفت الحكومة بموجب المرسوم 6720 المؤرخ في 12 آب 1946 لجنة خاصة قوامها السادة: أمير خالد شهاب: رئيساً. الأستاذ زهدي يكن: المستشار الممتاز لدى محكمة الاستئناف. الأستاذ إبراهيم عازار: محامي الحكومة في محافظة الجنوب. مهمتها تقديم الاقتراحات التي تؤول إلى حسم الخلاف الواقع على الحرج المذكور ولها عند الاقتضاء أن تستعين أحد مهندسي المنطقة.
وقامت اللجنة بالمهمة الموكولة لها، واقترحت اللجنة أن لوقف "مشهد الطير" حق الانتفاع بالقطعة الحرجية المسماة "مشهد الطير" والتي يحددها غرباً رأس قمة الصخور التي تنحدر إلى حرج الوقف وورثة على محمد موسى ضاهر وجنوباً ورثة خيرالله وعبدالله رمه وأراضي أميرية، حيث تنحرف طريق شبعا - المغر إلى الغرب الجنوبي، وشمالاً أحراج أميرية ضمنها أراضي إلياس الخوري، وشرقاً مشعب بين شعب المتمون وفيه آتون والمبينة بخارطة مهندس اللجنة المربوطة بتقريره المؤرخ في 21 تشرين الأول 1946 ومساحة هذه القطعة على الوجه التقريبي مئتا دونم وتحتوي على ثلاثة آلاف شجرة حرجية متكاتفة، واطلع المجلس على مطالعة وزارة العدلية المؤرخة في 8 كانون الثاني الجاري المتضمنة طلب الموافقة على اقتراح اللجنة المدون أعلاه لا سيما وأن سماحة مفتي الجمهورية قد وافق على هذا الاقتراح بكتابه المؤرخ في 30 كانون الأول 1947.
وبعد المداولة: وافق المجلس على اقتراح اللجنة كما هو وارد أعلاه عدد 31د. صورة طبق الأصل لجانب وزارة العدلية بيروت في 21 كانون الثاني سنة 1948 مدير عام رئاسة مجلس الوزراء".
الموقع المتميز
جاء احتلال مزارع شبعا ليؤكد أن أراضي لبنان ومياهه، هي في صلب الأطماع الصهيونية الإسرائيلية، التي تتذرع بها لتنفيذ أي عدوان، وهو ما كان بعد عدوان حزيران 1967، حيث تذرعت "إسرائيل" - آنذاك - أن رئيس وزراء لبنان رشيد كرامي بعث برسالة تضامن إلى دول المواجهة في 31 تموز 1967، فسارع وزير خارجية "إسرائيل" في 14 آب 1967 إلى إلغاء اتفاقية الهدنة مع لبنان من طرف واحد، فيما أكد لبنان استمراره التمسك بالاتفاقية.
15 مزرعة
تتمتع مزارع شبعا بموقع جغرافي فريد، تبلغ مساحتها حوالى 200 كلم2، وتمتد أراضيها من قمة الزلقة 2669م (أي ثاني أعلى قمة في جبل الشيخ) انحداراً إلى تل القاضي في سهل الحولة، ويبلغ معدل طولها من الشمال - الشرقي إلى الجنوب - الغربي 25 كلم، ومعدل عرضها 8 كلم من بلدة كفرشوبا شمالاً حتى بلدة جبانة الزيت.
تمتاز بمزروعاتها الغنية وتشتهر بمعاصر الزيتون والدبس وبآثارها التاريخية كالمغاور والآبار والنواويس.
تعود ملكية هذه الأراضي الى عائلات في شبعا وكفرشوبا والأوقاف الإسلامية السنية والروم الأرثوذوكس.
عدد هذه المزارع 15 مزرعة هي: مغر شبعا، زبدين، قفوة، رمتا، برختا التحتا، برختا الفوقا، مراح الملول، فشكول، خلة غزالة، رويسة القرن، جورة العقارب، بيت البراق، ضهر البيدر، الربعة ومشهد الطير.
احتلال مزارع شبعا على مراحل
أهمية هذه المنطقة الإستراتيجية جعلتها محطة أطماع الاحتلال الإسرائيلي، الذي نفذ احتلال مزارع شبعا اللبنانية على مراحل عدة بعد عدوان 5 حزيران 1967 - على الرغم من عدم اشتراك لبنان في هذه الحرب - وبلغت هذه المراحل 8، وفقاً الآتي:
1- صباح 15 حزيران 1967: اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي مزارع: مغر شبعا، خلة غزالة، ضهر البيدر، رويسة القرن، جورة العقارب وفشكول.
2- 20 حزيران: وسّعت قوات الاحتلال احتلالها ليصل إلى مزارع: قفوة، زبدين والرمتا.
3- 25 حزيران: اجتاحت قوات الاحتلال ما تبقى من مزارع شبعا، أي - الربعة، بيت البراق، برختا التحتا، برختا الفوقا ومراح الملول.
4- 26 منه: فجرت قوات الاحتلال جميع المنازل والآبار وزرائب المواشي في كل المزارع من مغر شبعا حتى مراح الملول.
5- في آب :1967: أحرقت قوات الاحتلال الحقول والبساتين وأجزاء واسعة من الغابات، ودمرت "مشهد الطير" وهو مقام النبي إبراهيم (عليه السلام).
6- في صيف عام 1972: أحاطت قوات الاحتلال هذه المزارع بالأسلاك الشائكة، وزرعت الألغام في المناطق الأخرى، ما أدى بحياة العشرات من أبناء شبعا وجرح المئات.
7- في العام 1985: أقامت قوات الاحتلال مستوطنتين ليهود "الفالاشا" في مزرعتي رويسة القرن وزبدين، ومنتجعاً سياحياً للتزلج في منطقة مقاصر الدود.
8- في نيسان 1989: أنذرت قوات الاحتلال سكان مزرعة بسطرة، التي أنشئت بعد الاحتلال الأول لمزارع شبعا، وطلبت منهم إخلاءها، وحين رفضوا، أقدمت قوات الاحتلال على إبعادهم بالقوة، وهدمت المنازل، وأحاطت هذه المنطقة بالشريط الشائك، وضمتها إلى المزارع الأربع عشرة المحتلة في العام 1967.
وبذلك تكون قوات الاحتلال قد اقتطعت ما نسبته 80% من خراج بلدة شبعا.